مشاعر الكراهية

مشاعر الكراهية

مشاعر الكراهية

 عمان اليوم -

مشاعر الكراهية

بقلم : أحمد بن سالم الفلاحي

ما هو مشاع أكثر؛ أن مشاعر الكراهية موجهة نحو ثلاثة عناوين عريضة هي:
– الدين؛ الذي أسقطت عليه مذاهب شتى.
– العرق؛ الذي حُمّل بألوان متعددة.
– النوع (الذكر/الأنثى)؛ الذي بقي قضية مفتعلة، لا أكثر.
ولكن الواقع يزيد عن ذلك بكثير، فهناك محطات متعددة، تتأجج من خلالها مشاعر الكراهية، وفي مواقف أخرى تظل مفتعلة لتنفيذ أجندات كثيرة، حيث تمتحن فيها النفوس في إراداتها، وفي نواياها، وفي طموحات أفرادها، وحتى في إخفاقاتها، وبذلك لم تخرج الإنسانية عن فطرتها البشرية، الموزونة بحالتي الخير والشر، وقدرتها، في الوقت نفسه على تحكيم حياديتها إلى أي طرف هي أقرب لـ”التقوى”.
هذه هي الصورة العامة الشائعة، وبالتالي فعندما يغالي الفرد في الكراهية أكثر مما ينبغي، أو يخرج عن المألوف، هنا ينتقل من حالته المألوفة المقبولة إلى حالته الشاذة المذمومة القبيحة، ذلك أن ثمن تأجيج الكراهية أو افتعالها ثمن ثقيل ومزعج، ويبعث على الاشمئزاز، ولو أن الإنسانية برمتها أدمنت هي نفسها على هذه الصورة السوداوية، لضعف فطرتها، وهذا ما يؤسف له حقًا.
وإذا قبل وجه ما من أوجه هذه الكراهية -وهو الحد الأدنى منها- فإن الأوجه الـ(3) الأخرى مذمومة ومرفوضة: إنسانيًا، وقيميًا، وشرعًا، وقانونًا، ومن يتجاوز كل هذه الخطوط المؤمنة لما دون الكراهية، فيستحق مجابهته ومعاقبته، بل ونبذه؛ لأنه عضو مريض وفاسد، ويستلزم الأمر استئصاله، فهو ليس جديرًا أن يبقى بين البشر الطبيعيين؛ لأنه يزيد الأمر سوءًا، ويزيد المحنة محنة، ويظل عقبة كأداء في وجه التصالح مع الذات، هذه الذات التي تستنفر في مواقف، وتهادن في مواقف أخرى.
وتأجيج مشاعر الكراهية، أو افتعالها أصبح اليوم أكثر سهولة من ذي قبل، فالوسائل -وفي مقدمتها وسائل التواصل الاجتماعي- تتيح لكل ذي حقد أن يبث سمومه عبر هذا الفضاء اللامتناهي، ويلبس الحياة برمتها سحابة مثقلة بالسواد، حيث حمولة الأحقاد والكراهية واختزال أي منجز إنساني يمكنه أن يكون مشرقًا في لحظة صفاء تتصالح فيه الذوات مع نفسها، ومع من حولها من البشر، والشجر، والحجر، وبتصفح قليل خاطف يمكن لأحدنا أن يقرأ هذا الـ”غثيان” الذي تنقله هذه الوسائل اليوم، ويا ليت أنَّ من يكتبه يكتبه عن قناعة، وإنما يكتبه عن آخرين بـ”الإجارة” كما يقال، هذا بخلاف نفس هذا الـ”غثيان” الذي تبثه بعض القنوات الفضائية لا تقل سخافة عن الوسائل الأخرى، وهذا ما يحز في النفس، حيث التناقض السافر بين المنظر والمخبر.
المؤلم أيضا، أن يسير مع الركبان أناس يظنون أنهم مصلحون لأوطانهم، وهم يغالون في النقد، غير القائم على حقائق الأشياء، حيث يتكلمون من أبراجهم العاجية، يتقصون كل تقصير، وكل مثلبة للجهود المبذولة على مستوى الوطن، وأقرب دليل ما تم التطرق إليه حول الجهود المقدرة التي تستحق الثناء والتثمين والإجلال التي تقوم بها اللجنة العليا المكلفة بالتعامل مع جائحة (كورونا كوفيد19)، في الوقت الذي يفترض أن يتكاتف الجميع للخروج من هذه المحنة بأقل الأضرار، فهذه محنة دولة وفرد، وليست مسؤولية مؤسسة بعينها، وكان الأولى لهؤلاء الـ”ناعقين” أن يلتزموا ويلزموا أنفسهم بالتعليمات الصادرة من اللجنة العليا، ويؤازروا مختلف هذه الجهود المبذولة، ولا يكونون معول هدم لكل ما يبذل، فالأوطان تتآزر بأبنائها في أوقات المحن، وليس لها إلا أبناؤها حتى تنجلي المحن، ويستنشق الوطن عطر انتصاره، بفضل الله على أبنائه الذين يؤازروه في أوقاته الصعبة، ولكنها سموم الأنفس التي تبث هنا وهناك، مفتعلة بصورة أو بأخرى مشاعر الكراهية تجاه المنجز، ومنجرة نحو ما تهوى له الأنفس الضيقة.
 

omantoday

GMT 23:31 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

أموال وأصوات في بلاد العم سام

GMT 23:30 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

البناء والإصلاح اليمنى

GMT 23:28 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

بأي حال كنت ياعيد..!

GMT 23:27 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

أحمد فتحي شاعر مظلوم

GMT 23:22 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

حملة مطاردة السوريين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشاعر الكراهية مشاعر الكراهية



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

مسقط - عمان اليوم

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 16:43 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 22:03 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 21:30 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab