تتخطى مجموعة «ثمةَ أفقٌ ما» الصادرة حديثاً للصحافي والشاعر الزميل محمد البشتاوي عتبات الكتابة التقليدية القائمة على جنس كتابي محدد، لتذهب نحو فضاءات متعددة من الشعر والنثر، ومستويات من السرد الأقرب إلى شكل ومضمون القصة القصيرة. في المجموعة الصادرة حديثاً عن دار أكاديميون للنشر والتوزيع في عمّان - بدعم من وزارة الثقافة - وظَّف البشتاوي تقنيات مختلفة من التكثيف والإيجاز في اللغة، إلى الحوار القائم على لغة شعرية عالية الترابط فيما بينها. أجواء المجموعة تنطلق إلى عوالم افتراضية، والبعض الآخر منها يتصل بالواقع، ويبدو أن البشتاوي في هذه المجموعة قد قدمَ رؤاهُ حول ما يدور في الواقع العربي من أحداث، بيدَ أن التساؤلات لا تتوقف خلال قراءة هذه المجموعة، فيما يتصل بالصور التي ترسمُها، لتترك القارئ - المتلقي - في حالةِ تناقضٍ بين منزلتَي الشك واليقين؛ لأن هذا واقع صُوِّرَ من زاوية اللا معقول؟. يطفو على بعض النصوص في المجموعة تسلسل حكائي متشابك ومتداخل في أحداثهِ فصل فيما بينها الكاتب عبر فواصل بين متواليات كما في «جدران من الحكمة»، وغالباً ما كانت تنتهي الفصول بمقطع شعري وكأنهُ خاتمة النص. ويتضح بعدَ القراءة أن نصوص المجموعة فائضة بمشاعر إنسانية تقوم على التأمل والتأويل، تتضمن الحب والأمل والإحباط والتفاؤل والتشاؤم، وتناقضات سائدة في الحياة اليومية. «ثمة أفقٌ ما»، الصادرة مؤخراً، استطاعَت أن تقدِّم نصوصاً تخطت «التجنيس الأدبي»، لتخلطَ ثلاثة أجناس فيما بينها (الشعر والنثر والقصة)، في توليفةٍ جسر خلالها الكاتب الهوة بين هذه الأنواع وشقيقاتها من الألوان الفنية، علاوةً على كونها مجموعة جديدة قدمت ما هو جديد في الإصدارات الأدبية، عبر الخروج عن نطاق الجنس الأدبي الواحد، نحو الفضاء المتعدد. يشار إلى أن البشتاوي شاعر، وصحافي، وباحث، حاصل على بكالوريوس اقتصاد، مالية ومصرفية، صدر له في الشعر « كأن المسافةَ وهمٌ»، و»مدار الضوء.. دراسات في الأدب العربي المعاصر، وكتاب مشترك مع باحثين عرب وأجانب حمل عنوان «الهوية الفلسطينية إلى أين؟»، عن مركز دراسات التراث والمجتمع الفلسطيني في رام الله.