امريكا

 حالة انقسام سياسي غير مسبوقة تشهدها الولايات المتحدة الأميركية، خلّفتها فترة حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، وما شهدته من تجاذبات وتصاعد حاد في حالة الاستقطاب الداخلي، تزايدت حدتها خلال فترة الانتخابات الرئاسية وما صاحبها من لغط سياسي واسع، تُرجم عملياً بأحداث غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة قبل تنصيب الرئيس جو بايدن، لجهة أعمال الشغب التي وقعت في السادس من شهر يناير الجاري.المنافسة الناعمة بين طرفي المشهد السياسي التي غلفت ديمقراطية الولايات المتحدة الأميركية، تحوّلت إلى انقسام قاسٍ قدَّمَ خلال الأسابيع الماضية صورة غير مسبوقة للمجتمع الأميركي، وخلَّفَ تحديات كبرى تقع على عاتق الرئيس جو بايدن، الذي دخل البيت الأبيض مواجهاً تركة صعبة خلفها سلفه ترامب، وملفات معقدة على المستويات كافة، على الصعيد الداخلي وكذلك فيما يتعلق بالسياسات الخارجية.

واللافت أن الانقسام المزعج الذي تسعى إدارة بايدن لمواجهته ضمن الملفات ذات الأولوية القصوى بعد التطورات الأخيرة، تتقاسم مسؤوليته ليس قوى اليمين المتطرف وتيارات اليسار، إنما دخلت على الخط بعض قوى الاعتدال في الحزبين (الديمقراطي والجمهوري).. فهل ينجح بايدن -صاحب التاريخ السياسي الطويل- في إنهاء الانقسام؟

مهمة صعبة
عضو اللجنة الأميركية الشرق أوسطية للديمقراطية، المحلل السياسي آشلي أنصارا، يعتقد بأن مهمة إنهاء الانقسام المستفحل على ذلك النحو الخطير في الولايات المتحدة الأميركية، هي "مهمة صعبة للغاية" على طاولة الرئيس جو بايدن.ويشير المحلل السياسي، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أن من وصفهم بـ "المتطرفين اليمينيين داخل الحزب الجمهوري" إضافة إلى "الجناح السياسي اليساري للحزب الديمقراطي" يشكلون خطورة على الديمقراطية الأميركية بشكل عام.  ويعتقد بأن المسألة مرتبطة بالثقافة الأميركية، وعليه يلفت إلى أن "توحيد الثقافة الأميركية" ليس بالعملية السهلة، ويحتاج لسنوات طويلة من العمل.

وحول مدى إمكانية تفاقم ذلك الانقسام وتداعياته في المرحلة المقبلة، وفي ظل حالة الاحتقان الحالية وتصاعد الاستقطاب السياسي، ومدى إمكانية أن يكون نذيراً بتطورات جديدة ربما تشهد أعمال عنف مماثلة لما وقع أخيراً، لم يستبعد المحلل السياسي حدوث تطورات أوسع، وقال إن "هذا الأمر لا مفر منه". ويعتقد بأن نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، تقع عليها "مهام كبيرة" في الفترة المقبلة، في هذا السياق.

تضخيم الاختلافات
وفي المقابل، يعتقد الباحث السياسي بمعهد أميركان إنتربرايز للأبحاث السياسية العامة، مايكل روبين، بأن "الحملات الانتخابية غالباً ما تؤدي إلى تضخيم الاختلافات، ثم ما يلبث وتُعيد الإدارة الناس معاً من جديد، باستثناء ما حدث في فترة الرئيس دونالد ترامب الذي كان يعتبر استثناءً من ذلك"، على حد قوله.ويلفت ، إلى أن "الأميركيين يعودون الآن إلى طبيعتهم"، مشدداً على أن "النبأ السار في المسألة هو أنه بقدر تصريحات الرئيس السابق ترامب والاحتجاجات التي وقعت وأحداث مبنى الكابيتول، فإنه في الأخير سادت سيادة القانون". وفي معرض حديثه عن طبيعة الأميركيين، يستدل روبين بتصويت الأميركيين لبايدن، قائلاً: "إنه لأمر مدهش أيضًا عدد الأميركيين الذين صوتوا لدعم بايدن، وعدد الديمقراطيين الذين أداروا ظهورهم لتطرف بيرني ساندرز".

ويعقد الباحث السياسي بأن توزع مقاعد مجلس الشيوخ بالمناصفة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري (50 مقابل 50) يعني أن التحزب سيظل مرتفعاً، ولكنه عوّل على "القادة السياسيين المخضرمين" في أن يتفهموا أنهم سيكونون أكثر نجاحاً إذا تجاوزوا حدود الحزب، موضحاً أنه "يسود الاعتدال عندما يدرك الطرفان أنهما لا يملكان القوة لفرضه".وبموازاة التعويل على دور مرتقب للرئيس بايدن في إنهاء الانقسام، تبزغ في السياق ذاته جهود شعبية ومجتمعية داخل الولايات المتحدة للحث على إنهاء الانقسام، من خلال حملات توعوية، ولقاءات مختلفة هادفة لتقريب وجهات النظر، على غرار الاجتماع الافتراضي الذي نظمته إحدى الجمعيات الأهلية وهي جمعية "بريفير إنغلز" بهدف "إعادة اللحمة للمجتمع" وشارك فيه أكثر من 4500 شخص من شتى الولايات.

قد يهمك ايضاً :

دراسة تؤكّد أنّ 2028 عام التفوق الاقتصادي الصيني على الولايات المتحدة

بوارج البحرية الأميركية تصل الصومال تمهيدا لسحب القوات