صورة لبركان إتنا

 قدمت اليونان القديمة على مرّ تاريخها, العديد من الفلاسفة الذين ساهموا بشكل فاعل في رقي البشرية عن طريق نظرياتهم ونقاشاتهم في مجالات عديدة كالأخلاق والجماليات والمنطق والعلوم الاجتماعية والسياسة والفنون وعلم النفس واللاهوت والتاريخ. في أثناء ذلك وعلى الرغم من هذا التاريخ الزاخر بالإنجازات الفكرية الخالدة.

تميز العديد من الفلاسفة اليونانيين بنمط حياتهم وطرق وفاتهم الغريبة. فبالإضافة إلى هرقليطس (Heraclitus) الذي التهمته الكلاب حيًا وخريسيبوس (Chrysippus) الذي مات من كثرة الضحك يذكر التاريخ اسم الفيلسوف إيمبيدوكليس (Empedocles) والذي أنهى حياته عن طريق قذف نفسه داخل فوهة بركان.

ينحدر الفيلسوف إيمبيدوكليس من منطقة أكركاس اليونانية والموجودة حاليًا في صقلية الإيطالية، حيث برز هنالك خلال القرن الخامس قبل الميلاد كواحد من أهم فلاسفة عهد ما قبل سقراط بفضل كتاباته والتي كانت فريدة من نوعها بسبب تدوينها في الغالب على شكل قصائد.

قدَّم إيمبيدوكليس خلال مسيرته الفلسفية الحافلة , العديد من النظريات، ولعل أبرزها نظرية العناصر الأربعة والتي اتفق عليها كل من أفلاطون وأرسطو لاحقا.

و يتكون العالم من أربعة عناصر ممزوجة مع بعضها بنسب متفاوتة بناءً على فلسفة إيمبيدوكليس ,وهذه العناصر هي التراب والنار والماء والهواء. ويؤكد هذا الفيلسوف اليوناني أهمية الحب والبغض كمحرك أساسي للعالم مبرزًا دورهما في مزج وعزل بقية العناصر.

و حاول إيمبيدوكليس تقدّيم عدد من النظريات لتفسير نشأة الكون وظهور الحيوانات والنباتات والأرض والقمر والشمس، كما اتجه الأخير لتفسير عمليتي التنفس والرؤية.
و تأثر إيمبيدوكليس كثيرًا بالفلسفة الفيثاغورسية والتي تنسب للفيلسوف وعالم الرياضيات فيثاغورس 

ونتيجة لذلك اعتمد الأخير على نظام غذائي نباتي، وآمن بنظرية استنساخ الأرواح وعودتها للحياة بجسد آخر. وفي الأثناء يربط العديد من المؤرخين المعاصرين بين إيمان إيمبيدوكليس بالاستنساخ ونهايته التعيسة في فوهة البركان.

و خسر إيمبيدوكليس الرهان، حيث أقدم البركان على لفظ فردة نعله لتذهب نظريته في مهب الرياح ويخسر حياته وسط ذهول جميع تلاميذه.