سوري مريض بالسرطان

سوري مريض بالسرطان

سوري مريض بالسرطان

 عمان اليوم -

سوري مريض بالسرطان

عمار علي حسن

أضنانى صديق سورى، وهو رجل نابه مثقف يعمل أستاذاً جامعياً بالإمارات، حين راح يحدثنى عن أوضاع السوريين بعد أن تحولت ثورتهم من أجل الحرية والكرامة والعدل الاجتماعى إلى حرب أهلية ثم صراع إقليمى ودولى ضارٍ. هو يؤمن بأن الشعب السورى لم يخطئ حين خرج سلمياً ليطالب بالحرية بعد سنين طويلة من الاستبداد والاستعباد والفساد، لكنه ينحى باللائمة على كل من حول المشهد الرائع من الغناء والصدح والهتاف إلى الرصاص والدم والدمار، حتى يجهض كفاح الناس من أجل الخلاص، ويجعل من حلمهم المشروع كابوساً مرعباً.

قص على مسامعى حكايات كثيرة موجعة من وسط النار والخراب والهلاك والفوضى وغياب اليقين وترنح الأمل، ثم أرسل لى هذه الحكاية، التى تشكل جانباً من هذه الأوجاع المريرة، وأنشرها هنا نصاً كما وردتنى، حيث يقول:

«عافى الله سوريا (أم الفقراء) بعد هذه السنوات الخمس العجاف، يبدو أن مصابنا الأليم بما حل فى سوريا من دمار أنسانا الالتفات إلى أحزان غيرنا ومصائبهم، صرنا نألف الموت فلا يحتاج منا خبر مرض أحد الأهل أو الأصدقاء أو وفاته إلا إلى ضغطة على (اللايك) فى فيس بوك، والدعاء له بالشفاء أو الرحمة. الأسبوع الماضى هزتنى قصتان حدثتا مع صديقين عزيزين، الأول استنجد بصديق مصرى ليؤمن له دواء التهاب الكبد لابن أخيه، والصديق المصرى الشهم لم يقصّر وأرسل الدواء إلى الإمارات ليعاد إرساله إلى دمشق.. بعد إلحاح كشف صديقنا عن سعر الدواء (1800 درهم) ولكنه أصر أن هذا الدواء أقل ما يقدمه لطفل سورى فى هذا الظرف الصعب.. وكانت المفاجأة حين أخبرنى صديقى فى سوريا أن تجار الدواء طلبوا منه ما يعادل (8 آلاف درهم) ثمناً للدواء، أى أكثر من أربعة أضعاف سعره.. الصديق الثانى عاد من سوريا منذ أيام بعد زيارة خاطفة ليرى أخته المصابة بالسرطان. تحتاج أخته إلى علبتى دواء، أخبرنى أنه اشترى الأولى من بيروت بستة آلاف دولار، وحين حدثته عن قصة صديقنا الآخر طلب أن أسأل له عن سعرها فى مصر، فوجدنا أنها تباع بأقل من ثلاثة آلاف دولار بقليل.. صديقى الثانى، وهو طبيب، قال لى هذه الأرقام الفلكية بالنسبة لمن يعيش فى سوريا تحت وطأة مآسيها هى جزء مما جناه المواطن السورى من هذا العبث والربيع المشؤوم.. الدواء الذى تحتاجه أختى كان يقدم للمريض مجاناً إن استطاع دخول أى مشفى حكومى يعالج السرطان، وإن لم يستطع اشتراه من صيدلية أدوية الأمراض الخبيثة التى كانت بجوار ملعب العباسيين بأسعار مخفضة جداً نتيجة دعم الدولة له.

قصتان جعلتانى أتذكر الراحل المبدع محمد مستجاب حين تراكمت عليه الديون فى (المشفى الفرنساوى) بمصر فصرخ فى مكالمة لصديقه الدكتور مستجير (تعالَ خدنى من هنا أنا عايز أموت فى وسط عيالى). يومها قال مستجير إن مستجاب كان يصرخ خوفاً من زيادة تراكم ديون المستشفى عليه. مات مستجاب لأنه لم يجد ثمن الدواء.. فكم «مستجاب» فى سوريا الآن!! ويح الفقراء كيف تسول لهم أنفسهم أن يمرضوا؟!!».

هذا جانب واحد من مأساة مركبة مرعبة، لكنه يشكل دليلاً عميقاً وجارحاً على ما يعانيه أهلنا فى سوريا الآن، رفع الله عنهم البأس، وكشف عنهم الغمة، وأنعم عليهم بالحرية والسكينة، وأبقى بلادهم عزيزة موحدة رافعة رأسها بين الأمم.

omantoday

GMT 14:48 2023 الخميس ,28 أيلول / سبتمبر

النزوح السوري الكثيف ناقوس خطر!

GMT 07:31 2021 الأربعاء ,17 آذار/ مارس

سوريّا والتاريخ الممنوع دائماً

GMT 07:32 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

وحدة المسار

GMT 18:15 2020 السبت ,13 حزيران / يونيو

أخبار عن أبحاث وسورية ومبيعات السلاح

GMT 03:37 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

(المأساة في سورية مستمرة)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوري مريض بالسرطان سوري مريض بالسرطان



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 21:21 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 18:09 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 17:00 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 19:12 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:46 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 04:28 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon