مسقط - عمان اليوم
شددت معالي الدكتورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار على أن الوزارة تتعامل بصرامة مع الشهادات الوهمية والمزورة، مشيرة إلى أن قانون التعليم العالي ما يزال قيد المُراجعة، وسيخرج بصورة تتواءم مع الهيكلة الجديدة للوزارة.
جاء ذلك خلال البيان الوزاري الذي ألقته معاليها أمام مجلس الشورى في جلسته الاعتيادية الرابعة عشرة لدور الانعقاد السنوي الثاني (2020 -2021) من الفترة التاسعة؛ حيث أكد أعضاء المجلس أهمية مواءمة تخصصات مؤسسات التعليم العالي مع احتياجات سوق العمل، بما يساهم في الحد من إشكالية تكدس أعداد الباحثين عن عمل في عدد من التخصصات، وطالبوا بأهمية دعم مجال البحث العلمي وتعزيز الاستثمار فيه، وضرورة إدراج تخصصات الثورة الصناعية الرابعة، والذكاء الاصطناعي في التدريس بمؤسسات التعليم العالي.
6 محاور
وتطرقت معالي الدكتورة الوزيرة في بيانها إلى 6 محاور رئيسة، تمثل المحور الأول في سياسات الوزراة في كل من التعليم العالي وسياساتها في البحث العلمي والابتكار في ضوء رؤية عُمان 2040، وكذلك سياسات المواءمة بين تخصصات التعليم العالي في المؤسسات الحكومية والخاصة واحتياجات سوق العمل. وسلطت معاليها الضوء على أرقام وإحصائيات الوزارة، وقالت إنَّ عدد مؤسسات التعليم العالي في السلطنة للعام الأكاديمي (2020 /2021) بلغ 47 مؤسسة، منها 19 مؤسسة حكومية، و28 مؤسسة خاصة، و416 مؤسسة تدريب مهني خاصة، كما بلغ عدد الخريجين من مؤسسات التعليم العالي داخل السلطنة وخارجها 23816 خريجًا وخريجة في العام الأكاديمي (2019/ 2020)، وشكلت الإناث نسبة 60% منهم. ولفتت المحروقية إلى أن مسح الخريجين لعام 2019 أظهر أنَّ نسبة توظيف الإناث بلغت 8.8% في حين كانت نسبة توظيف الذكور 39.5%. وأبرزت معاليها خلال البيان جهود الوزارة لتحقيق المواءمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل، إلى جانب الحديث عن سياسات الاعتماد الأكاديمي المؤسسي والبرامجي في المؤسسات الحكومية والخاصة، وسياسات التعاون الدولي الذي تقوم به الوزارة في مجال التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.
قانون التعليم العالي
وحول مشروع قانون التعليم العالي، أوضحت معالي الدكتورة أنه جرى مراجعة القانون سابقًا، وبعد إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وإلغاء مجلس التعليم وتغيير مسمى الوزارة وضم الكليات المهنية وقطاع البحث العلمي والابتكار إليها وإنشاء جامعة التقنية والعلوم التطبيقية، كان من اللازم مراجعة القانون مجددًا، ليعكس التغيرات المستحدثة؛ حيث جرى تشكيل لجنة بقرار وزاري لإجراء المراجعة وأخذ الاستشارات وجمع الآراء، وذلك تمهيداً للمضي قدماً في الإجراءات الأخرى المتبعة بشأن إصدار المراسيم السلطانية.
وتطرقت معاليها إلى "الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2040"، و"الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي والتطوير 2040"، إضافة إلى مواءمة كل من الخطة الاستراتيجية للتعليم والتدريب المهني (2016- 2025)، والاستراتيجية الوطنية للابتكار بالتوافق مع رؤية "عُمان 2040". وتحدثت معاليها عن الخطة الخمسية التاسعة وبرامجها التنفيذية لكل من قطاع التعليم العالي وقطاع البحث العلمي والابتكار وقطاع التدريب المهني. ولفتت المحروقية إلى تحديات تنفيذ خطط واستراتيجيات هذه القطاعات في ظل الأزمة الاقتصادية، وأكدت أن الوزراة واجهت الكثير من التحديات بسبب التخفيض السنوي للميزانيات الجارية لديوان عام الوزارة ومركز القبول الموحد. وأوضحت معاليها أن الاعتمادات المالية ببند البعثات الدراسية تعرضت لخفض ملحوظ، لافتة إلى وجود فروقات كبيرة بين المصروفات الفعلية والاعتمادات المالية، مضيفة أن من أبرز التحديات التي واجهت الوزارة في الميزانيات الإنمائية، عدم توافر الاعتمادات المطلوبة لبعض مشاريع الابتعاث الداخلي والخارجي، إضافة إلى تحديد سقف للصرف السنوي وهو أقل من المصروفات الفعلية.
البحث العلمي والابتكار
واستعرضت المحروقية آليات تفعيل البحث العلمي ودعمه في مؤسسات التعليم العالي على مستوى الهيئة الأكاديمية والطلبة، مشيرة إلى برامج وأنشطة دعم وبناء القدرات البحثية، لا سيما البرامج البحثية والبرامج البحثية الاستراتيجية. وتحدثت معاليها عن التحديات التي تواجه قطاع البحث العلمي والابتكار، وذكرت أنها تتمثل في تخفيض موازنات البحث العلمي والابتكار، وتعدد الجهات المختصة ذات العلاقة بالبحث العلمي والابتكار. واستنكرت المحروقية غياب التشريعات المحفزة لشركات القطاع الخاص على المساهمة في الإنفاق على البحث العلمي والتطوير، مضيفة أن من بين التحديات ضعف كفاءة الإنفاق، وضعف التركيز على المشاريع والمبادرات البحثية التطبيقية، والقابلة للاستثمار للقطاعات ذات الأولوية الوطنية. وأشارت معاليها إلى عدم تفرغ أغلب الباحثين كليا أو نسبيا لإجراء البحوث العلمية؛ وذلك لارتباطهم بالتعليم الأكاديمي أو الارتباط الوظيفي، إضافة إلى القصور في استثمار المعرفة العلمية والبحثية في تطوير شركات وتقنيات قادرة على المساهمة في الاقتصاد الوطني برغم وجود البنية الأساسية البحثية، ووجود قصور في التعاون المؤسسي بين الجهات ذات العلاقة.
التعليم والتدريب المهني
وأوضحت المحروقية أن الوزارة تشرف على 7 كليات مهنية، والكلية المهنية للعلوم البحرية بالخابورة، إضافة إلى 416 مؤسسة تدريبية خاصة في مختلف المحافظات. وقالت إن الكليات المهنية تُعنى بتوفير التدريب المهني في 3 مسارات: مسار الدبلوم المهني، ومسار التلمذة المهنية، ومسار الدورات التدريبية المهنية، مضيفة أن عدد التخصصات المطبقة بالكليات المهنية لمسار الدبلوم المهني بلغ 15 تخصصاً، وفي مسار الدورات التدريبية ومسار التلمذة المهنية 20 تخصصاً خلال العام الأكاديمي 2019 /2020.
وأكدت معالي الدكتورة الوزيرة أن قطاع التعليم والتدريب المهني شهد تطوراً ملموساً من حيث الزيادة في إجمالي الطاقة الاستيعابية للكليات المهنية والتي تقدم مختلف المسارات التعليمية والتدريبية والبرامج الهندسية والتجارية والزراعية والبحرية؛ حيث بلغ إجمالي العدد من الطلبة والمتدربين 5465 طالباً ومتدرباً في العام الأكاديمي (2017 /2018)، في حين بلغ العدد الإجمالي للطلبة والمتدربين في العام الأكاديمي (2020 /2021) نحو 5782 طالبًا ومتدربًا.
وأشار بيان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في مجال تعمين الهيئات التدريسية والإدارية في الكليات المهنية ومدى توافقها مع الخطط المعتمدة للتعمين، إلى أنه وبالتوازي مع تزايد أعداد الملتحقين بالكليات المهنية في مختلف محافظات السلطنة وفق احتياجات العملية التعليمية والتدريبية، نمت أعداد أعضاء الهيئة الأكاديمية والهيئة الإدارية لتصل إلى 553 و317 موظفا وموظفة على التوالي خلال العام الأكاديمي (2019 /2020)، وبلغت نسبة التعمين في الهيئة الأكاديمية 43.6%، في حين أن نسبة التعمين في الهيئة الإدارية بلغت 100%.
المؤسسات الخاصة
وأوضحت معالي الوزيرة أنه خلال الـ25 عاماً الماضية شهد قطاع التعليم العالي الخاص تطورًا ملموسًا، من حيث زيادة عدد مؤسساته، ونمو أعداد الطلبة المقيدين به، وزيادة أعداد البرامج الأكاديمية وتنوعها، وتعدد اتفاقيات الارتباط الأكاديمي ومذكرات التفاهم والتعاون مع جامعات عربية وأجنبية في مختلف المجالات العلمية والأكاديمية والبحثية؛ حيث إن العدد ارتفع من مؤسسة واحدة في العام 1995 ليصل إلى 28 جامعة وكلية في العام 2020؛ شملت 9 جامعات و19 كلية. وأضافت أن العام الأكاديمي (2018 /2019) شهد إنشاء أحدث جامعة خاصة من بين الجامعات القائمة وهي الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا، والتي جاءت نتيجة اندماج كلية كالدونيان الهندسية وكلية عُمان الطبية، وتضم الجامعة بعد الاندماج ثلاث كليات وهي: كلية الطب، وكلية الصيدلة، وكلية الهندسة). كما شهد العام 2018 إنشاء أحدث كلية خاصة من خلال ترفيع المعهد الوطني لتكنولوجيا السيارات إلى الكلية الوطنية لتقنية السيارات.
وأضاف البيان أن مواقع مؤسسات التعليم العالي الخاصة تتميز بتوزيعها الجغرافي الذي يغطي معظم محافظات السلطنة، بواقع مؤسسة أو مؤسستين في كل محافظة باستثناء محافظات مسندم والوسطى والظاهرة، والتي لا توجد بها مؤسسات تعليم عالٍ خاصة حتى الآن، مع العلم أن مجلس التعليم (سابقًا) وافق على إنشاء مؤسسة تعليم عالٍ خاصة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم بمحافظة الوسطى والتي يتوقع منها أن تكون ركيزة مهمة لتطوير وتنمية تلك المنطقة الواعدة، ويجري حاليًا استكمال متطلبات إنشاء هذه الكلية مع أحد المستثمرين العمانيين. ووافق المجلس في العام 2011 على إنشاء كلية خاصة في محافظة الظاهرة، إلا أن الوزارة لم تستلم أية طلبات جادة لإنشاء الكلية حتى الآن.
وبلغ عدد المقيدين في الدراسة بالمؤسسات التعليمية الخاصة في العام الأكاديمي (2019 /2020) 55827 طالباً وطالبة، ويشكل هذا العدد ما نسبته 43% من إجمالي المقيدين في مؤسسات التعليم العالي الأخرى بالسلطنة.
وأوضحت الوزيرة في بيانها أن برامج الدراسات العليا تمثل نسبة 29.6% من إجمالي البرامج الأكاديمية المطروحة بمؤسسات التعليم العالي الخاصة في عام 2020، وتغطي مجالات وتخصصات عديدة ومتنوعة.
القبول الموحد والابتعاث
وقالت المحروقية إن مركز القبول الموحد يسعى إلى دراسة وتقييم وتطوير الإجراءات المتبعة في نظام القبول الموحد عبر مجموعة من الإجراءات، وقد شهد المركز تطوراً في السياسات والإجراءات وفي الأنظمة والخدمات المساندة المقدمة للمستفيدين في مختلف البرامج التي يشرف عليها. وحول أنظمة الابتعاث الخارجي والمنح الداخلية، أوضحت المحروقية أن الحكومة ممثلة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار توفر سنويًا عددًا من المقاعد الدراسية لمخرجات دبلوم التعليم العام وما يعادله للالتحاق بالتعليم العالي. وفيما يخص معادلة المؤهلات والاعتراف؛ أشار البيان إلى أن دور الوزارة يرتكز في الاعتراف بمؤسسات التعليم العالي غير العمانية ومعادلة المؤهلات الممنوحة منها، ورصد حاملي الشهادات المزورة والمؤهلات الوهمية الصادرة من مؤسسات تعليم عالٍ وهمية غير معترف بها محلياً أو دولياً.
مداخلات ونقاشات
وتركزت مداخلات أصحاب السعادة أعضاء المجلس حول التشريعات والقوانين المنظمة لقطاع التعليم العالي، متسائلين عن قانون التعليم العالي المنتظر، كما تطرقوا إلى المواءمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل، والعلاقة الوثيقة بين تلك المؤسسات ومدى تلبيتها لمتطلبات سوق العمل ورفده بالقوى الوطنية المؤهلة وذلك وفقاً لاحتياجاته واحتياجات التنمية. وقدم أعضاء المجلس استفسارًا عن جهود الوزارة في مجال مهارات وكفايات القرن الـ21 والثورة الصناعية الرابعة والذي أظهر ضعفًا حسب نتائج مسح الخريجين. وأشارت معالي الدكتورة إلى أنه تم تنفيذ استفتاءات لتحديد التخصصات التي يحتاجها سوق العمل، وبناءً عليها تم تحديد التخصصات. لكنها قالت: "للأسف المعلومات التي تصل للوزارة عن سوق العمل المحلي واحتياجاته غير دقيقة". وأضافت معاليها أنه تم التواصل مع جهاز الاستثمار العماني الذي يضم ما يقارب 170 شركة لاستقراء مستقبل التخصصات المطلوبة.
وأعرب أعضاء المجلس عن استغرابهم من وجود 19 مؤسسة تعليم خاصة غير حاصلة على الاعتماد الأكاديمي، وتخرّج آلاف الخريجين سنويًا، مشيرين إلى أن ذلك يمثل قصورًا لدى الوزارة في هذا الجانب. وطالب أعضاء المجلس بدعم الطلاب من ذوي الإعاقة في مؤسسات التعليم العامة والخاصة. وأكد أصحاب السعادة خلال الجلسة على أهمية تشجيع المبتكرين وتقديم الدعم المادي والمعنوي للنهوض بأفكارهم وابتكاراتهم في مختلف القطاعات.
وتطرق أصحاب السعادة خلال مداخلاتهم إلى إشكالية التسرب الدراسي كإحدى أبرز المشكلات التي تواجه مؤسسات التعليم العالي. وفي هذا الجانب، أفادت معالي الوزيرة بأن التسرب لا يحدث في المؤسسات المحلية فقط؛ بل أيضًا لدى المبتعثين خارج السلطنة، وأكدت أن الوزارة تدرس هذه الأمر مع الحاجة لدعم الأسرة والمجتمع.
وخلال الجلسة اقترح أعضاء المجلس إنشاء جامعة خاصة لتدريس الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، وفي هذا الشأن أفادت معالي الوزيرة أنه تم توجيه الجامعات والكليات الخاصة لإدخال هذا التخصص ضمن تخصصاتها الأكاديمية.
وناقش أعضاء المجلس ارتفاع أعداد الشهادات المزورة والوهمية خلال الأعوام من (2014 -2020)، وعدم وجود تشريع حالي في السلطنة للتعامل مع حاملي الشهادات المزورة والوهمية. وتساءل أعضاء المجلس عن أسباب التأخر في تقديم واقتراح قانون أو تشريع للحد من زيادة حالات الرصد لأعداد الشهادات المزورة، بالرغم من تقديم مجلس الشورى خلال الفترة الثامنة والتاسعة من مسيرته اقتراحات تشريعية تُعنى بإصدار تشريع ملزم لمعادلة الشهادات العلمية الصادرة من الجامعات خارج السلطنة لتشمل كافة القوى العاملة في مختلف القطاعات العمل العماني بما فيها (القطاعات الخاصة والعسكرية والأمنية).
وتساءل سعادة عبد الله حمود الندابي عضو مجلس الشورى ممثل ولاية سمائل، عن دور الوزارة في إجراء بحوث علمية لاختراع لقاح عماني مضاد لفيروس كورونا، وردت معاليها قائلة إن هناك برنامج متعلق بجائحة كورونا وجرى تمويل مجموعة من البحوث، لكن المخصصات المالية لم تكن كافية إذ بلغت فقط 300 ألف ريال عماني، لافتة في هذا السياق إلى علمية إنتاج لقاح تحتاج إلى المليارات من الريالات والتي لا تستطيع السلطنة توفيرها خلال الفترة الراهنة.
قد يهمك ايضاً
وزيرة التعليم العمانية تبحث مجالات التعاون مع ممثلة منظمة الفاو