سلطة القشرة وسلطة اللب

سلطة القشرة وسلطة اللب

سلطة القشرة وسلطة اللب

 عمان اليوم -

سلطة القشرة وسلطة اللب

حازم صاغية

يتكاثر، بين السياسيين والمراقبين في اليمن، من يتحدثون عن سلطتين، واحدة هي سلطة القشرة، أو ربما الواجهة، وعلى رأسها رئيس الحكومة عبد ربه منصور هادي ورئيس حكومته خالد بحاح، والثانية سلطة اللب، وهي التي يمسك الحوثيون بمفاصلها. فالأخيرون لهم القوة العسكرية، وفي عهدتهم صناعة القرار، حتى لو اختبأوا وراء صناع اسميين. إنهم مهتمون بأكل العنب، لا بقتل الناطور.

شيء مشابه يعيشه لبنان منذ سنوات بقدر من اختلاف التفاصيل. ذاك أن سلطة اللب في قبضة «حزب الله» الذي يتحكم بقراري الحرب والسلم، فضلاً عن قرارات أخرى أقل شأناً، بينما تُترك سلطة القشرة، ومعها وجاهة الصورة والألقاب، للرؤساء والوزراء الذين يُفترض أنهم التمثيليون. هنا السيادة لـ «السيد» لا لـ «دولة الرئيس» ولا لـ «معالي الوزير».

أما في العراق فيعكس رئيس الوزراء، أكان اسمه نوري المالكي أو حيدر العبادي، قوى وتوازنات في البيئة السياسية الشيعية تتوزع على آل الصدر وآل الحكيم وسواهم، وطبعاً على المرجع علي السيستاني الذي كان الحَكَم الأخير في تغيير الحكومة وفي مقاومة «داعش». وغني عن القول أنه حتى لو تطابقت محصلة تلك البيئات مع سياسييها فهذا يستثني أقليتين كبريين في المجتمع التعددي للعراق، هما العرب السنة والأكراد.

ولم يعد سراً أن الحاكم الفعلي في سورية أجهزة الأمن، التي وجدت طويلاً في حزب البعث وفي جبهته «الوطنية التقدمية» غطاءها، قبل أن تجد ذاك الغطاء في الرئاسة «الدستورية» لبشار الأسد، علماً أن تلك الأغطية نفسها ليست أكثر شرعية وتمثيلية مما تغطيه.

وقد كان بعض البلدان العربية سباقاً في التعرف إلى سلطتي اللب والقشرة. فصدام حسين حين كان نائباً لرئيس العراق، ممسكاً بالأجهزة والحزب، كان أقوى وأفعل من رئيسه أحمد حسن البكر الذي ما لبث أن أطيح. وكان صلاح جديد وحافظ الأسد إبان فترة 1966–1970، أقوى وأفعل من رئيسي الجمهورية والحكومة، نور الدين الأتاسي ويوسف زعين، نظراً إلى إمساك الأولين بالحزب والجيش والأجهزة، قبل أن يطيح الأسد الثلاثة الآخرين. وفي اليمن الجنوبي «الديموقراطي» نشبت حروب ومواجهات طاحنة لتنظيم هذه العملية، عملية إخضاع سلطة القشرة لسلطة اللب. فالأمانة العامة للحزب الاشتراكي، وقبله الجبهة القومية، هي الرئاسة الفعلية التي يمسك بزمامها، مباشرة أو مداورة، عبد الفتاح اسماعيل. أما رئيس الجمهورية، أكان اسمه قحطان الشعبي أو سالم ربيع علي أو علي ناصر محمد، فرجل القشرة. ونتيجة تلك المواجهات وما عكسته قواها من توازنات أهلية ومناطقية، فنيت تجربة اليمن الجنوبي عن بكرة أبيها. وكانت الجزائر قد سبقت الجميع في المنحى هذا. فهي ما إن فرغت من ثورتها ونالت استقلالها، حتى انتصفت سلطتها بين الرئيس أحمد بن بللا وقائد الجيش هواري بومدين. لكن ثانيهما أطاح الأولَ الذي قضى 14 عاماً في الإقامة الجبرية ليخرج منها أشد اقتناعاً بالنموذج الذي تسبب بمحنته.

والحال أن النموذج المذكور سوفياتيٌ قلده العرب الذين اتبعوه. ذاك أن معظم مؤسسيه عاشوا في حقبة كان فيها الرجل الأول في الاتحاد السوفياتي ليونيد بريجنيف، الأمين العام للحزب الشيوعي الحاكم، فيما الرجل الثاني البعيد رئيس الجمهورية نيكولاي بودغورني.

لكنْ لئن انطوى المثال هذا، في الاتحاد السوفياتي، على احتقار عميق للمؤسسات التي يُفترض أنها دستورية، فإنه في بلداننا ينطوي على شيء إضافي هو الاحتقار الصارخ للجماعات الأهلية التي تغاير أهل اللب، فينتهي بها المطاف، في أحسن الأحوال، أهلاً للقشرة.

omantoday

GMT 09:36 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

العدوُّ الأول

GMT 09:35 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

حديث استقرار على ضفاف النيل

GMT 09:34 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أدبُ الحجّ وحولَ الحجّ

GMT 09:33 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«أولاد رزق... القاضية»... عندما تتحدث الأرقام

GMT 09:32 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

تحالف فرنسى جديد

GMT 09:30 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أخبرنى أحدُ العارفين: طفلُكِ اختاركِ!

GMT 09:29 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عندما تضعها إلى جوار بعضها

GMT 09:28 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أميركا والهرب من السؤال الإيراني الصعب…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلطة القشرة وسلطة اللب سلطة القشرة وسلطة اللب



بلقيس تتألق في صيحة الجمبسوت وتخطف الأنظار

مسقط - عمان اليوم

GMT 12:34 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

نصائح لتنسيق إكسسوارات عيد الأضحى بكل أناقة
 عمان اليوم - نصائح لتنسيق إكسسوارات عيد الأضحى بكل أناقة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab