رام الله - وليد أبوسرحان
تستعد الساحة السياسيّة والعسكريّة الإسرائيليّة، للحرب المقبلة على قطاع غزة، فيما تُواصل فصائل المقاومة التحسّب لاندلاع العدوان في أية لحظة، الأمر الذي زاد من التنسيق في الآونة الاخيرة، ما بين فصائل المقاومة، وخصوصًا ما بين حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي".
وكشفت مصادر مُطلعة في "الجهاد الإسلامي"، لـ"العرب
اليوم"، الأربعاء، أن فصائل المقاومة تتحسب لانهيار التهدئة مع إسرائيل في أية لحظة، وتراقب ما يجري من استعدادات إسرائيلية للحرب المقبلة على أرض الواقع، وإمكان أنها تُخطط لشن حرب بريّة في القطاع، بعد قصف جوي عنيف ومكثف، بحجة تدمير راجمات صواريخ فلسطينية، مشيرة إلى إجراء تدريبات للجيش الإسرائيلي على مدن فلسطينية داخل الأراضي المحتلة عام 1948، تُحاكي خلالها إمكان خوض الحرب وسط المناطق السكنية في قطاع غزة.
وأفادت حركة "الجهاد"، أن اتفاق التهدئة مع إسرائيل هشّ، وقد لا يدوم طويلاّ، أمام ما وصفتها الحركة بالانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.
ويواصل جيش الاحتلال، التدريب على شن حرب على غزة، حيث زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برفقة وزير الدفاع، الثلاثاء، القوات الإسرائيلية المرابطة على الحدود مع غزة، مشددًا أمامها على أن "حماس" تصنع الصواريخ وتُخزنها في البنيايات السكنية في القطاع، وذلك لتهيئة قوات الاحتلال نفسيًا لاستهداف الأبنية السكنية في القطاع في أية حرب مقبلة، بدعوى أن تلك الأبنية تستخدمها فصائل المقاومة لتخزين العتاد الحربيّ.
وقال نتنياهو أمام جنوده، الذين خاطبهم على الحدود مع غزة، إن إسرائيل سترد بقوة متناهية على حوادث اطلاق النار من قطاع غزة باتجاه جنود جيش الاحتلال ومواطني إسرائيل، وأن حركة "حماس" تواصل تسليح نفسها بطرق مختلفة، وأن إسرائيل لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي في حال تعرضت إلى أي هجوم.
وجاءت كلمات نتنياهو، وهو بجانب وزير الجيش الإسرائيلي موشيه يعلون ومسؤول المنطقة الجنوبية سامي ترجمان، خلال زيارتهم لحدود القطاع، للاطلاع على الأوضاع الأمنية في الذكرى الأولى لعملية "عامود السحاب" ضد القطاع، في 14 تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، حيث أضاف "منذ العملية الأخيرة ضد القطاع ونحن نحقق قوة ردع كبيرة، هناك انخفاض بنسبة 98% في عمليات إطلاق الصواريخ وحققنا رادعًا كبيرًا، ولكن نحن لا يمكن أن نخدع أنفسنا، ونعلم نحن أن (حماس) تستمر في تسليح نفسها وتدعم ترسانتها العسكرية تحت الأرض في الأنفاق، وعلينا أن نجد حلولاً لهذه التهديدات كافة، وعلينا السعي إلى تحقيق قوة ردع أكبر، ولن نتسامح مع أية محاولة للهجوم ضد بلداتنا، عملنا على إغلاق الحدود مع سيناء، ونجحنا بشكل كبير في إغلاقها لمنع الهجمات التي تكررت في السنوات الأخيرة، ولم تكن هناك أية هجمات في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وهذا نجاح كبير يُسجّل للحكومة والجيش والمخابرات وغيرها من النظم التي شيدت هذا النظام الكبير، وسنواصل حربنا على الإرهاب، والاستمرار في عملية الردع ليس في هذا القطاع فقط، بل ملتزمون بذلك في كل مكان من حدودنا وأمننا".
واتفقت إسرائيل والفلسطينيون على التهدئة بوساطة مصرية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بعد قتال استمر ثمانية أيام، قُتل فيه 170 فلسطينيًا وستة إسرائيليين، وشنت إسرائيل هجومها العام الماضي بهدف مُعلن، وهو وضع نهاية لإطلاق الصواريخ الفلسطينية على أراضيها.
ويسود اعتقاد لدى الفلسطينيين، بأن إسرائيل قد تلجأ إلى عمل عسكريّ في قطاع غزة إذا ما انهارت مفاوضات السلام مع الرئيس محمود عباس، في ظل تصاعد الاستيطان، وذلك لحرف الأنظار عن انهيار محادثات السلام بتسليط الضوء أمام الرأي العام العالمي على انهيار التهدئة مع فصائل المقاومة في قطاع غزة وإشعال الحرب هناك.
وأكد نائب الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" زياد النخالة، المُقيم في دمشق، "نحن لم نوقّع تهدئة مع إسرائيل على امتداد فلسطين، والتهدئة كانت تخص قطاع غزة، وهي لا تعني استسلام الشعب الفلسطيني وإنهاء حالة المقاومة، فما يحدث في الضفة الغربية والقدس يأتي في سياق التزام الشعب الفلسطيني بمقاومة الاحتلال، كذلك التهدئة في قطاع غزة، ليست حالة أبدية، بل هي مرحلة اقتضتها الظروف ومرتبطة بمدى التزام العدو بها، لذلك أمام الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة في القطاع، فأرى أن التهدئة الحالية هشّة، والمقاومة تعتبر أن استمرار الوضع كما هو عليه قد لا يستمر طويلاً".
وبشأن ما إذا كان عزل الرئيس السابق محمد مرسي، قد أثّر على التهدئة، قال النخالة، "توقيع الاتفاق تمّ برعاية مصرية، ومصر باقية حتى لو تغيّر الرؤساء، نعم مرسي لعب دورًا مهمًا في خلق الظروف من أجل التوصل إلى اتفاق، ولكن التزامنا بالتهدئة كان في موقفنا الذي أعلناه يوم توقيعها فهو مرهون بقدر التزام العدو، بغض النظر عن فهم الأطراف الراعية لهذا الاتفاق، وخصوصًا أنه كان لأكثر من دولة إقليمية دور في دفع الأمور باتجاه وقف إطلاق النار".
وكانت مصر قد توسّطت أيضّا في اتفاق للمصالحة الفلسطينية بين حركتي "حماس" و"فتح" التي يتزعمها عباس في العام 2011، ولكنه لم يدخل حيز التنفيذ، ويتعامل الجيش المصري مع حركة "حماس" الآن على أنها تُشكل تهديدًا أمنيًا