أشطر من «كوفيد»

أشطر من «كوفيد»

أشطر من «كوفيد»

 عمان اليوم -

أشطر من «كوفيد»

إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

يواصل الفيروس نشاطه في حصد الأرواح. يتحول الأموات إلى أرقام متصاعدة في نشرات الأخبار. يرتعب الإنسان ويعيد التفكير في أولويات وجوده. والعاقل منا يدرك أنَّ الحرب عبث، والتكالب عبث، ولا مجال في هذا الواقع الرجراج سوى لتأسيس حياة تستقر على الصحة والسلام. لكن هناك من لا يرتاح إلا في الكوابيس. صراصير تنشط في المجاري القذرة. وإلا كيف نصف ما رأيناه بعد التفجيرين الأخيرين في بغداد؟ وحوش يتسابقون مع الفيروس في سلب أرواح فقراء. يقلبون سوقاً شعبية إلى مشرحة. إنَّ القتلة هنا، مهما كانت مسمياتهم، أخطر من «كوفيد». والطائفية المستفحلة في بلد مثل العراق هي الجائحة.
في اليوم الحزين ذاته، كانت صحف العالم تتحدث عن برج رائع في هونغ كونغ من تصميم شركة زها حديد. غادرتنا المهندسة العراقية العالمية، فجأة، لكنها تركت وراءها إرثاً متواصلاً من الجمال والفن والإبداع، مثل الصدقة الجارية. وفي مواجهة عراقيين يصنعون الموت يقف عراقيون يصنعون الحياة. وأشكال الحياة كثيرة. كتب وأفلام وقصائد وأغنيات وروايات ومسرحيات وكفاءات علمية وبراءات اختراع تسجل في العديد من دول الغرب. لا أحد يعرف أين يقع قلب هذا الجسد الأصيل الحي. شعب بقلوب عديدة تنبض رغم أنف الخراب.
يحاصرنا الفيروس ويتركنا بين مطرقة جميلة وسندان أجمل: الشاشة والكتاب. يستطيل الوقت، لكنه يبقى قاصراً عن قراءة كل تلك الروايات العراقية التي تصدر في البلد وخارجه. هذا إذا وجدنا إليها سبيلاً. وبين يدي كتاب صادر عن دار الشروق في القاهرة للكاتبة العراقية ميسون ملك. والغلاف يقول إنَّه مجموعة قصص. وهو في الحقيقة قصة واحدة هي قصة الكثيرين من أبناء وبنات جيلنا. محنة العراقي الذي نشأ في زمن آخر وابتلي بالذاكرة.
أمشي بين القصص وكأنني أنزل من شارع السعدون إلى الكرادة. أتحاشى هبات الحنين وأتوقف عند تجربة مختلفة لكاتبة مختلفة. فالمؤلفة خبيرة في الاقتصاد، اشتغلت مع الأمم المتحدة ومنظمات دولية. عملت في مصر وتونس وأفغانستان وشرق آسيا وأميركا اللاتينية. ما الذي يجعلها تشمُّ زهر النارنج البغدادي وهي في مزار الشريف؟ يستفحل المرض في جسد شقيقها في بغداد فتفعل المستحيل لكي تنقله إلى دمشق، في محطة أولى. ثم تحصل له على تأشيرة مصرية. وحياة العراقيين محطات. يقف «الريل» في بلدات قريبة وتمضي الطائرات بالآخرين إلى سهوب نيوزيلندا وصقيع كندا.
في إحدى القصص، تحكي الراوية عن ابنتها التي تتزوج في فندق قاهري، بينما الخال يحتضر في مستشفى بالجيزة. تذهب العروس لزيارته بعد عقد القران مباشرة: «حضرت بثوبها الطويل وزينتها إلى المستشفى. التحقت بنا خالتك وغيتارها وبدأنا حفلة صغيرة. نسينا أننا مهاجرون، وأننا نتعذّب من أجل وطن يضيع منا. وأننا في غرفة مستشفى. وأنَّ أيام أخي معدودات. نسينا كل شيء إلا أننا ما زلنا نستطيع أن نكون معاً، وأننا قادرون على ارتكاب الفرح. ها أنا ذا أجرب سرَّ الوجود. الحياة والموت. كل يغازل الآخر. يرقصان وجهاً لوجه. ضيفان يشاركاننا عزف خالتك ورقص أمك، وهذا الفرح الذي يغمرنا والنهاية تقترب من أخي».

omantoday

GMT 23:31 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

أموال وأصوات في بلاد العم سام

GMT 23:30 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

البناء والإصلاح اليمنى

GMT 23:28 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

بأي حال كنت ياعيد..!

GMT 23:27 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

أحمد فتحي شاعر مظلوم

GMT 23:22 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

حملة مطاردة السوريين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أشطر من «كوفيد» أشطر من «كوفيد»



بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

مسقط - عمان اليوم

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:10 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab