هذا ليس وقته

هذا ليس وقته

هذا ليس وقته

 عمان اليوم -

هذا ليس وقته

سوسن الشاعر
بقلم - سوسن الشاعر

الكتابة في وقت الأزمات العربية تعد عملاً انتحارياً لأي كاتب يريد أن يستخدم أدوات المنطق، بغض النظر عن النتائج التي سيصل إليها، فالجمهور العربي لن يسمح له، إذ هو من يحدد له وقت استخدام عقله، وغالباً «هذا ليس وقته».

لذلك ومن وجهة نظري فإن الجمهور العربي هو أكثر الجماهير سهولة للانقياد، ولا يحتاج إلى عناء كبير في استدراجه، ما عليك إلا أن تجاري مزاجه ودع عنك البحث عن طريق أو مخرج أو حل «فهذا ليس وقته»، لأنه جمهور يعتقد أنه ليس بحاجة لعقل ومنطق وتحليل وقت الأزمات أو وقت المشاركات الجماعية، إنه جمهور يبحث الانسجام عن الراحة الفكرية في مثل تلك الأوقات، فإن كان غاضبا فعلى الجميع أن يسايره، وإن كان فرحا فعلى الجميع أن يسايره أيضا، فإن شذ أي صوت عن مزاجه العام فسيسمع ردا واحدا يتكرر كل مرة «هذا ليس وقته»، والمصيبة أنه جمهور لا يعرف متى هو الوقت المناسب؟

خذ على سبيل المثال الوضع الآن مع أحداث غزة، المزاج العربي العام لا يريد إلا أن يسمع الصوت الوحيد المسموح به الآن وهو لمن يسيء إلى المسؤولين العرب، ويسب إسرائيل، ويضعهما في خانة واحدة، فهما المسؤولان عن آلام أهل غزة، الإسرائيليون لأنهم يقتلون أطفال غزة والمسؤولون العرب لأنهم لا يحاربون الإسرائيليين.

أي صوت لا ينضم لهذه الجوقة وله نوتة مختلفة سيسمع ردا جماعيا بأن «هذا ليس وقته».

حاول أن تحلل الوضع وتستشرف المستقبل في ضوء المعطيات الواقعية، حاول أن تبحث عن دور لإيران مثلا أو عن ثمن ما فعلته «حماس»، ستسمع ردا واحدا «هذا ليس وقته».

اقرأ التعليقات على مقالات الرأي ستجد أغلبها لا يريد أن يسمع رأيا يبتعد عن المزاج العام أنملة واحدة، عليك أن تجاريه وإلا فصوتك مرفوض ومقموع بل وتكال لك التهم ولمن يقف وراءك ولدولتك ولقيادتك، فإما أن تساير المزاج العام وإلا فعليك أن تلتزم الصمت.

أي صوت يفتح الآن للبحث عن مخارج لهذه الكارثة مرفوض، فهذا ليس وقته، أي صوت يسأل أين الحل؟ مرفوض فهذا ليس وقته.

المزاج العام لا يريد إلا أن يسمع ما يريح نفسيته وما ينسجم معها، أذنه لا تستسيغ أن تسمع إلا ما يؤكد حقه في التوغل في ذلك المزاج واستمراره، إن كتبت مقالا، إن تحدثت في لقاء، حتى إن غنيت فعليك أن تطرب المزاج العام، الكل يجب أن يساير المزاج العام.

من يستخدم عقله، من يحاول أن يفهم، من يشغل ماكينة المنطق، سيمنع، سيهاجم، سيقمع، «فهذا ليس وقته»، أي صوت يخالف المزاج العام يجعلك صهيونيا متخاذلا، وربما خائنا!

لذلك فإن الكتابة بالعربي إن كانت مختلفة عن المزاج العام فهي عمل انتحاري عن سبق إصرار وترصد في مواجهة المزاج العام، أما المأساة الحقيقية فهي تلك المفارقة التي تتباكى فيها الجماهير العربية على حقها التعبيري المسلوب!

omantoday

GMT 22:25 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

حل الدولتين؟

GMT 22:23 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 22:22 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 22:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 22:19 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذا ليس وقته هذا ليس وقته



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

مسقط - عمان اليوم

GMT 06:18 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أحدث سعيدة خلال هذا الشهر

GMT 16:43 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 19:34 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab