النادي الثقافي العُماني

مستهدفا توثيق تجربتهم صوتا وصورة ومنفتحا على أفكارهم وطموحاتهم بدأ النادي الثقافي أمس بث أولى حلقات برنامج «سرديات تشكيلية» الذي يعده ويقدمه الفنان التشكيلي عبدالكريم الميمني عضو مجلس إدارة النادي الثقافي على قناة كوريان الثقافية ويستضيف الفنانين التشكيليين العمانيين ذوي التجربة الناضجة والخبرة التراكمية كل في مجاله، وقد أكد التشكيلي عبدالكريم الميمني معد ومقدم البرنامج أن هذه المساحة تستهدف إعادة أصحاب التجارب الفنية الكبيرة للواجهة بعد ابتعادهم خلال الفترة الماضية عن الساحة وشعروا بنوع من التهميش مع عوائق الجائحة.. ويقول «الميمني»: نريد أن نستعيد معهم ذكرياتهم وتجاربهم السابقة وأفكارهم الكثيرة وآمال وطموحات كانوا يتأملون أن تتحقق وتحدث فارقًا في الساحة التشكيلة.. فالبرنامج متنفس لهذه الفئة لكي نوثقهم بالصوت والصورة وقد تم تسجيل ثلاث حلقات لثلاثة فنانين هم حسين الحجري ومحمد فاضل الحسني ومحمد عبدالله الصائغ والسعي لمجموعة كبيرة في حلقات تبث بواقع حلقة كل يوم أربعاء من كل أسبوع حيث نستفيد من أطروحاتهم وأفكارهم ونضيء جانب من تاريخهم فحينما تتحدث عن تاريخ الحركة التشكيلية فأنت تسمعها من منبعها وأصلها خاصة وهم يتحدثون عن التفاصيل بكل دقة.

وفي الحلقة الأولى التي بثت أمس استضاف البرنامج الفنان التشكيلي حسين الحجري الذي يعد أحد أهم فناني الرعيل الأول في بداية ثمانينات القرن الماضي، وله رصيد حافل من المشاركات في المعارض الفردية والجماعية داخل السلطنة وخارجها ويعد «الحجري» أحد أهم وأبرز الفنانين من الرواد المختصين في الألوان المائية.. وفي الحلقة الأولى من «سرديات تشكيلية» عرّج الفنان حسين الحجري على بداياته وكيف أن المدرسة أعطته الفرصة لتكوين مساحات فنية تكون لها بصمة راسخة من خلال تشجيع الناس حوله حيث مارس هوايته من خلال جماعة الفن التشكيلي بالمدرسة، وأكد «الحجري» أن انتقاله إلى مسقط مع وجود مرسم الشباب في عام 86م شكل له نقلة نوعية في تجربته التي شاهد فيها لأول مرة الكانفس (القماش النسيجي المستخدم في الرسم) والألوان الاحترافية المعتمدة في الرسم بعد مرحلة شاقة كان يرسم خلالها في الأخشاب والأوراق مع استخدام فرشاة الأصباغ إضافة إلى استخدام الألوان الزيتية المستخدمة للصبغ، وشكلّت هذه المرحلة انطلاقة قوية للعمل الاحترافي حتى أقام في 1987 أول معرض شخصي له، وعبر «الحجري» عن دهشة الناس آنذاك من وجود لوحات تباع بأثمان بخسة لا تغطي مصاريف العمل إلا أن الجمهور كان يراها أسعارا باهظة وهذا محبط للفنان رغم التشجيع الذي حظي به المعرض من قبل مرتاديه.. لكنه في الوقت نفسه يؤكد عدم قبول الناس لحداثة ثقافة الفن في عقولهم أو ربما انعدام تلك الثقافة بشكل تام.

وأشاد «الحجري» في حديثه بالنقلة النوعية الكبرى عند التحاقه بوزارة الإعلام وتلفزيون سلطنة عمان حيث أتاح فرصة أكبر، تنوع خلالها في أعماله بين الألوان الزيتية والمائية إضافة إلى التشجيع الذي غمره به المسؤولون، وفي هذه المرحلة يرى «الحجري» أنه مع عدم توفر الأدوات الإلكترونية فإن الحاجة لتقديم خلفيات للأعمال الفنية والبرامج المختلفة كانت ماسة جدا، وهذا ما أتاح له العمل على لوحات تصل لأكثر من 10 أمتار، وتحتاج لسرعة وجهد في الوقت من 10 ساعات وكانت تلاقي الرضا والقبول من قبل المسؤولين والمشاهدين، وتحتاج الألوان الزيتية إلى وقت طويل لكن الألوان المائية كانت سريعة وتحتاج لا شك إلى الدقة وفي التسعينات قدم معرضا خاصا باللوحات المرسومة بالألوان المائية في نادي الصحافة بوزارة الإعلام، وتواصلت بعدها في الألوان المائية التي اعتبرها بعد ذلك تخصصه الأول.

وفي ذات عمله انتقل الفنان حسين الحجري إلى (الديكورات) في تلفزيون سلطنة عمان حيث يرى أن هذا المجال يرتبط بعلاقة وثيقة مع الألوان والكتل حيث عبر عن ذلك بأنه (فن) لم يشعره بالغربة عن هوايته، ثم انتقل إلى الجرافيك ورغم التقنية إلا أنه لا يجد اختلافا في الأصل وهو الفن لكنه في الوقت نفسه يؤكد أنها تجربة شهدت انتقالا كبيرا في حياته. وحول (الفكرة) يرى الفنان حسين الحجري أن الطبيعة هي المحرض (للأفكار) والنتاج مؤكدا أنه لابد أن لا يخضع الفنان لحصيلة آنية في مشاهداته بل أن يرتكز على مخزون بصري يستطيع أن يحّول مكنونات تلك الطبيعة إلى لوحة فنية مستساغة لأي مشاهد.. لذا فإنه من الضروري أن يقرأ الفنان عمله بشكل دقيق لأنه يخاطب النخبة وعشاق الفن.

وحول الألوان المائية قال «الحجري» في حديثه: الألوان المائية هي السهل الممتنع، متميزة في شفافيتها ولكنها صعبة لكلفتها.. والخطأ البسيط فيها يكلف (رمي اللوحة)، لذلك فإنه لولا دعم وزارة الإعلام ومرسم الشباب آنذاك لما كنت مستمرا إلى الآن، ومن أجل توسيع هذه التجربة قدمنا الكثير من الدورات والمعارض ولم يستجب أحد للأسف.. أما الآن فتجربة الفنان فهد المعمري والفنان سالم السلامي تجربة أخرجت الشباب للطبيعة وحفزتهم لذلك، وقد أقام أيضا النحات علي الجابري تظاهرات عالمية للنحت في صحار بجهوده الذاتية التي سعى من خلالها للدعم من أجل إقامة الحدث، فجهودهم طيبة ومقدرة وأتمنى لهم الاستمرار، فالشباب هم الأمل لأن لديهم طاقات محفزة تنبع من دواخلهم وينفذونها بأنفسهم وبإمكانياتهم المتاحة فحماس الشباب مهم بسبب سفرهم واطلاعهم ورغبتهم في نقل تجارب الآخرين.. أما أنا فأتمنى أن يقام معرض تخصصي للألوان المائية يرسخ رصيدا ثقافيا مهما في عقول الناس والمجتمع وتنمي الذوق في هذا النوع من الفن وسيكون داعما للمبدعين الشباب لا شك. وعن مشروعاته القادمة يسعى الفنان حسين الحجري لافتتاح مكتب متخصص في استيراد وتصدير الأدوات المختصة بالفن والفنانين بطريقة تتناسب مع قدرات أي فنان في الاقتناء، وتمنى البدء في مشروع إنشاء موقع يعد متنفسا وبؤرة متكاملة للفنون والألوان المائية.

قد يهمك ايضاً

تعرف على أبرز المعالم الأثرية الرومانية حول العالم من "بعلبك" إلى "روما"

أجمل مناطق السياحة في مقدونيا لهذا الخريف منها هيراكليا لينكستيس