المفتي العام للسلطنة

هنّأ سماحة الشيخ المفتي العام للسلطنة المسلمين والمسلمات في مشارق الأرض ومغاربها في كلمة توجّه بها من خلال تلفزيون سلطنة عُمان بمناسبة استقبال عيد الأضحى المبارك وأيامه المباركة وفرحته الغامرة وما فيه من خيرٍ وقُربى إلى الله سبحانه وتعالى.

ودعا سماحتُه الله تعالى أن يرفع البلاء عن الكُلّ وأن يُعيد هذه المناسبة وغيرها من المناسبات، وقد ارتفع عن الأرض كل بلاء وأسبغ الله عليها وعلى من فيها ثوب العافية وهدَى أهلها إلى الحق وردّهم إلى الصراط المُستقيم.

ونبّه سماحتُه المسلمين والمسلمات في كلمته إلى أن الشريعة الإسلامية جاءت مُنسجمة مع مصالح العباد وأنها تُراعي اليُسر والعُسر والشدة والرخاء، فالله سبحانه وتعالى يُعطي كل شيء حكمه، والأوامر والنواهي الربانية تتجاوب مع حاجة الإنسان حسب ظروفه.

ووضح سماحة الشيخ المفتي العام للسلطنة أنه عند الشدة تكون هناك أوامر وتوجيهات تختلف عنها في حالة الرخاء وبالنظر إلى كل الأحوال التي شُرعت في الإسلام إنما هي بحسب حالة العباد ومصلحتهم، مبينا سماحته أن الله تعالى يقول {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} كما قال سبحانه {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، وتوقي الضرر أمرٌ لابد منه، وقال سبحانه {ولا تُلْقُوا بِأَنْفُسِكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.

وأضاف سماحته أن الله سبحانه يقول {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْوانًا وَظُلْما فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}، موضحا ما يُعانيه الناس في هذه الظروف من أمورٍ صعبة بسبب هذا الوباء المُنتشر، سائلا الله العافية وأن يرفعهُ عن عباده ويسبغ عليهم ثوب العافية.

وأكد سماحته أنه بسبب ذلك لابد من التوقي مما يؤدي إلى الضرر، فتوقي الاجتماعات واللقاءات التي تجمعُ لفيفًا من الناس في مكان واحد من غير احتراز أمر لابد منه، وتوقي الخروج واتباع الأوامر والوقوف عند الحدود في التوجيهات مراعاة للمصلحة لا بد منه، فالأمر تفاقم كثيرا، وأصبح المعنيون بعلاج الناس قد ضاقت صدورهم من اتساعه لأنه قد بلغ مداه، وأصبحت مواجهته والوقوف له من الأمور الصعبة في الوقت الحالي حيث أعيى الطاقم الطبي كثرة الحالات التي وقعت فيها الإصابات، داعيًا سماحته الناس إلى مراعاة هذه الجوانب كلها.

وحول الأضاحي أكد سماحته أن الله تعالى لم يُكلف العباد ما لا يطيقون إذا ضاق الأمر ولم يمكنهم أن يضحوا في بيوتهم من غير أن يكسروا الحجر ومن غير أن يخرجوا منها.

ودعا سماحته المسلمين إلى أن يمسكوا عن الأضاحي وإن أمكنهم فوّضوا الجمعيات الخيرية حتى تقوم بهذا الأمر خارج البلاد حيث لا يوجد هناك حجر فذلك خير، وإن أمكنهم أيضًا أن يتصدقوا على الفقراء والمساكين إن تعسرت عليهم الأضحية فذلك خير، والله يتقبل منهم، فالله لا يُكلّفهم ما لا يُطيقون.

وأشار سماحته إلى أن هذه الجوانب يجب على الناس أن يراعوها وأن يتعاونوا على تفادي الخطورة وعليهم الوقاية من الأمراض والأخطار وصرف هذا الوباء والبلاء بالدعاء والتضرع إلى الله والتوبة النصوح ومحاسبة النفس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتصدي للمنكرات. 

ووضح سماحته أن الله تعالى ذكر في كتابه العزيز أنه يُرسل البلاء ليكون نذيرًا للعباد كما قال في كتابه العزيز {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ . فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُون} فهذه النُذر إنما أرادها الله سبحانه وتعالى تنبيهًا لعباده. وما أعظم هذا النذير الذي دلّ الناس جميعًا لعجزهم وعدم قدرتهم على التصدي له، فالعالم بأسره وقف حائرًا تجاه هذه المعضلة. 

وبين سماحته أن الله قادرٌ على صرف البلاء بين عشية وضحاها فكما أنزله سبحانه وتعالى فإنه هو الذي يصرفه حيث قال تعالى {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.

قد يهمك ايضاً

التنمية الاجتماعية العُمانية تنظم حلقة عمل حول توعية العاملين في مجال حماية الطفل

بيان حول قضية تعرض أطفال عمانيين لانتهاكات غير إنسانية