واشنطن ـ يوسف مكي يواجه الجندي الأميركي برادلي مانينغ، المتهم بتسريب وثائق  دبلوماسية وعسكرية إلى موقع "ويكيليكس"22 اتهامًا يمكن أن تسفر عن "سجنه مدى الحياة"، فيما يطالب محاميه مايكل رانتر، بإسقاط الدعوى ضده، على أساس "العقوبات غير القانونية والمحظورة التي تعرض لها قبل محاكمته"، فيما ترشح مانينغ لأن يكون رجل العام على غلاف مجلة "تايم" الأميركية.
والتاريخ لن يرحم الجيش الأميركي بسبب سوء معاملته للجندي، المتهم بالقيام بـ"أضخم عملية تسريب استخباراتية في تاريخ الولايات المتحدة".
وعمل مانينغ محللاً استخباراتي في الجيش الأميركي للمعلومات "السرية للغاية"، ضمن الفريق الذي عمل في العراق، وخلال نيسان/ أبريل من العام 2010 قام موقع "ويكيليكس" بنشر تسجيل فيديو يخص طائرة أميركية من طراز أباتشي، أثناء قيامها بقتل العديد من المدنيين العراقيين في بغداد، بمن فيهم 2 من العاملين في وكالة "رويترز" للأخبار.
وبعد شهر من تلك الواقعة تم إلقاء القبض على برادلي مانينغ، بتهمة "تسريب الفيديو ومئات الآلاف من الوثائق الأميركية"، ومنذ تلك اللحظة بدأت محنته ورحلته مع القسوة والمهانة والذل في سجن انفرادي، والتعذيب داخل معتقلة سواء في الكويت أو في السجن العسكري في ولاية فيرجينيا. وإزاء موجة الاستنكار العالمي اضطر الجيش الأميركي إلى نقله إلى معتقل أقل تعسفًا وإهانة في ولاية تكساس.
ويواجه مانينغ، محاكمة عسكرية بـ22 اتهامًا يمكن أن تسفر عن "سجنه مدى الحياة"، فيما يطالب محاميه مايكل رانتر، بإسقاط الدعوى ضده، على أساس "العقوبات غير القانونية والمحظورة التي تعرض لها قبل محاكمته".
وعما وصفه بأنه "اللحظة التاريخية" التي وقف فيها مانينغ، متحدثًا عن نفسه للمرة الأولى منذ اعتقاله قبل عامين، قال محاميه مايكل رانتر:" إن المشهد في قاعة المحكمة كان دراميًا عندما بدأ ينطق برادلي بشهادته أمام المحكمة، فقد كانت كلماته التي خرجت من فمه دون عصبية، محركة لمشاعر جميع من كانوا في القاعة.. لقد استطاع أن يصف بالتفصيل الدقيق كل ما تعرض له من فظائع على مدار عامين، وكانت ألفاظه معبرة وواضحة وبارعة، وكان على وعي بكل كلمة ينطق بها".
وقال رانتر، أمام المحكمة:" إنهم احتجزوه داخل قفص أثناء فترة اعتقاله في الكويت مثلما الحيوانات، على سرير صغير بمرحاض، في أجواء مظلمة، واستمر هذا الحال ما يقرب من شهرين، ووصل به الأمر إلى التوقف عن احتساب الأيام، ولم يعد يعرف الليل من النهار داخل محبسه، وأن العالم من حوله بات غاية في الصغر والضآلة". وأكد المحامي، أن "هذا الوضع دمره تقريبًا".
وتابع المحامي رانتر:"بعد فترة الاعتقال في الكويت تم نقل مانينغ إلى سجن في كوانتيكو في ولاية فيرجينيا، والمعاملة التي تلقاها هناك سوف تظل محفورة إلى الأبد في ذهنه، وهذه المعاملة لم تكن تتسم فقط بالحماقة، وإنما أيضًا كانت بمثابة جريمة"، بينما قال رانتر:" إن مقرر لجنة التعذيب التابعة للأمم المتحدة خوان مينديز، حاول زيارته إلا أنه تراجع عندما طلب الجيش الأميركي بمراقبة وتسجيل الزيارة. ووصف الحبس الانفرادي بأنه إجراء قاس، ويمكن أن يتسبب في إصابة السجين بأضرار نفسية خطيرة، كما يمكن أن يلحق به أضرارًا فسيولوجية معاكسة مهما كانت حالتهم الصحية".
وقد علق عدد من المسؤولين الرسميين على "المعاملة الوحشية" التي تعرض لها مانينغ، بالقول:" إنها لم تكن ضرورية لاحتمالات إقدامه على الانتحار، إلا أن السلطات العسكرية تجاهلت ذلك، وقررت السير في اتجاه بعينه".
في المقابل يرى، بعض الخبراء أن "هذا الأسلوب في الدفاع عن مانينغ لن يُسقط التهم عنه، وقد ينجح في إسقاط فترة ست سنوات من مدة السجن، على أساس خصم 10 أيام عن كل يوم تعرض فيه إلى التعذيب في الكويت وكوانتيكو".
وقد عرض مانينغ، الاعتراف بالذنب بشأن تهمة تسريب الوثائق، ولكن ليس بشأن التهم الأخرى الأكثر خطورة المتعلقة بـ"التجسس" أو "التعاون مع العدو".  
ويوافق 17 من كانون الأول/ ديسمبر الجاري عيد ميلاد مانينغ الـ25، كما أنه يوافق الذكرى الثانية لقيام المواطن التونسي بوعزيزي بحرق نفسه، احتجاجا على الفساد في الحكومة، كما أنه المواطن الذي اختارته مجلة "التايم" العام الماضي ليكون رجل العام، وهناك من يرغب في منح مانينغ لقب "رجل العام" على غلاف مجلة "التايم".