العراقي كاشف الأعاصير

العراقي كاشف الأعاصير

العراقي كاشف الأعاصير

 عمان اليوم -

العراقي كاشف الأعاصير

إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

يأتيك «فيسبوك»، في بعض الصباحات، بأخبار مفجعة. وفي أحايين نادرة ينقل لك ما يسعدك وكنت تجهله. فمن مكان إقامته في ولاية فيلادلفيا الأميركية، نشر البروفسور العراقي تحسين السليم أن سبعة أعاصير حلزونية خطيرة وغير مسبوقة ضربت منطقتهم. اقتلعت العواصف الأشجار، حطمت البيوت. لقد شاهد العالم غضبة الطبيعة عبر التلفزيون لكن صاحب المنشور أضاف بأن كثيرين لا يعرفون أن مكتشف قوانين حركة الأعاصير هو عالم الفيزياء والمناخ الراحل الدكتور عبد الجبار عبد الله، المولود في جنوب العراق عام 1911.
ينتمي العالمان، عبد الله والسليم، إلى الصابئة المندائيين. طائفة عريقة يعيش أبناؤها جيراناً للأنهار. فقدوا الأمان في موطنهم وتبعثر كثيرون منهم في البلاد. وكان والد تحسين السليم معلماً لعبد الجبار عبد الله ابن الشيخ سام في بلدة قلعة صالح بمحافظة العمارة. ولم تكن مشيخة الطائفة تعني الثراء. ونشأ الولد النابه متواضعاً يسرح حافياً مع أقران حفاة. وقد سئل، فيما بعد، عن سبب اهتمامه بالعواصف الحلزونية فقال إنه كان في صغره مأخوذاً بمراقبة «الخورة» في مجرى دجلة، والتيارات المائية الدوارة التي يسمونها «الفاتولة». وكم ابتلعت دوامة النهر من غرقى.
يعرف العراقيون عبد الجبار عبد الله باعتباره ثاني رئيس لجامعة بغداد أيام عبد الكريم قاسم. وقد سبقه إلى المنصب، قبل عبث الطائفية بالعقول، الدكتور متى عقراوي. كان عبد الله طالباً متفوقاً حصل على بعثة للدراسة في الجامعة الأميركية في بيروت. ثم نال الدكتوراه في الفيزياء وعلوم الطبيعة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة. عمل رئيساً لقسم الفيزياء في دار المعلمين العالية، وكان ينشر أبحاثه في المجلات العالمية لحين تعيينه رئيساً للجامعة في العهد الجمهوري.
تعرض للاعتقال بعد انقلاب 1963. أهين بدون تهمة حقيقية ولم تشفع له علومه. والاقتصاص من العلماء تراث قديم. وبعد إطلاق سراحه سمح له بالسفر فذهب إلى الولايات المتحدة وعمل أستاذاً في جامعة كولورادو، ثم أستاذاً في علوم الأنواء الجوية في جامعة ولاية نيويورك في «ألباني». نال منحة لإجراء دراسات حول إمكانية السيطرة على جموح الطبيعة أو التدخل لتغيير الطقس.
اقترن اسم العالم العراقي بأساطير كثيرة. منها أنه كان تلميذاً للعالم الفذ ألبرت آينشتاين. وتقديراً لتفوقه أهداه هذا الأخير قلم الحبر الثمين الخاص به. وهو القلم الذي سلبه إياه سجانوه البعثيون. بل تداولت المواقع صورة تجمع بين التلميذ والأستاذ. والحقيقة، كما فصلها مقال للباحث صادق الطائي، أن الرجلين لم يلتقيا. وفند الطائي ما شاع من أن الرئيس الأميركي ترومان منح الدكتور عبد الجبار عبد الله وسام العلم. وهو وسام لا وجود له في الولايات المتحدة.
توفي عبد الجبار عبد الله عام 1969 وهو في أواسط خمسينياته. وأوصى بنقل جثمانه إلى موطنه حيث دفن في المقبرة المندائية قرب بغداد. وقد أقام له أبناء طائفته تمثالاً في معبدهم. ولو كان العراق بلداً طبيعياً لاحتفلت الأوساط العلمية بمئوية ولادة صاحب الأعاصير ودارس الزوابع ومكتشف قوانينها. واحد من مئات النوابغ الذين يعملون خارج أرض أجدادهم وينتظرون معجزة استقرارها. ومنهم البروفسور تحسين السليم، المتخصص في علم الأمراض النسيجي والسريري وأمراض الدم. وكان قد أنشأ سجلاً للأورام في مدينة الطب قبل مغادرته العراق للعمل في أميركا. ولو جاز لي أن أتحدث عن جانب شخصي لقلت إن أول مقابلة صحافية دشنت بها مهنتي كانت معه قبل أربعين عاماً... امسكوا الخشب.

omantoday

GMT 01:51 2023 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

الذكاء الاصطناعي بين التسيير والتخيير

GMT 02:58 2023 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

الأيام الصعبة

GMT 02:52 2023 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

«بحب السيما» وبحب جورج إسحاق

GMT 02:51 2023 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

فرق توقيت

GMT 02:49 2023 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

السعودية الجديدة... الإثارة متواصلة ومستمرة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراقي كاشف الأعاصير العراقي كاشف الأعاصير



نوال الزغبي تستعرض أناقتها بإطلالات ساحرة

بيروت ـ عمان اليوم

GMT 09:27 2024 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع
 عمان اليوم - ألوان الطبيعة أبرز اتجاهات الديكور هذا الربيع

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab