رئيس الوزراء العراقيّ نوري المالكي

استبعد رئيس الوزراء العراقيّ نوري المالكي، شنّ هجوم عسكريّ على الفلوجة، لتجنيب المدينة المزيد من المذابح، ومنح العشائر السنيّة الوقت لطرد المقاتلين المرتبطين بتنظيم "القاعدة"، في الوقت الذي شهدت فيه محافظة الأنباروقوع اشتباكات عنيفة، وسط تحليق طيران الجيش فوق الرمادي، وسقوط قذائف "هاون" فوق الأحياء السكنيّة ، فيما وصل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى بغداد، الإثنين، في زيارة رسميّة، لبحث الأوضاع الأمنيّة والسياسيّة، في ظل دعوات إلى زيارة قضاء طوزخورماتو، تزامنًا مع إعلان عشائر قضاء الشرقاط في محافظة صلاح الدين، "ثورتها وانتفاضتها" ضد تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام".
وأفاد رئيس الحكومة العراقيّة، لوكالة "رويترز" في مقابلة في بغداد، أنه "لن يشنّ هجومًا عسكريًا على الفلوجة، ونريد أن ننهي هذا الوجود بلا دماء، لأن أهل الفلوجة عانوا كثيرًا"، في إشارةٍ للهجمات المُدمّرة التي شنتها القوات الأميركيّة لطرد المُسلّحين في العام 2004، مضيفًا "إنه طمأن أهالي الفلوجة بأن الجيش لن يهاجم المدينة، لكنه أبلغهم بضرورة استعادتها من المقاتلين الذين اجتاحوها في أول كانون الثاني/يناير الجاري، وهناك تجاوب جيد من أبناء عشائر الفلوجة، وإن الجيش سيُبقي على حصار الفلوجة التي تبعد 70 كيلومترًا إلى الغرب من بغداد، لمنع المقاتلين من استخدامها قاعدة للهجمات، ولا يهمنا الوقت حتى وإن طال، المهم ألا تُضرب المدينة، وألا يُقتل أبرياء بجريرة هؤلاء المجرمين".
وأشار المالكي، إلى أن واشنطن تُطلع بغداد على معلومات مخابرات وصور بالأقمار الاصطناعيّة لمعسكرات تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، القريبة من الحدود مع سوريّة في الأنبار.
وأكد مسؤول عراقيّ، أن بان سيبحث مع المسؤولين الحكوميين والقادة العراقيين، في الأحداث الجارية في الأنبار، والتطوّرات السياسيّة، فضلاً عن الأوضاع في سوريّة، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، قبيل توجهه إلى بغداد، الحكومة العراقيّة إلى تحمّل مسؤوليتها واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية شعبها من الإرهاب.
ودعت حملة "الإبادة الجماعيّة" (حشد)، إحدى المُنظّمات الإنسانيّة المحليّة، الأمين العام بان كي مون، إلى زيارة قضاء طوزخورماتو أثناء تواجده في بغداد، وقالت في بيان لها، حصل "العرب اليوم" على نسخة منه، "إن ما يتعرض له القضاء وابناء الشعب العراقيّ عمومًا، هو إبادة جماعيّة، وينبغي على الأمم المتحدة إدراج ما يشهده العراق من تفجيرات واعمال عنف على لائحة جرائم الإبادة الجماعية، بحسب الميثاق الأمميّ"، مشيرة إلى أن "الزيارة تأتي في توقيت مهم للغاية، يجدر بالعراق استغلاله لكسب التعاطف الدوليّ، وممارسة الضغط على الدول الداعمة للإرهاب بشكل أكبر".
وناشدت الحملة، الأمين العام للأمم المتحدة، بزيارة قضاء طوزخورماتو، للاطلاع عما يتعرض له بشكل شبه يوميّ لأعمال عنف وتفجيرات، وفتح ملف الدول الداعمة للإرهاب في العراق، وفرض عقوبات رادعة ضدها، مؤكدة أن "زيارة بان ستترك أثرًا إيجابيًا ومعنويًا للفت الأنظار إلى حجم الهجمة الشرسة والإبادة الجماعية المُنظّمة التي يتعرّض لها القضاء".
وقد تعرّض قضاء طوزخورماتو شمال العراق، مساء الأحد، إلى تفجيرين بالقرب من ملعب لكرة القدم، اسفر عن مقتل وإصابة العشرات، في إطار سلسلة الهجمات التي يشهدها القضاء منذ 10 سنوات.
وأعلنت عشائر قضاء الشرقاط شمالي محافظة صلاح الدين، الاثنين، "ثورتها وانتفاضتها" ضد تنظيم "داعش"، لتعطيله المشاريع، ومنعه الطلبة من الذهاب إلى مدارسهم، مؤكدة أنها "ستعمل بطريقة استخباراتيّة سريّة لملاحقتهم وكشفهم"، مطالبة بـ"تعزيز قُدراتها بتشكيل سرية للجيش وتوفير السلاح والعتاد".
وأكد مجلس المحافظة، أنه "سيتخلى عن مشاريع خدمية لتعزيز الجانب الأمنيّ، ودعم موقف العشائر"، وشدّد على ضرورة "عدم استخدام اسم المُسلّحين كونهم إرهابيين يستهدفون أبناء المحافظة".
وقال رئيس مجلس محافظة صلاح الدين، أحمد عبدالجبار الكريم، في كلمة خلال اجتماع أمنيّ عُقد في قاعة المناسبات وسط قضاء الشرقاط، ضم رئيس مجلس المحافظة ونائبه وقائد الفرقة الرابعة من الجيش ومدير الشرطة فيها، وعددًا من شيوخ ووجهاء عشائر القضاء، "إن المجلس يدعم موقف أهالي قضاء الشرقاط، وثورتهم ضد الجماعات المُسلّحة، وطرد الخوف من النفوس ومساندة القوات الأمنيّة لإحلال الأمن والاستقرار، وأن حكومة المحافظة تقف مع الجهود الرامية إلى سيادة القانون وحماية ممتلكات وأرواح المواطنين".
وأعرب الكريم، عن استيائه من "حالة الخمول والغموض التي تتسم بها مواقف بعض المناطق، إزاء ما يجري من أعمال إجرامية ترتكبها جهات بدافع التخريب والانسياق وراء أجندات خارجية، لا تريد لمدن المحافظة الاستقرار، ولا حتى ذهاب ابنائهم إلى مدارسهم للتعليم ونشوء أجيال واعية"، موضحًا أن "المجلس سيدرس موضوع التخلي عن بعض المشاريع الخدمية، مقابل تعزيز الجانب الأمنيّ، وأنه سيوفّر السلاح والعتاد من خلال قوات الجيش والشرطة في المحافظة، لمساندة أبناء العشائر الذين سيقفون معنا في الحرب ضد الإرهاب، وأن المجلس يدرس مع المؤسسات الامنية، خططًا جديدة للحيلولة من دون السماح للجماعات المُسلّحة الهاربة من الأنبار، بالتسلّل إلى مُدن صلاح الدين، وخصوصًا المناطق الغربية من قضاء بيجي".
وشدّد رئيس مجلس محافظة صلاح الدين، على ضرورة "عدم الخوف من المُسلّحين بعد الآن، أو استخدام اسم المُسلّحين بدلاً من "الإرهابيين"، كونهم يستهدفون أبناءنا وبناتنا.
وطالب الشيخ محمد أحمد الصالح ،على هامش الاجتماع، بـ "توفير السلاح والعتاد وقوة بحجم سرية من الجيش للانتشار في منطقة الساحل الأيسر، بدلاً من اللجوء إلى استقدام قوات البيشمركة، إلى جانب زيادة تخصيصات الوقود للسيارات المستعملة من قبل المجاميع المكلفة بالمهام"، لافتًا إلى أن "العمل سيكون بطريقة استخباريّة سريّة أكثر من الوقوف على الشوارع في نقاط تفتيش لمُلاحقة تحركات الجماعات المسلّحة، كما سيتم تعزيز التعاون مع المؤسسات الأمنية، أن الذي لا يتعاون معنا فهو مساند للإرهاب، ومشكلتنا الرئيسة هي المجاملات والتردد".
وافاد مصدر أمنيّ في محافظة الأنبار، الإثنين، بوقوع اشتباكات وصفها بـ"العنيفة" في مناطق عدة من المحافظة، وتحليق طيران الجيش فوق الرمادي، وسقوط قنابل "هاون" فوق أحياء سكنيّة، موضحًا أن عددًا من مناطق المحافظة شهد وقوع اشتباكات عنيفة بين مُسلّحين من جهة، وقوات أمنيّة مدعومة بالجيش العراقيّ من جهة اخرى.
وأشار المصدر، إلى أن "شارع 60" الذي استعادته الشرطة من سيطرة المُسلّحين، الأحد، شهد اشتباكات عنيفة، وقصفًا مدفعيًا، بين مجاميع مُدجّجة بالسلاح، والأمن المحليّ، وأن طيران الجيش حلّق فوق غالبية الأحياء السكنية في وسط الرمادي، وسقطت قنابل "هاون"، بـ"شكل عشوائيّ" في شوارع أحياء عدة، واستهدفت بعض المنازل، مضيفًا أن مقر اللواء الثامن للجيش العراقيّ في منطقة التأميم غرب الرمادي، تعرّض إلى قصف بـ4 قذائف "هاون"، بينما شهدت منطقة "البو بالي" اشتباكات عنيفة.
وأكدت مصادر في الشرطة العراقيّة، أن ضابطًا وثلاثة من عناصر الشرطة، قُتلوا في تفجير عبوة ناسفة، عندما بدأوا اقتحام جزيرة الخالدية شرق الرمادي (110 كلم غرب بغداد)، موضحًا أن "مدير مركز شرطة التحرير العقيد رحيم السويداوي قُتل هو وثلاثة من أفراد حمايته، في الانفجار ، وأن العبوة كانت مزروعة على جانب الطريق، أثناء بدء عملية اقتحام جزيرة الخالدية بمشاركة الجيش العراقيّ".