من ينسى أنجيلا

من ينسى أنجيلا؟

من ينسى أنجيلا؟

 عمان اليوم -

من ينسى أنجيلا

بقلم : إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

كدت أكتب في العنوان: «هل تذكرونها؟». لكن من ينسى أنجيلا ديفيز؟ يعود اسم المناضلة الأميركية إلى صدارة المشهد بمناسبة مرور خمسين عاماً على ملاحقتها وسجنها في بلدها. وها هي دورية «أسطورة» الباريسية تخصص لها عدداً فخماً باعتبارها من أساطير القرن العشرين. والمكتبات تستقبل كتاباً عنها من نوع الرسوم المصورة. سيهديه فرنسيون مثقلون بالذكريات إلى أبنائهم أو أحفادهم بمناسبة رأس السنة. لا بد للصغار أن يعرفوا من تكون. وسيطالع الآباء والأجداد الكتاب قبل الصغار وتتقد في شرايينهم جمرات خابية.
وصل اسمها إلى مدننا العربية مع أسماء شخصيات عالمية جابهت التمييز العنصري. روزا بارك ومارتن لوثر كينغ وميريام ماكيبا وستوكلي كارمايكل وبقية الفهود السود. رجال ونساء رفعوا قبضاتهم المضمومة ونادوا بشعار «القوة السوداء». ثم صعد اسم مانديلا واكتسح المشهد. لكن أنجيلا، بشعرها الأفريقي الذي يرسم هالة مستديرة واسعة حول وجهها، كانت الأيقونة. صارت تسريحتها «الآفرو» عنواناً تتبناه الشابات والشبان.
اليوم يصفق العالم لتعيين كامالا هاريس، الحقوقية ذات الأصول الهندية، في منصب نائب رئيس الولايات المتحدة. لكن أنجيلا ديفيز سبقتها بالترشح للمنصب مرتين في ثمانينات القرن الماضي، نائبة لرئيس الحزب الشيوعي الأميركي غاس هال. وأن يسعى زعيم شيوعي نحو البيت الأبيض شيء، وأن ينجح في دخوله شيء آخر. مثل المباريات الرياضية الودية التي يقول الخاسر فيها إن «العبرة بالوجوه الطيبة».
بلغت أنجيلا السادسة والسبعين. شاب شعرها وتبعثرت الهالة حول وجهها لكن العناد هو هو. إنها اليوم أستاذة جامعية للفلسفة. ناصرت بشكل طبيعي جو بايدن ضد ترمب. وفي عز المعركة وجدت الوقت لتقفز إلى أوكلاند وتتزعم مظاهرة ضد عنف الشرطة في نيوزيلندا. واسألوا أنجيلا عن عنف الشرطة وهي تحكي لكم حكايات شهرزاد. وكان عنوان أول كتبها: «إذا جاءوا في الفجر». نشأت في مجتمع كانت قوانين الفصل العنصري ما زالت تسري فيه. انخرطت مبكرة في النضال من أجل الحقوق المدنية للسود. دخلت السجن في مثل هذه الأيام من عام 1970 بعد اختطاف رهائن داخل محكمة في كاليفورنيا. انتهت المحاولة بمقتل القاضي. كانت هي من اشترى المسدس قبل يومين من الحادث. طاردتها الشرطة الفيدرالية في تفاصيل تشبه مسلسل «الهارب». وكانت طوال فترة هروبها المطلوبة رقم واحد في عموم الولايات المتحدة. أمضت سنتين في السجن وخرجت لتكمل دراستها وتتخصص في الدراسات النسوية. تحولت أنجيلا ديفيز إلى رمز عالمي.
نالت شهادات دكتوراه فخرية من جامعات عالمية. ولها أهدى فريق «الرولينغ ستون» أغنية «الملاك الأسود الجميل». ولها أنشد نجم «البيتلز» جون لينون أغنية تحمل اسمها. ومثله فعل المغني وبطل كرة المضرب الفرنسي يانيك نوا. واختارها الكاتب الأميركي فيليب روث كشخصية في إحدى رواياته. وفي فرنسا حملت شوارع ومدارس اسم «أنجيلا». وأطلق معهد العلوم السياسية في تولوز اسمها على إحدى دفعات خريجيه. وفي الإصدار الجديد لمجلة «تايم» عن نساء العام للسنوات المائة الماضية اختيرت ديفيز لتكون امرأة عام 1970. لكن يبقى هناك من يمشي بالمقلوب. فقد تراجع معهد القوانين المدنية في برمنغهام، مسقط رأسها، عن تكريمها. والسبب مقال «يتهمها» بأنها تؤيد حملة مقاطعة البضائع الإسرائيلية.
قابلتها في مؤتمر المرأة العالمي في نيروبي عام 1985. رأيت أنجيلا ديفيز بتسريحتها الشهيرة واقفة خارج القاعة تدخن سيكاراً رجالياً. تحدثنا وأبدت أسفها لحرب العراق وإيران وتبادلنا العناوين. ثم قدمت لي سيكاراً وأخذته منها كتذكار لأنني لا أدخن. لم نكن قد دخلنا مدار الشيشة.

omantoday

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين

GMT 08:30 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 08:29 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 08:28 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من ينسى أنجيلا من ينسى أنجيلا



اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

القاهرة - عمان اليوم

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab