بيروت ـ جورج شاهين
اعتبر رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط أن المجتمع الدولي خطا خطوة تاريخية غير مسبوقة إلى الأمام، من خلال الاعتراف بدولة فلسطين التي تغاضى عن وجودها وحقوقها طوال العقود الست الماضية. وبعد 64 عامًا من صدور قرار التقسيم الشهير الذي رُفض من العرب وإسرائيل على حدٍ سواء، وبعد حروب وصراعات دامية وإغتيالات وقتل وتهجير وتدمير، وبعد سقوط عشرات الآلاف من الضحايا من الشعبين اليهودي والفلسطيني. أدلى جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة "الأنباء" الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي مما جاء فيه: لقد أسقط هذا التصويت على إعلان الدولة النظريات الصهيونية التي لطالما تنكرّت حتى لوجود الشعب الفلسطيني تحت شعار أنها أتت إلى أرض بلا شعب، وأثبت أن هناك شعبًا فلسطينيًا، ويتمتع بحقوق وطنية سُلخت منه منذ سنوات طويلة. هذا الاقرار الذي قدمه المجتمع الدولي، باستثناء الفيتو الأميركي المعهود والحاضر دائمًا للدفاع عن إسرائيل ومصالحها، لسبب ضغوطات اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وباستثناء الامتناع عن التصويت من بعض الدول الكبرى الأخرى، وهو تصرف غير مفهوم؛ كل ذلك أنتج منعطفًا جديدًا في الصراع العربي - الإسرائيلي. إن هذا القرار التاريخي الذي جسّد حلم وأمنية الرمز الوطني الفلسطيني ياسر عرفات، وعكس خطابه التاريخي في الأمم المتحدة سنة 1974، الذي قال فيه أن يحمل بيدٍ غصن الزيتون وبيده الأخرى البندقية، جاء ليؤكد أن كل المغامرات والحروب العسكرية الاسرائيلية التي هدفت إلى تطويع الشعب الفلسطيني أثبتت عقمها، وأنه لا مفر من حل الدولتين، فكأن القرار الأممي الأخير جاء ليعيد الاعتبار لقرار التقسيم بعد مضي كل هذه السنوات. وإذا كان هذا القرار يحقق أمنية عرفات، فإنه يتقاطع أيضًا مع رغبة مؤيدي السلام في إسرائيل، وفي مقدم المفكر الكبير يوري أفنيري، الذي لطالما ناضل في سبيل السلام والتعايش، وكتب في هذا الاتجاه، وآخر ما كتبه شكل احتفاء يوازي الاحتفال الفلسطيني، بما تحقق من مكسب سياسي وقانوني وتاريخي كبير. وقال جنبلاط: إن هذا القرار من شأنه أيضًا أن يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح ويتيح للفلسطينيين متابعة النضال لقيام دولتهم المستقلة، بعيدًا عن الشعارات الطنانة الفارغة، التي قالت بها أنظمة الممانعة، وتحدثت عن تحرير فلسطين من البحر إلى النهر فيما لم تحرك ساكنًا على جبهاتها المحتلة منذ عقود، بينما شجعت الحروب المستمرة التي لا تنتهي في الساحات الأخرى، وتغاضت عن حقوق شعوبها المشروعة. لقد آن الأوان للشعب الفلسطيني أن يخرج من سندان آلة الارهاب الصهيونية ومطرقة بعض التنظيمات الإرهابية التي التحقت بأنظمة الممانعة، واستُخدمت من قبلها لأهداف هي أبعد ما تكون عن تحرير فلسطين، واغتالت شخصيات ورموزًا وطنية من أمثال صلاح خلف (أبو إياد) وهايل عبد الحميد (أبو الهول) وعصام السرطاوي وسواهم من المناضلين الفلسطينيين، فضلاً عن العشرات من العمليات الإرهابية في عدد من العواصم والمطارات حول العالم! أضاف: إن الصراع العربي- الاسرائيلي أمام منعطف تاريخي، والنضال الوطني الفلسطيني سيستمر لنيل الحقوق السياسية والإنسانية والاجتماعية، ولعل هذا القرار يؤسس لتكريس وتعزيز المصالحة الفلسطينية الداخلية، والخروج من حالة الانقسام السابق بهدف رسم رؤية موحدة لكيفية التعاطي مع المرحلة المقبلة، واستثمار هذا النصر الدبلوماسي المهم على مختلف المستويات. على صعيد آخر، وخلال جولة قام بها النائب وليد جنبلاط على عدد من المرجعيات الروحية لطائفة "الموحدين الدروز" في منطقتي عاليه والمتن، تطرق إلى شؤون وشجون الطائفة، إلى جانب الأوضاع الداخلية والجهود التي تبذل على أكثر من صعيد، من أجل حفظ الاستقرار، وحماية السلم الأهلي، ودرء الفتنة، مشددًا على "العودة إلى التهدئة السياسية والاعلامية للحد من التوتر في الشارع، والتركيز على الحوار بين جميع الأفرقاء، كسبيل وحيد لمعالجة المشكلات القائمة، وتجاوز المرحلة الراهنة بالحد الأدنى من التضامن". وقد أبدت المرجعيات الروحية التي التقاها جنبلاط "تقديرها للمواقف الحكيمة والعقلانية، وتنويهها بوقوفه في الخط السياسي الوسطيّ، وإطلاقه المبادرة السياسية الأخيرة، من أجل صون الوطن وحماية استقراره وأمنه الاجتماعي".