سفينة فنان العرب تصعد القمر

سفينة فنان العرب تصعد القمر

سفينة فنان العرب تصعد القمر

 عمان اليوم -

سفينة فنان العرب تصعد القمر

بقلم: طارق الشناوي

ليلتان من الفن الغنائي الأصيل عشت معهما عبر فضائية «إم بي سي»، في ختام «موسم الرياض».

ودعنا مع صوت فنان العرب محمد عبده، 23 واستقبلنا 24، وهو اللقب الذي أطلقه عليه الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، ورددته بعده الجماهير العربية.

جميل ورائع أن يغني محمد عبده على مسرح يحمل اسم محمد عبده، وهي لمحة ذكية جداً التقطتها عين رئيس هيئة الترفيه المستشار تركي آل الشيخ، عندما يشهد الفنان تكريمه وهو يتنفس الحياة، دأبنا أن نطلق أسماء من نحبهم ونقدرهم بعد الرحيل، وهكذا مثلاً لدينا مسرح يحمل اسم عبد الوهاب، وآخر أم كلثوم، وثالث يوسف وهبي، أطلقت هذه الأسماء لتخليد الذكرى، بينما في حياتهم لم ندرك أهمية أن نسعدهم وهم بيننا. ليلتان استعدنا خلالهما قسطاً وافراً من أهم المحطات الغنائية لمحمد عبده، ومن خلالهما استعدنا أيضاً مواقف من حياتنا، تمتد لأكثر من ستة عقود من الزمان.

الفنان السعودي الكبير الذي حمل الراية بكل حب وتقدير بعد طلال مداح، محققاً للأغنية السعودية والخليجية كل هذا الانتشار، وذلك منذ مطلع الستينات، تمكن برشاقة من عبور حاجز الزمن، متنقلاً بين الأجيال الثلاثة، الجد والأب والحفيد.

تمسك باللهجة السعودية، ولعب دوراً محورياً في ذيوع مذاق النغم والإيقاعات الخليجية. كانت نقطة الارتكاز المصرية من خلال حفلات «أضواء المدينة»، قد أحدثت على المستوى الجماهيري، فارقاً جوهرياً، في عز قوة وسحر الإذاعة مطلع السبعينات. الجمهور المصري يفتح قلبه للموهبة الصادقة، احتل محمد عبده مساحة معتبرة في القلوب، محققاً شعبية طاغية، شهد لها الجميع... كلمات أغانيه بقدر ما هي مغرقة في محليتها، تكتشف أنها متداولة عربياً، يختار المفردات التي نطلق عليها «بيضاء»، تلك التي تملك سرها في مبناها ومعناها.

لم ألتق فنان العرب إلا مرات قليلة جداً، وربما تبادلنا حواراً عابراً مرة أو اثنتين، ما يتبقى في الذاكرة أنني شعرت في لحظات باقتراب الإنسان محمد عبده من وجداني.

سألت نفسي لماذا؟ اكتشفت أنه كإنسان ما يشعر به في قلبه ينطقه لسانه، سواء كان يغني أو يتكلم، يتحدث بكل فخر عن فقره، واشتغاله أعمالاً يدوية بسيطة وبيعه لـ«البليلة» للإنفاق على أسرته وهو في السابعة من عمره، يحكي بكل اعتزاز وفخر بأن أمه كانت تتولى غسل الملابس، لأهل الحي، حتى تستطيع ببضع ريالات الإنفاق على الأسرة، حتى أدميت أصابعها، فقرر محمد عبده أن يتولى بدلاً عنها المسؤولية، ويعمل في صناعة السفن، تلك كانت أمنية والده. الفقر ظل ملازماً للأسرة بضع سنوات لاحقة، حتى إنه عاش داخل الملجأ، هذا الفقر، الذي يستحق صفة «مدقع»، والذي يعني عدم وجود مأوى، لم يخجل أبداً محمد عبده من إعلانه.

كان الراحل عبد الحليم حافظ يتجنب طوال مشواره الحديث عن بقائه عدة سنوات في ملجأ الأيتام، رغم أنه تعلم هناك أبجديات الموسيقى، بينما محمد عبده اعتبرها وساماً على صدره، وهي قطعاً كذلك، لأنها تتحول مع الزمن إلى حافز لا ينفد للإبداع، عندما نعلن نصفو، وهذا هو ما يعيشه محمد عبده، الصفاء الداخلي والخارجي.

لفتة إنسانية راقية وعميقة تشبه تماماً محمد عبده، عندما أهدى له تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه درعاً ذهبية ثمينة، فقرر أن يهدي ثمنها لإغاثة أهالينا في غزة.

الإنسان محمد عبده هو الوجه الآخر للفنان محمد عبده، انطلق إبداعياً منذ زمن العمالقة، وصعد للقمر بسفينته بقوة دفع لوقود اسمه الصدق، طوال هذه السنوات، لا تزال السفينة تحلق في السماء السابعة.

 

omantoday

GMT 09:24 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

ليست إبادة لكن ماذا؟

GMT 09:22 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

بهلوانيات المشهد السوداني!!

GMT 09:20 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

دستور الكويت ودستور تركيا... ومسألة التعديل

GMT 09:19 2024 الخميس ,23 أيار / مايو

آثار نجران و«حِمَى الثقافية» بالسعودية

GMT 09:04 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

على أي رف...؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سفينة فنان العرب تصعد القمر سفينة فنان العرب تصعد القمر



اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تواجهك عراقيل لكن الحظ حليفك وتتخطاها بالصبر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab