افتتح برنامج "سينما العالم"، في الدورة التاسعة من مهرجان دبي السينمائي الدولي، أول من أمس، بفيلمين عالميين، الأول "سيرك الشمس"، الذي نقل من المسرح إلى الشاشة الكبيرة بتقنية الأبعاد الثلاثية، وهو للمخرج أندرو أديمسون، وبطولة إيغور واريكا لينز، والثاني فيلم "هيتشكوك" للمخرج ساشا جيرفاسي، وبطولة أنطوني هوبكينز وهيلين ميرين وسكارليت جوهانسن، ويحكي سيرة صانع فيلم الرعب "سايكو" ألفريد هيتشكوك. أنطوني هوبكينز، اسمه يكفي للفت انتباه أي مشاهد يبحث عن القيمة الفنية في الأداء، ليكون شباك التذاكر شاهدا على اكتظاظ الجمهور، حتى لو صعب عليهم لفظ اسم الفيلم. "ماذا لو صنع أحد ما فيلم رعب جيداً؟"، يسأل ألفريد هيتشكوك، الذي أدى دوره هوبكينز زوجته ألما ريفيل، التي أدت دورها هيلين ميرين في بداية مشاهد الفيلم، إذ إن الفيلم الذي يقصده هيتشكوك هو فيلم "سايكو"، الذي أنتج عام ‬1960، ويعد من أهم أفلامه التي وضعته مخرج أفلام رعب من الدرجة الأولى. قصة فيلم "هيتشكوك" ليست حول الفيلم، بل حول الظروف التي أدت إلى صناعة هذا الفيلم، وعلاقته مع زوجته التي ظهرت في الفيلم قوة داعمة لكل فكرة تدور في خلد زوجها، ضمن علاقة عشق من نوع خاص لا ندية فيها، فهي متزوجة من عبقري، وهو يعتبر نفسه متزوجا من امرأة قادرة على بث طاقة إيجابية، لتنفيذ مشروعاته، حتى لو لم يتوافر المال، إذ إن مغامرات هيتشكوك النسائية تبذر إيرادات أفلامه الناجحة السابقة، مثل فيلم "شمال في شمال غرب"، الذي تستمر أحداثه في البحث عن آلية لتنفيذ "سايكو"، الذي سيطر على كل تفكيره. الحركة مملوءة بتعبيرات، استطاع هوبكينز أن يجسدها، كأنه "مايسترو" يقف أمام فرقة موسيقية، هي صوته ورجفة أصابعه وعيناه الحالمتان، إنه هو هيتشكوك، لمن تتبع سيرته أو رأى صوره الشخصية، أما هيلين ميرين فقد أدت دور المرأة البسيطة، التي تخفي ذكاءها أمام إيمانها المطلق بعبقرية زوجها، وتحملها حبه للشقراوات، وهي صاحبة الشعر الأحمر. يتعرض هيتشكوك لرفض من قبل شركات الإنتاج، التي لم تقتنع بقصة الفيلم، فيلجأ إلى إقناع زوجته باستثمار مواردهما الخاصة، لتنتقل المشاهد إلى تسليط الضوء على العلاقة بينه وبين زوجته، التي دامت ‬34 عاما، لكن ثمة غيمة سوداء تخيم على المنزل، خصوصا بعد المجازفة الكبيرة التي وافقت عليها، بالاستغناء عن رصيدهما المالي. هذا الترقب الذي ينتظر لحظة افتتاح الفيلم، أثر كثيرا في جو منزلهما، فتزداد حدة الزوجة، بعد تعرفها إلى كاتب السيناريو الذي اعتبرته أحمق، إذ إن تفاصيل إنتاج "سايكو" ـ بكل حذافيرها ـ حاضرة في الفيلم من دون مشاهدة لقطة واحدة منه، الصد والرد والغضب والفرح، والقلق والأمل، كل هذا موجود، ويعيشه المشاهد حتى يشعر بنفسه مشاركا في الأحداث، لكن مع كل هذا التوتر، الذي يخففه ربما ظهور البطلة التي اختارها هيتشكوك، وهي جانيت لي، التي أدت دورها سكارليت جوهانسن، في دور بمساحة صغيرة، لكن تأثيره كان قويا. تأتي اللحظة التي نرى فيها هيتشكوك يقف خارج صالة العرض في يوم الافتتاح المنتظر، يراقب بأذنه ردود فعل الجمهور، ويبدع هوبكينز في هذا المشهد كثيرا، لدرجة أنه يتحول فجأة إلى "مايسترو" يحاول ضبط النغمات، فهناك صراخ من الجمهور لكثرة المشاهد الدموية في "سايكو"، لكن هيتشكوك يبتسم لهذه الصرخات، فيزيد من تعبيرات وجهه وحركات يديه، تأففات وخروج من القاعة تزيد من نشوته وشعوره بتحقيق الهدف المراد منه. وفي مشهد ختامي لم يصل إلى الدقيقة، تنتهي فيه أحداث فيلم سيرة حياة هيتشكوك.