جامعة نزوى

دعت جامعة نزوى ممثلة في مركز الخليل بن أحمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية ومركز العلوم الطبيعية والطبية الباحثين والأكاديميين من السلطنة وخارجها إلى المشاركة في مشروع “إسهامات العلماء العمانيين في الطب والعلوم الطبيعية” الذي يهدف إلى التعريف بتلك الإسهامات خاصة في مجالات الطب والفلك والمناخ والرياضيات والكيمياء وعلوم البحار، لاستدامتها ونقلهـا إلى الأجيال القادمة.

وقال الدكتور سليمان بن سالم الحسيني الباحث بمركز الخليل بن احمد الفراهيدي للدراسات العربية والإنسانية بالجامعة لوكالة الانباء العمانية: إن “العمانيين أسهموا عبر التاريخ في الطب والعلوم الطبيعية، مثل الفلك والمناخ والكيمياء، فظهر منهم علماء أثروا التجربة البشرية بالعديد من الكتب التي كانت تعدُّ في زمانها إنتاجا علميا فريدا ومفيدا، فأبو محمد عبد الله بن محمد الأزدي الصحاري العماني الملقب بابن الذهبي (ت 456هـ) كان أحد الأطباء البارزين في القرن الخامس الهجري، وصفه معاصروه ومن جاء بعدهم، مثل القاضي صاعد الأندلسي وظهير الدين البيهقي، بأنه أقوى أهل زمانه في مجال تخصصه، مطَّلع على ما كتبه العلماء في الطب والفلسفة والكيمياء، وله إسهامات جديدة في علم التشريح والدورة الدموية والعينين مشيرا إلى أن كتابه (الماء) يعد من أهم المعاجم الطبية، ولم يسبقه أي كتاب جمع بين المعاني اللغوية والطبية”.وأضاف أنه “في القرون التاسع والعاشر والحادي عشر الهجرية برز في عمان مجموعة من الأطباء من أسرة آل هاشم في الرستاق ومنهم راشد بن خلف وثاني بن خلف وعلي بن مبارك بن خلف وراشد بن عميرة الذين جمعوا بين الممارسة العلمية والتأليف، وامتازوا باطّلاعهم على المؤلفات العربية واليونانية وتواصلهم مع أطباء ومعالجين في الهند وفارس وغيرها من البلاد، وتعد المؤلفات التي تركها أطباء آل هاشم من بين أهمّ ما جاد به التراث العربي في مجال الطب”.

وأشار إلى أنه “في مجال الفلك، انطلق اهتمام العمانيين بهذا العلم من خلال ممارستهم الإبحار في المحيط الهندي ومعرفتهم بمواسم الزراعة وأوقات العبادات الدينية المرتبطة بالظواهر الفلكية، مثل الصلاة من حيث مواقيتها واتجاه القبلة، والصيام المرتبط بطلوع الأهلة والزكاة والحج وغيرها، فبرزت إسهامات العمانيين في علم الفلك في الكتابات التي عنيت بالبحر، مثل مؤلفات الملاح العماني أحمد بن ماجد والنوخذة ناصر بن علي الخضوري، وكتب الفقه، وغيرها، كما برز من العمانيين ممن عني بالكتابة في علم الفلك، مثل عمر بن مسعود بن ساعد المنذري (ت 1160هـ)، الذي ألف كتاب (كشف الأسرار المخفية في علوم الأجرام السماوية والرقوم الحرفية)”.

وأوضح الدكتور سليمان الحسيني أن “عددا من المختصين المعاصرين اهتموا بالتراث العلمي للعلماء العمانيين في الطب والعلوم الطبيعية، وتوجه
بعضهم إلى دراسة وطباعة ونشر المخطوطات التي تركها أولئك العلماء، وأُقيمت بعض الندوات ونُشرت بعض الدراسات في هذا المجال، ولا يزال هناك متسع لمزيد من الدراسات والبحوث والندوات للكشف عن كثير من الجوانب التي لم تتطرق إليها الجهود السابقة أو لم تعط حقها من الدراسة والاهتمام، ومن هذا المنطلق يأتي هذا المشروع ليسلط الضوء على ما قدمه العلماء العمانيون في مجال الطب والعلوم الطبيعية، والجهود المبذولة رسميا وأهليا لإحياء هذا التراث والتعريف به واستدامته”.

وأكد مشروع “إسهامات العلماء العمانيين في الطب والعلوم الطبيعية” يهدف إلى “دراسة المخطوطات العُمانية في الطب والعلوم الطبيعية وتحقيقهـا ومحاولة طباعة غير المطبوع منها واستجلاء المناهج العلمية في مؤلفــات العُمانيين في الطــب والفلك والمناخ وعلوم البحار ودراسـة أنطولوجيا وأبستمولوجيا وأخلاقيــات المعرفــة في كتابــات الأطباء العُمانيين وتطبيقاتها المُعاصرة وإبراز الطب التقليدي العُماني على أسس معرفية، وتأصيلـه بمنهجيـةٍ علمية بشكل مواز للطب الصيني والطب الهندي وغيرهما ودراسة مدى انتشار الطب التقليدي العُماني والمناطق العُمانية التي لا تزال تمـارس هذا النـوع من الطب، ومعرفة درجة وعي الناس في هذا الموضوع ودراسة الأدوية المستخرجة من البيئة العُمانية البرية والبحرية التي ثبتت نجاعتها علميا في العلاجات والاختراعات الطبيـة، مثل: القاو واللبـان وأعشـاب البحــر والقشريــات المستعملـة في مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة”.

وقال بإن المشروع الذي سيتم إخراجه في بحوث محكمة تنشر في عـدد خـاص من مجلـة الخليـل التي تصدرها جامعة نزوى، وسيتم تنظيــم نـدوة بعـد اكتمـال العمـل البحثـي والكتابــي، يعــرض فيهـا الباحثـون المشاركون بحوثهم وفق الأهداف المحددة لهـذا المشروع الذي يهدف أيضا إلى “التعريـف بالكـوادر الطبية العُمانيـة العسكرية عبر التاريـخ، الذين أسهمـــوا في المعــارك الحربيـــة التي خاضهــا العُمانيــون دفاعــاً عن بلادهم، أو تلك التي شاركوا فيها في نطاق الفتوحات الإسلامية والتعريف بالبُعد العالمـي لإسهامـات العمانيين في الطــب والعلــوم الطبيعيـة، ورحلاتهـم خارج عُمان، وأثرهم العلمي في البلـدان التي هاجروا إليها، وكذلك التعريف بالدراسـات الاستشراقيـة والرحالـة الأجانـب الذيـن زاروا عُمـان ودرسـوا العناصر الطبيـة والطبيعية في البيئة العُمانية وكتبوا عن الأطباء والعلماء العُمانيين، وفتح المجال أمام الباحث لدراسـة التاريـخ العُماني وتشجيعهـم على نشـر الأوراق البحثيــة المحكمـة، والتعريـف بجهودهـم في إبــراز إسهامات العلماء العُمانيين في إثراء التراث العربي والإنساني، وإبراز دور الجامعـات والمؤسسـات البحثيــة والباحث العُماني في دراسة إسهامات العُمانيين في الطب والعلوم الطبيعية واستدامتها”.

وأوضح أن هناك تسعة محاور للمشروع، تشمل محـور المخطوطـات والمؤلفات ويعنى بدراسة مؤلفات العمانيين في الطــب والعلـوم الطبيعيـة والفلك والمنـاخ والرياضيـات والكيميـاء وعلـوم البحـار والمعاجـم الطبيـة وغيرهـا، وكيفيــة الحفــاظ علـى المخطوطـات العُمانيـة في هذا الشأن، ودراستها وتحقيقها وإخراجهـا إلى النور، ومحور الدراسات الاستشراقية التي عنيت بإسهامات العلمـاء العُمانيين في الطب والعلوم الطبيعية والفلك والمناخ وعلوم البحـار، والمستشرقين الذي اهتموا بهذا المجال، ومحـور دور الجامعـات والمؤسسـات البحثيـة والباحثيـن فـي إبـراز إسهامــات العمانييـن في الطـب والعلـوم الطبيعيـة والفلك والمنـاخ وعلوم البحار، وما يحتاجه هذا الـدور من دعـم وتمكيــن لخدمــة المـوروث العُماني واستدامته، ويتعلق المحور الرابع بالطب التقليدي ومجالاته وأدواته ومواده وما ارتبـط به من موروث شفهـي غير مكتـوب، واختلاف الممارسات الطبية التقليديـة حسب التنوع البيئي والجغرافي، وإبراز الطب التقليدي العُماني علىٍ أسس معرفية، وتأصيله بمنهجية علمية بشكل مـواز للطـب الصيني والطب الهندي وغيرهما.

وقال بإن من محاور المشروع أيضا محــور الأمراض والأوبئـة الذي سيعنـى بتاريخ الأوبئة والأمراض في عُمان، وأسبـاب ظهورهـا وكيفيـة تعامل العُماني معها لعلاجها والحد من انتشارها، ومحـور أخلاقيـات المعرفـة في مؤلفـات العلمــاء العُمانييــن ويعني بدراسـة أنطولوجيــا وأبستمولوجيـا وأخلاقيـات المعرفـة في كتابـات العلمـاء والأطباء العُمانيين وتطبيقاتها المعاصرة، ومحــور استعمــال النباتـات العُمانية في الطب، والذي سيركز على دراسة الأدوية المستخرجة من البيئة العُمانية البرية والبحرية، التي أثبتت نجاعتها في العلاجـات والاختراعـات الطبيـة (القـاو – اللبـان – أعشـاب علمي البحر – القشريات المستعملة في مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة، إضافة إلى محـور المشتغلين في الطب في عُمان عبر التاريخ والذي سيُبرز الأسر الطبيــة في عُمــان والكـوادر الطبيــة العُمانيـة العسكرية الذين أسهمـوا في المعــارك الحربيـة التي خاضهـا العُمانيـون دفاعــاً عن بلادهـم، وفي الفتوحات الإسلاميـة، ورحـلات الأطبـاء العُمانيين الخارجيـة وأثرهـم العلمي في البلدان التي هاجروا إليها، وأخيرا محور العلاج الروحي في عُمان جذوره المعرفية وتطوره عبر العصور وتفاعلـه مع موروثات الحضـارات والثقافات العالمية وفرص تطويره وتقنينه.

وأشار الدكتور الحسيني إلى أن تقديم طلبات الاستكتاب في المشروع ستستمر حتى نهاية سبتمبر القادم على أنْ يتم استلام البحوث كاملة قبل نهاية أبريل من عام 2022.

قد يهمك ايضًا:

بروفيسور عُماني بجامعة نزوى: التحور لم ينتج عنه فيروس جديد ولم يثبت بأنه أكثر ضراوة

 

افتتاح المعرض الدولي للفنون التشكيلية في جامعة نزوى