اعترافات ومراجعات 15 المؤسسة الزوجية وشراكة الحياة

اعترافات ومراجعات (15) (المؤسسة الزوجية وشراكة الحياة)

اعترافات ومراجعات (15) (المؤسسة الزوجية وشراكة الحياة)

 عمان اليوم -

اعترافات ومراجعات 15 المؤسسة الزوجية وشراكة الحياة

بقلم: مصطفي الفقي

إن الزواج الأمثل هو ذلك الارتباط الذى يؤدى إلى الاندماج بين رجل وامرأة باختيارهما الحر لتبدأ بهما رحلة الحياة بما فيها من تقلبات وأعاصير، وعندما أنهيت المرحلة الثانوية والتحقت بالدراسة الجامعية بدأت معها تجربة الاختلاط الاجتماعى، بما تحمله من نقلة نوعية بعد سنوات من التربية المنفردة فى المدارس بمراحلها المختلفة.

ولكن الشاب القادم من إحدى محافظات شمال الدلتا استوعب التجربة بسرعة واندمج مع زميلاته وزملائه فى حياة جامعية صحية للغاية، لم تكن الفتيات محجبات بل كن سافرات فى وقت شاع فيه رداء (المينى جيب) كأحد مظاهر الموضة فى ستينيات القرن الماضى، ولم ينبهر (ابن البحيرة) بما رآه فلقد كانت الأجواء توحى بالاحترام المتبادل والثقة الكاملة فى ظل ظروف اجتماعية متقاربة بسبب حالة الذوبان الطبقى التى جعلت الفروق بين الجميع فى حدودها الدنيا.

سواءً للقادمين من أعماق الريف أو القابعين فى أحشاء المدينة، وربما تعلق الفتى بزميلة لبعض الوقت ولكن ذلك لم يدم طويلًا فقد اندمج هو فى الحياة الثقافية والسياسية المتاحة فى العصر الناصرى.

والتى كانت تتمتع بهامش محدود من حرية الحركة فى ظل المعارك الوطنية التى قادها عبد الناصر فى تلك الفترة، وانشغل صاحبنا بالنشاط الطلابى الذى انخرط فيه والمدينة الجامعية التى عاش فيها أول عام من دراسته فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية حيث كانت تبدو المدينة كالبرلمان الوطنى لكل أبناء محافظات مصر القادمين من المدن والقرى يطلبون العلم فى أعرق جامعات المنطقة.

حتى أفرز الاتحاد الاشتراكى العربى - باعتباره التنظيم السياسى الواحد - تجربة منظمة الشباب العربى الاشتراكى وهى تجربة لها ما لها وعليها ما عليها، ولكننى أدعو إلى مراجعة نتائجها سلبًا أو إيجابًا، فهى تجربة حافلة بالنجاح والفشل تضم خلاصة حركة الشباب فى ستينيات القرن الماضى وهى التى قدمت للوطن أسماء لامعة فى مجالات مختلفة لا يزال بعضها يصارع الزمن ويقدم لوطنه عطاءً لا يتوقف؛ من أمثال مفيد شهاب وعلى الدين هلال وأحمد يوسف وأسامة الغزالى حرب ومنى ذو الفقار وعثمان محمد عثمان وكاتب هذه السطور.

ممن عبروا مع التجربة مرحلة الشباب بخبرات مكتسبة ورؤية مستقرة فى الأعماق جعلتهم قادرين على فرز الأخطاء وفهم الأمور والتفرقة بين ما هو وطنى مستقر وما هو سياسى عابر، وفى تلك الأثناء كانت هناك مراحل ثلاث للتدريب السياسى داخل خيام المناقشة التى كانت تحوى حوارًا حرًا يقوده رجل بقامة المفكر اليسارى الراحل عبد الغفار شكر.

وفى المرحلة الثانية التقيت بفتاة على قدر من جمال الشكل والخلق أنهت دراستها فى مدرسة الليسيه وتتهيأ بعد ذلك لدخول الجامعة حيث كانت تطمح فى الالتحاق بكلية الآداب استكمالًا لثقافتها الفرنسية ودراستها السابقة، وكان الشباب المصرى يردد ساخرًا فى تلك الفترة (إن الطريق إلى الزواج يمر بصنعاء)، إشارة إلى عودة الضباط الشباب من معارك اليمن مستعدين للزواج من أجمل الفتيات فى جامعات مصر.

وقد اقتربت - وقد كنت خريجًا حديثًا- من الفتاة الصغيرة (نجوى) ابنة الثمانية عشر ربيعًا والتى انضمت لشباب المنظمة عندما بدأت تنتشر معسكراتها فى الجامعات والمدارس، وتطور الإعجاب بيننا حيث كانت ترانى كما تقول أشبه بالفلاسفة الألمان من خلال نظارتى الطبية وأراها أميرة هندية من خلال لون بشرتها الذى ينطق بجمال مصرى فرعونى.

وأعجبنى فيها هدوؤها الشديد وذكاؤها الحاد وثقافتها الواسعة، فتقدمت لوالدها فى حفل خطوبة بسيط وانتظرت حتى استكملت هى دراستها فى قسم الصحافة بآداب القاهرة، وقد باركت الأسرتان ذلك الارتباط للشابين الصغيرين فى مستهل رحلة الحياة، وأتذكر أن السيدة الفاضلة سوزان مبارك - عندما كانت فى زيارة للنمسا لتسلم جائزة دولية وكنت أنا سفيرًا لبلادى هناك - وأثناء إحدى الجلسات معنا أنا وزوجتى أن سألتنا فى أى عمر تزوجتما؟.

وعندما أجبت أننى تزوجت فى الرابعة والعشرين أجابت السيدة الفاضلة بعفوية إنها سن مبكرة للزواج وقد يكون التريث أوفق بعد ذلك بسنوات قليلة، وعلقت زوجتى يومها بعد انتهاء اللقاء أنها لم تسترح للإجابة وأن الزواج المبكر قد يكون أفضل للطرفين للبدء فى رحلة الحياة معًا فى سنوات مبكرة!.

وأنا أكتب الآن هذه السطور لكى أؤكد أن مؤسسة الزواج صانعة الأسرة ليست سهلة التكوين ولا يسيرة الاستمرار، وقد تعترضها مشاعر متباينة ومشارب مختلفة لأنها تعنى حالة الاندماج بين كيانين متصلين يؤدى التوحد بينهما إلى ضرورة تخلى كل طرف عن بعض أفكاره وعاداته، والأمر هنا ليس سهلًا لأنه يعنى التخلى عن بعض الأشياء والتحلى ببدائل لها من الطرف الأخرى.

إنها التجربة الإنسانية الكبرى فى حياة البشر وهى تستلزم قدرًا كبيرًا من الحب والود والألفة التى تجعل العلاقة بعد سنوات تقف على أرض صلبة من العشرة القائمة والمحبة المتبادلة، وكم هى سعادتى وأنا أرى الفتاة الصغيرة التى اقترنت بها منذ أكثر من نصف قرن قد أصبحت ذات نشاط تطوعى فاعل على المستويين المحلى والدولى فى إسهام صامت لرفع المعاناة عن الآخرين!.

 

omantoday

GMT 23:31 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

أموال وأصوات في بلاد العم سام

GMT 23:30 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

البناء والإصلاح اليمنى

GMT 23:28 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

بأي حال كنت ياعيد..!

GMT 23:27 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

أحمد فتحي شاعر مظلوم

GMT 23:22 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

حملة مطاردة السوريين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 15 المؤسسة الزوجية وشراكة الحياة اعترافات ومراجعات 15 المؤسسة الزوجية وشراكة الحياة



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

مسقط - عمان اليوم

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 16:43 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 22:03 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 21:30 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab