متحف عمان

 أصدر المتحف الوطني سلسلة قصصية تحت عنوان "سلطنة عُمان في الزمان والمكان" وهي عبارة عن (6) قصص باللغة العربية خاصة لفئة الأطفال تُبرز مراحل مهمة من حياة شخصيات عُمانية تاريخية عاشت في أزمنة وأمكنة مختلفة بين القرن الثاني الهجري والقرن العشرين الميلادي، وتحمل القصص العناوين الآتية: "أذكى العرب"، و"أسد البحار" و"الأستاذ المعظم"، و"الطبيب الماهر"، و"سعيد عمان وزنجبار"، و"ماما فاطمة".

وتضم القصص بين دفتيها قُرابة (35 صفحة) من الحجم المتوسط مزينة برسومات تخيلية لهذه الشخصيات بريشة الفنانة التشكيلة السورية لجينة الأصيل، استوحتها بناءً على المعلومات التاريخية الموثقة عن هذه الشخصيات، وقام بكتابة سرد القصص الكاتب والشاعر بيان الصفدي بأسلوب شائقٍ وبلغة تتناسب مع الفئة العمرية المستهدفة، واشترك في المتابعة وتدقيق القصص كوكبة من موظفي المتحف الوطني ومجموعة من الباحثين والكُتَّاب، بدعم من شركة (بي. بي عُمان).

ويسعى المتحف الوطني من إصدار هذه السلسلة إلى تعريف النشء على هذه الرموز التاريخية التي تركت بصمتها في التاريخ العُماني لتكون مصدرًا للإلهام وشحذ الهمم للأجيال القادمة، بالإضافة إلى ترسيخ القيم العُمانية النبيلة، وتفعيل انتماء الأطفال بوطنهم، وتراثه، وثقافته.

ومن بين القصص قصة أذكى العرب (الخليل بن أحمد الفراهيدي) تدور أحداث القصة عن رائد علم العروض الخليل بن أحمد الفراهيدي، الذي عاش حياته من عام 100هـ وحتى 175هـ، وركزت على حياة الخليل الطفولية، وصفات النبل والفروسية والتواضع والنباهة التي اتصف بها من أهله، حيث كان أبوه يصحبه بنفسه في مجالسه، ويفخر بفطانة ابنه وفصاحته؛ لأنه كان يحفظ جيدًا، ويتفوق على أقرانه ، كما تسرد القصة ذهابه إلى حي الأزد في البصرة، حيث كانت دولة بني أمية في أزهى حالاتها من الاهتمام بالدواوين والتعريب والترجمة، وهذا ما هيَّأ للخليل ظروفًا مساعدة حتى أصبح من العلماء، يقصده التلاميذ من كل مكان.

ومن بينها أيضا، قصة أسد البحار (الملاح العُماني أحمد بن ماجد السعدي)، حيث تلخص القصة في سردٍ شعريٍّ سيرة الملاح العُماني أحمد بن ماجد السعدي، بدءًا برحلته مع والده إلى البصرة، واستدعاء والي البصرة لهم، ودخولهم قصره، وترحيب الوالي بـ«أسد البرَّين»، وهو لقب والد أحمد بن ماجد، وحديث الوالي عن نجابة الابن، ومشاهدتهم لعرض مبارزة بالسيف، وعرضًا للأسود والنمور والثعابين، وتقديم الوالي لهم ثوبًا وعِمامَة، وصرَّة فيها دُرَّة، قدمها لأمه بعد عودته إليها. وبعد عامين يُلبسه والده عمامة الرَّبابنة، ليصبح وريثه في البحر، فطاف بحار أفريقيا إلى بلاد الصين، ويحكى النص مشاهد ابن ماجد لغرائب البحار، كالحيتان التي تبدو في حجم سفينة، وتكسيرها للمجاديف، وتقطيعها للحبال، حتى لُقِّب بأسد البحار، وسلطت القصة الضوء على دوره في إرساء قواعد الملاحة وتطوير أدوات الملاحة البحرية كالبوصلة، والإسهام بإضافة قياسات فلكية دقيقة.

هناك أيضا قصة الأستاذ المعظم (طالب بن مشمل المنحي)، وهي قصة تهدف إلى تعريف الأطفال بشخصية طالب بن مشمل المنحي، الذي نقش محراب "مسجد العوينة" في ولاية وادي بني خالد خلال عام 970هـ/ 1562م، والمعروض في قاعة "عظمة الإسلام" بالمتحف الوطني، وهو يُعد من أشهر الخطاطين والنقاشين في الحضارة العُمانية، وأكثرهم مهارة وتفننا، لهذا لُقب بـ"الأستاذ المعظم"، ويُنسب إلى سلالة برعت بالخط أبًا عن جد، وخلفًا عن سلف، فاشتهر أعلامها بإبداعاتهم الباقية في ولايات "نخل" و"سمائل" و"وادي بني خالد".

أما قصة الطبيب الماهر (راشد بن عميرة العيني الرُّستاقي)، فهي تحكي محطات مهمة من سيرة حياة الطبيب راشد بن عميرة العيني الرُّستاقي، ابتداءً من نشأتهِ الطفولية حتى صار طبيبًا وصيدلانيًّا وعالمًا وشاعرًا بارعًا، ومن كتبه "منهاج المتعلمين"، و"فاكهة ابن السبيل"، و"زاد المسافر" و"مختصر فاكهة ابن السبيل"، ولابن عميرة مؤلفات أيضًا في مجالات دقيقة في علم الطب التشريحي، واعترافًا بمكانته العلمية فقد عدته منظمة "اليونسكو" أبرز شخصية عُمانية ذات تأثير عالمي في الطب والصيدلة في عام 2013م.

وقصة سعيد عُمان وزنجبار (السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي) تتناول إسهامات السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي الذي حكم عُمان وزنجبار (أكثر من نصف قرن)، أبرزها: إدخال زراعة القرنفل في زنجبار، وبناء أسطولٍ تجاريٍّ وعسكريٍّ مشهورٍ بعتادٍ يقارب المائة من مختلف الأحجام والحمولات والتسليح، جاب البحار من "الصين" شرقًا إلى "نيويورك" غربًا، وأشهر سفنه "فكتوريا" و"ليفربول" و"سلطانة"، وهي التي حملت المبعوث "أحمد بن النعمان الكعبي" إلى "الولايات المتحدة الأمريكية" عام (1840م)، و"كارولين" و"شاه علم" و"منى" و"شط الفرات" و"تاج" و"مصطفى" و"الرحماني"، وضمه لزنجبار وبات وبمبا وكلوى وسيوى ومقديشو إلى "سلطنة عُمان"، كما تسلط القصة الضوء على قصور السلطان في زنجبار منها "بيت متوني"، و"بيت الساحل"، و"بيت الراس".

وكان للشخصيات المعاصرة نصيب أيضا، فمن بين القصص قصة ماما فاطمة (الدكتورة فاطمة بنت سالم المعمرية)، التي تدور حول حياة الدكتورة فاطمة إحدى رائدات التعليم في سلطنة عُمان والخليج العربي والوطن العربي، وأول امرأة عُمانية وخليجية تنال درجة الدكتوراة عام 1955م، وكرمت مرارًا في سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية والجمهورية العربية السورية.

الجدير بالذكر أنَّ المتحف الوطني يضم بين أروقته مقتنيات أثرية لها علاقة ببعض هذه الشخصيات الملهمة وهي: (محراب مسجد العوينة الذي بناه طالب بن مشمل المنحي، ومجموع مخطوطات الفوائد في علم البحر والقواعد ،حاوية على الاختصارات في أصول علم البحار والأراجيز، للملاح العُماني أحمد بن ماجد السعدي ، ومخطوط في تشريح العين للطبيب العُماني راشد بن عميرة الرستاقي، وشهادة الدكتوراه في الفلسفة، وميدالية تعود للدكتورة فاطمة المعمرية تكريمًا لها من قبل الرئيس محمد أنور السادات، ومجسم للسفينة سلطانة التي تُعد من أشهر السفن العُمانية في زمن السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي، ومجسم لسفينة البغلة، أقوى سفن أسطول السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي).

يشار إلى أنَّ مركز التعلم بالمتحف ينظم مجموعة من الفعاليات القصصية للأطفال للتعرف على أبطال القصص وإنجازاتهم عبر سيرة حياتهم والمقتنيات المتحفية ذات الصلة بالمحتوى القصصي، وينفذ أيضا عددًا من الأنشطة الفنية للأطفال والعائلات في مرافق مركز التعلم بالمتحف وفرع مركز التعلم في مشروع الموج مسقط.

ولأجل الوصول لفئة أكبر من شرائح المجتمع؛ يواصل المركز التعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي والمؤسسات المعنية بالطالب والأسرة وذوي الإعاقة تنفيذ باقة من الفعاليات الشهرية في مختلف محافظات سلطنة عُمان للتعرف على هذه السلسلة ضمن برنامج التوعية المجتمعية.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

المتحف الوطني في عُمان يعرض لأول مرة مقتنيات أعز الرجال وأنقاهم

السلطان العُماني يصدر مرسوماً سامياً بنقل متحف المدرسة السعيدية إلى المتحف الوطني