الحقيقة المخفية بين التصريح والتلميح

الحقيقة المخفية بين التصريح والتلميح

الحقيقة المخفية بين التصريح والتلميح

 عمان اليوم -

الحقيقة المخفية بين التصريح والتلميح

بقلم:سوسن الشاعر

ومقارنةً بين تصريح سيناتور أميركي وتلميح فيلم بريطاني تعرّفنا حقيقة ذلك التحالف وواقعه، والفارق بين ما تروجه قواها الناعمة وما تقوم به قواتها على الأرض، وأيهما (التصريح أم التلميح) أصدق في ترجمة تلك الاستراتيجية الأنجلوسكسونية تجاه الخسائر البشرية التي تعترض أهدافهما أثناء قواعد الاشتباك في المعارك العسكرية، وفي تقديرها للأرواح البشرية حين تتقاطع مع مصالحها الأمنية.

التصريح كالتالي:

«لقد قضينا على نصف الجيش الروسي مقابل أموالنا التي دعمنا أوكرانيا بها، والتي تعادل 3 في المائة فقط من ميزانيتنا العسكرية، ولم نخسر جندياً أميركياً واحداً... من هذا المنظور، فهذه صفقة جيدة جداً»... السيناتور الأميركي ريتشارد بلومنتال هو قائل هذه العبارة.

بغضّ النظر عن صحة الأرقام والنسب، أي بغض النظر عن تقليل حجم الدعم الأميركي لأوكرانيا وتضخيم خسائر الجيش الروسي، فإن الرسالة الواضحة المستخلَصة من السيناتور الأميركي ليست أن أميركا تحارب في أوكرانيا؛ فالكل يعلم أن الولايات المتحدة الأميركية هي التي تحارب روسيا وتهدف إلى إضعاف جيشها. إنما الرسالة الأوضح من هذا التصريح هي أنه لا أهمية تُذكر لأوكرانيا، لا كدولة ولا كشعب، لدرجة أنه لم يكلف نفسه حتى باحتساب خسائرها البشرية، لا خسائر أرواحها ولا كلفة الخسائر المادية لها... لم يكلف نفسه بوضعها حتى ضمن المعادلة. إنه تصريح يفتقد الحس الإنساني بجدارة، ويصور حرباً راح فيها عشرات الآلاف، إن لم يكن مئات الآلاف من البشر لهم أسر تبكيهم «بالصفقة»، كما سماها، فأميركا تدفع مالاً، وروسيا تخسر جيشاً. أما أوكرانيا وشعبها فليسوا سوى وكلاء وحطب وقود لا يهم حتى لو قضي على جيشها بأكمله وتدمرت وخسرت جزءاً من أراضيها. المهم في الأمر هو احتساب خسائر الروس، ليس هناك أوضح من هذا الاعتراف الصريح للاستراتيجية الأنجلوسكسونية بشكل عام والأميركية بشكل خاص بقواعد الاشتباك.

فالخسائر الأوكرانية البشرية لا تُحصى، ولا يعرف السيناتور عددها، إنما حين يضعون هدفاً يخص مصالحهم، فالأرواح البشرية التي تسقط أثناء أداء المهمة أياً كان عددها ما هم سوى خسائر مشروعة هامشية جانبية أثناء الاشتباك، بل إنه يفاخر بأنهم لم يخسروا جندياً أميركياً واحداً. المهم تحقيق الهدف... يا لها من صفقة!!

نأتي للتلميح ورسم صورة ملائكية عن قواعد الاشتباك التي يروج لها فيلم بريطاني اسمه «عيون في السماء».

الفيلم كله يدور حول إرهابي (مسلم طبعاً) مستهدَف من القوات البريطانية في جنوب أفريقيا، ويُلاحق منذ ست سنوات، وحين عثروا عليه وقرروا استهدافه بصاروخ يُطلق عن بُعد عن طريق الطائرات المسيرة، يكتشفون أن فتاة أفريقية مسلمة صغيرة تبيع الخبز موجودة بجانب المنزل الذي ينوون تفجيره، والذي بداخله هذا الإرهابي!!

يدور الفيلم حول استراتيجيتهم (الإنسانية المرهفة) التي بسببها كادت تُلغى العملية، لمجرد أن تلك الفتاة الصغيرة معرَّضة للخطر، ومحاولتهم المستميتة، وبكائهم وتأثرهم لإبعادها عن موقع الهدف؛ بإرسال عميل لهم ليشتري كل الخبز، من أجل أن تترك الفتاة الموقع ليتمكنوا من إطلاق الصاروخ.

الحبكة الدرامية رائعة وتحبس الأنفاس، والإخراج لجافين هوود، والموسيقى والتصوير، وطبعاً التمثيل لهيلين ميرن أكثر من رائع، إنما الرسالة كانت أن الأرواح البشرية، وإن كانت فتاة واحدة سمراء، لها قيمة وتعني لهم الكثير، حتى لو كان الثمن خسارتهم لصيد ثمين صرفوا كثيراً من أجل العثور عليه.

إعادة قراءة تصريح السيناتور الأميركي تذكر أن مئات الآلاف من الأرواح البشرية لا تدخل في الحسبة ولا تُعد من الخسائر، كما روج فيلم «Eye in the Sky».

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحقيقة المخفية بين التصريح والتلميح الحقيقة المخفية بين التصريح والتلميح



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 21:21 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 18:09 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 17:00 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 19:12 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:46 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 04:28 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:30 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 19:31 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 16:52 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 04:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 09:21 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الميزان

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تواجهك عراقيل لكن الحظ حليفك وتتخطاها بالصبر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon