من رواية «السلفى» 22

من رواية «السلفى» (2-2)

من رواية «السلفى» (2-2)

 عمان اليوم -

من رواية «السلفى» 22

عمار علي حسن

أقدم لقارئ «الوطن» مقتطفات من روايتى «السلفى» التى صدرت قبل أيام، آثرت أن تكون العتبات الإحدى والعشرين لأنها تمثل مفاتيح الرواية وشخصياتها الرئيسية.. وعرضت، أمس، اثنتى عشرة منها، وهنا البقية:
العتبة الثالثة عشرة: العازف الذى تتمدد على أوتار قلبه ربابة أكبر منه عمراً، يوقعه المدعى الكاذب فى نار الحيرة، فتأخذه أنت إلى رحلة قصيرة، تتساقط فيها الحروف فوق رأسيكما، ويعود منها منشرح الصدر، فتصدح موسيقى، تخرج من فوهات داره، وتنساب فى الشوارع والحارات لتروى نفوساً عطشى.
العتبة الرابعة عشرة: الرجل الذى يخرج الدخان من أنفه وأصابعه ويصادق المقبلين من عالم الغيب، ستقصده أنت ذات ليلة لتنزع الشوك من صدرك، والحنظل الراقد فى فمك، لكنه سيهديك تحت سقف العتمة حزمة من الشوك، وكومة من الحنظل، وستسمع عنده صوتى، الذى أودعته فى رحاب الدنيا، بعد أن فارقتها بزمن طويل، فتستعيد الواحد والعشرين عتبة من جديد، لتمضى نحو حضور الغياب، وغياب الحضور.
العتبة الخامسة عشرة: تكبر شجرة التوت أمام باب الرجل الطيب، الذى يحلم بزمن يرعى فيه الذئب مع الغنم، والعجل مع الشبل، لكن أحلامه النبيلة تذهب سدى، وكل ما يقوله للناس يشعرون كثيراً أنه بلا جدوى، لكنه يربى الأمل دوماً، فلا يموت أبداً، بل يجلس تحت الأغصان الهائمة فى نسيم عليل ملفوفاً ببقايا الشمس العائدة إلى بيتها، يوزع التوت بيمناه، والرجاء بيسراه.
العتبة السادسة عشرة: حين يدخلك العيش تقصد صانعة البهجة محمولاً فوق رغبة جامحة وتلال من الظنون وأنت تمنى نفسك كثيراً بأنك ستقضى منها وطراً. لكن الجذابة الفاتنة تصدك وتردك، وترى منها وجهاً غير الذى رأيته من قبل أو كنت تنتظره، فتعود كاسف البال، لكنك تربح عصمة من الرذيلة، وتجنى حكمة ستعيش معك إلى أن تلقى الله.
العتبة السابعة عشرة: الرجل الذى يتصرف بلا حياء فيتساقط لحم وجهه بلا انقطاع يقف أمام بيوت الله ماداً يده ولسانه، ليهمس فى آذان كثيرين فيسوقهم إلى المحرقة. تقصده أنت ذات ليلة تحت جنح الظلام، وفى رأسك اختلاط بين سؤال عن الغائب الحبيب وآخر، يشغل الناس ولا يعنيك، عن الكنز المخبوء، لكن أسئلتك لا تذهب، بل يولد غيرها، وتنتهى الطرق من تحت قدميك فى فراغ.
العتبة الثامنة عشرة: الحارس الصلد يخور ذات ليلة، لأن أصحاب اللحى خرجوا عليه فى الليل البهيم، ليقولوا لمن يطاردونهم بلا هوادة: نحن هنا، وخيروه دون أن يتفوهوا بكلمة واحدة بين أن يموت أو أن يموت، فاختار إحدى الموتتين، وعاش بقية حياته كسيراً، لا صناعة له إلا اجترار هذه اللحظة القاسية.
العتبة التاسعة عشرة: رفيق الطفولة الكذوب، الذى يفارقك فى الصبا بعد أن يبتلعه أصحاب اللحى الخفيفة، يروغ منك حين تلجأ إليه ملهوفاً لتبل ريقك بأى خبر عن الحبيب الغائب، تقف أمام بابه، بينما يتطاير حولك غبار السنين وأزهار كالقطن ترقص فى شبه الدائرة المألوفة لديك، فتملأ عينيك حكايات مفرحة من أيامك الغضة، فلا تلبث أن تهشها، وتعود لتسقط فى بئر أحزانك.
العتبة العشرون: الطيب الذى يدفن وجهه فى الذهب الأحمر المعلق عند طرف الأرض الغربى سيعطيك المفتاح من بين سطور الكتاب المُكَرم، وعليك أن تجد الباب، وأنت تائه بين الصحو والمحو.
العتبة الحادية والعشرون: هنا فى مكانى، ستكون السيدة التى أمامى عجوزاً تتوكأ على أيامها الطويلة التى تمر فى هدوء، وستكون أنت قد غزا الشيب فوديك ومفرقك. هنا قد تجد كل شىء بين يديك، أو فى رأسك، صلب وهواء امتلاء وخواء، فتريث ولا تظلمنى، فليس كل الغائبين لا نراهم، وليس كل الحاضرين نراهم، والحاضر فى غيابه أفضل من الغائب فى حضوره، فلتسكن أوجاعك باسم الله، ولتهدأ نفسك بفضله، ولتعرف أن لكل بداية نهاية.

omantoday

GMT 09:59 2024 السبت ,18 أيار / مايو

العناني واليونيسكو وترشيح صادف أهله

GMT 09:49 2024 السبت ,18 أيار / مايو

دعوة للإصلاح أم للفوضى؟

GMT 09:48 2024 السبت ,18 أيار / مايو

صلاح منتصر الغائب الحاضر

GMT 09:46 2024 السبت ,18 أيار / مايو

سمات التقدم

GMT 09:45 2024 السبت ,18 أيار / مايو

يفكرون ثم يفكرون ونحن نجوجل

GMT 07:06 2024 السبت ,18 أيار / مايو

مورد محدود

GMT 07:03 2024 السبت ,18 أيار / مايو

نهاية مصارعة الثيران

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من رواية «السلفى» 22 من رواية «السلفى» 22



اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

القاهرة - عمان اليوم

GMT 12:29 2024 السبت ,18 أيار / مايو

استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ
 عمان اليوم - استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab