أطفالنا اليوم يحتاجون إلى عناية مضاعفة

أطفالنا اليوم يحتاجون إلى عناية مضاعفة

أطفالنا اليوم يحتاجون إلى عناية مضاعفة

 عمان اليوم -

أطفالنا اليوم يحتاجون إلى عناية مضاعفة

بقلم:د. آمال موسى

أنا شخصياً لم أذهب في سن الطفولة المبكرة إلى روضة أطفال، وغالبية جيلي كانوا مثلي. فأول خروجٍ حقيقي من فضاء الأسرة كان يتمُّ في اتجاه المدرسة مباشرة. ولنقلها بكل صراحة: المدرسة قبل السنوات الأخيرة كانت تقبل الأطفال وهم صفر معرفة. في السبعينات والثمانينات كانت المدارس هي الأولى كمؤسسة وظيفتها التنشئة الاجتماعية والتربوية التي تأخذ بيد الأطفال نحو الكتابة والقراءة والحساب.

وطبعاً هذا الزمن أنتج أجيالاً من العلماء والكفاءات التي حملت على أكتافها بناء الدول العربية الحديثة الاستقلال آنذاك.

في مقابل ذلك، من المهم الاعتراف بعدد من المعطيات الواقعية الجديدة، ومن دون الاعتراف بها لا يمكن تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في التعليم الجيد. وأول ما يجب الاعتراف به أن مرحلة التربية ما قبل المدرسية ما زالت تعد ثانوية في مجتمعاتنا، في حين أن التعليم في أوروبا يولي كل العناية ومن عقود طويلة بمرحلة التربية ما قبل المدرسية.

من النقاط محل موضوع الاعتراف أن المدرسة اليوم لم تعد تستقبلنا ونحن لا نفقه من الكتابة والقراءة شيئاً. مدرسة اليوم تشترط في الطفل أن يكون ملماً بأبجديات القراءة والخط والأرقام. ومثل هذا الشرط هو مشكلة كبيرة بالنسبة إلى الأطفال الذين ينتمون إلى عائلات محدودة الإمكانات؛ إذ إنه يتعذر على أوليائهم تسجيلهم في رياض أطفال في سن الثالثة والرابعة من أعمارهم، الشيء الذي يجعلهم يواجهون صعوبات في التعلم ويكون تحصيلهم الدراسي ضعيفاً، وهذا حسب اعتقادنا يرتقي إلى مظهر مهم من مظاهر التهديد.

طبعاً من المهم توصيف عدم ذهاب عدد كبير من الأطفال إلى رياض الأطفال بأنه مظهر من مظاهر عدم تكافؤ الفرص بين الأطفال. نعتمد هذا التوصيف مع العلم أن المجهودات المبذولة من طرف الدول العربية في هذا المجال متفاوتة نسبياً، ولكنها في تنامٍ، وهذا يثمَّن باعتباره يؤشر لتزايد الوعي بأهمية مرحلة رياض الأطفال.

في هذا السياق، من المهم الإشارة إلى أن مرحلة التربية ما قبل المدرسيّة مهمة للطفل على أصعدة عدة، على رأسها تسهيل الاندماج الاجتماعي وتعويده على حضور الآخرين، إضافة إلى تنمية قدراته في المشاركة والتبادلية والتعايش وقبول الاختلاف.

على مستوى المهارات التعليمية، فإن مناهج التربية ما قبل المدرسية تقدم للطفل كماً من المعارف مهمة وتوظف قدرته على الاستيعاب ولا تجعلها مهدورة.

سؤالنا: لماذا يجب أن يذهب كل الأطفال إلى الروضة؟

إن الذهاب إلى رياض الأطفال أصبح ضرورة وحلقة من حلقات التربية، ومن دونها يحصل خلل في مسار الطفل الدراسي، وهو خلل لديه انعكاسات على نتائجه المدرسية فيما بعد. ولقد أثبتت الدراسات أن قرابة ثلاثة أرباع الأطفال الذين لا يذهبون إلى رياض الأطفال ولا تتاح لهم فرصة اكتساب التعليمات البيداغوجية، هم الأكثر عرضة للرسوب وللانقطاع بشكل مبكر عن الدراسة.

من جهة أخرى، وعلى المستوى النفسي، فإن وجود أطفال لم يحظوا بتكافؤ الفرص في نفس القسم والمدرسة والبلد من شأنه أن يجعلهم يستبطنون شعوراً بالتميز والدونية، وكلها مشاعر لا تنتج أفراداً يتميزون بالتوازن النفسي والإيجابية والتواصلية الاجتماعية الإيجابية.

من هذا المنطلق، وبالنظر في هذه المعطيات، فإن مصلحة مجتمعاتنا والأجيال القادمة ومستقبل أوطاننا يقتضي منا الانتباه إلى أهمية هذا الموضوع وإيجاد حلول كي يتم تأمين الحق في التربية ما قبل المدرسية لجميع الأطفال، وذلك استثماراً في الرأسمال البشري، وتفادياً لظواهر الانقطاع عن الدراسة، وضماناً لأجيال قادمة تربت على تكافؤ الفرص.

نعلم جيداً أن تأمين هذا الحق يستوجب ميزانية هائلة جداً، ولكن بالإمكان الانخراط في شراكات مع القطاع الخاص بشكل تدفع فيه الدولة معلوم التسجيل للطفل الذي ينتمي إلى عائلة محدودة الإمكانات المادية وغير قادرة على جعل طفلها ينتفع بخدمات رياض الأطفال.

كما أن لخيار الشراكة مع القطاع الخاص إيجابيات عدة، منها ضمان ديمومة مؤسسات الطفولة، باعتبارها مؤسسات اقتصادية أيضاً، وتحتاج إلى مداخيل قارة؛ أي آلية من آليات التشغيل وخلق التنافسية... وكل هذا يصبُّ في مصلحة الطفل الذي سينتفع بخدمات أفضل.

طفل اليوم يحتاج إلى عناية مضاعفة، وكلما وفرنا له أسباب الثقة في النفس والشعور بالإنصاف وتكافؤ الفرص، نكون ضمنا جيلاً متوازناً يؤسس للإيجابية والعطاء والبناء.

 

omantoday

GMT 11:09 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

GMT 11:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

التصعيد والتبريد في حرب غزة!

GMT 11:06 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

خروج بني إسرائيل من مصر!

GMT 11:05 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بيان من المحروسة

GMT 11:04 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

حول معبر رفح!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أطفالنا اليوم يحتاجون إلى عناية مضاعفة أطفالنا اليوم يحتاجون إلى عناية مضاعفة



النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 05:13 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

سيطر اليوم على انفعالاتك وتعاون مع شريك حياتك بهدوء

GMT 11:56 2023 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بنزيما يعلن دعمه لملف السعودية لاستضافة كأس العالم 2034
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab