خطّ أنور السّادات وخطّ حافظ الأسد

خطّ أنور السّادات... وخطّ حافظ الأسد

خطّ أنور السّادات... وخطّ حافظ الأسد

 عمان اليوم -

خطّ أنور السّادات وخطّ حافظ الأسد

بقلم: خير الله خير الله

في مثل هذه الأيّام قبل نصف قرن، كان التحضير يجري على قدم وساق من أجل شنّ مصر وسوريا حرباً على إسرائيل بغية استرجاع الأراضي العربيّة المحتلة منذ العام 1967. ثمّة من استرجع أرضه وثمّة من رفض استرجاع الأرض. بين استرجاع الأرض ورفض استرجاعها يوجد خطّان سياسيان ما زالا يتصارعان إلى يومنا هذا. خط يتعاطى مع الواقع وخط يتاجر بالقضيّة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي ويستثمر فيهما.

في العام 1967، احتلت إسرائيل سيناء والجولان والضفّة الغربيّة والقدس الشرقية. كان ذلك نتيجة حرب الأيام الستة في شهر حزيران (يونيو ) من تلك السنة. بعد طول انتظار استمرّ ست سنوات، استطاع الجيشان المصري والسوري تحقيق تقدّم في بداية الحرب التي بدأت يوم 6 تشرين الأوّل (أكتوبر) 1973، لكن إسرائيل تمكّنت بفضل الدعم الأميركي، الذي اتخذ شكل جسر جوّي، من استعادة المبادرة على الرغم من انجاز ضخم حقّقه الجيش المصري. تمثّل الإنجاز المصري بالعبور إلى الضفّة الأخرى من قناة السويس التي كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ 1967.

لم يشارك الأردن في تلك الحرب وذلك بعدما استُبعد عن التنسيق المصري – السوري بين الرئيسين الراحلين أنور السادات وحافظ الأسد. كان هناك ايضا الإعداد لصدور قرار القمة العربيّة الذي يعتبر "منظمّة التحرير الفلسطينيّة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني". صدر هذا القرار بالفعل عن قمّة الرباط بعد سنة من حرب 1973. معنى ذلك أنّ المنظمة، وليس المملكة الهاشميّة الأردنية، صارت تتحمّل مسؤولية، أو عبء، استرجاع الضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة.

سلكت مصر، منذ خلف أنور السادات جمال عبد الناصر، طريق الواقعيّة بدءا بطرد الخبراء السوفيات في العام 1972، وصولا إلى الإعتراف بأن نسبة تسعين في المئة من أوراق الحل في يد اميركا وليس في أي مكان آخر. من هذا المنطلق، كان الإستثمار المصري في حرب تشرين الأول – أكتوبر 1973 من اجل التوصّل إلى تسوية تخرج بموجبها إسرائيل من سيناء، في ضوء ما فيها من ثروات، في مقابل التوصل إلى معاهدة سلام مع الدولة العربية الأكبر، أي مصر. وهذا ما حصل في آذار – مارس 1979.

يظلّ السؤال الذي يطرح نفسه في كلّ لحظة ما الذي كان يمكن أن تكون عليه مصر لو لم تسترجع ثرواتها، من نفط وغاز، في سيناء ولو لم يعاد فتح قناة السويس وإيجاد كل تلك المنتجعات في شبه جزيرة سيناء، من شرم الشيخ إلى الغردقة، إلى الغونة... إلى طابا التي خضعت للتحكيم؟

في المقابل، امضى حافظ الأسد سنوات ما بعد حرب 1973 في إيجاد دور لسوريا على الصعيد الإقليمي. خلق دورا لسوريا بعدما استطاع السيطرة على لبنان ووضع يده على الورقة الفلسطينيّة. في النهاية، منع حافظ الأسد ياسر عرفات من الإلتحاق بانور السادات عندما زار القدس في تشرين الثاني (نوفمبر ) من العام 1977 والقى خطابه التاريخي في الكنيست. فضّل "أبو عمّار" البقاء في لبنان، الذي كان يعني له الكثير، بدل استعادة حرّية قراره.

المهمّ أن حافظ الأسد فضل الدور الإقليمي لسوريا على استعادة الجولان. في الواقع، رفض في كلّ وقت، مستندا إلى حجج واهية، دفع ثمن زوال الإحتلال الإسرائيلي عن الجولان.

هل كان حافظ الأسد على حقّ؟ الجواب، بكلّ بساطة أنّ ما آلت إليه سوريا الموجودة تحت خمسة احتلالات يؤكّد أنّ الرئيس السوري الراحل كان على خطأ. لكنّ ما لا مفرّ من الإعتراف به أنّ الأسد الأب، على خلاف الأسد الإبن، كان لاعبا إقليميا ماهرا استطاع الإستفادة إلى أبعد حدود من غباء منافسه البعثي صدّام حسين الذي كان يحكم العراق. لم يخطئ حافظ الأسد برفضه الدائم لإستعادة الجولان والإصرار على المتاجرة به فحسب، بل تظل خطيئته الكبرى أيضا في الحلف الذي أقامه، من منطلق مذهبي، مع النظام الإيراني الذي قام بعد سقوط الشاه في العام 1979.

بعد أيام، تمرّ الذكرى الـ50 لحرب تشرين أو حرب اكتوبر أو حرب رمضان أو حرب يوم الغفران، كما يسميها الإسرائيليون. ما لم يتغيّر هو تلك المواجهة بين خطين، خط أنور السادات وخطّ حافظ الأسد، أراد السادات المحافظة على مصر وحمايتها واستعادة الأرض التي خسرتها في حرب الأيام الستة. أراد حافظ الأسد المحافظة على النظام الأقلّوي في سوريا بأي ثمن كان.

لا يختلف اثنان على أن مصر تمرّ بأزمة اقتصاديّة حقيقيّة، لكن مصر غير مهددة بالزوال وليست تحت أي احتلال من أي نوع، بينما الوضع السوري مختلف كلّيا. من الصعب إعادة الحياة إلى ما كان يسمّى "الجمهوريّة العربيّة السوريّة" حيث نظام سقط نهائيا في الحضن الإيراني... هذا هو الواقع، للأسف الشديد مع مرور نصف قرن على حرب 1973.

 

omantoday

GMT 17:01 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

أصغر من أميركا

GMT 16:59 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

ملحمة وطنية للأبطال الذين أُزهقت أرواحهم!

GMT 16:58 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

العلم في مكان آخر

GMT 09:43 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

كيف يفكر نتانياهو؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطّ أنور السّادات وخطّ حافظ الأسد خطّ أنور السّادات وخطّ حافظ الأسد



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

مسقط - عمان اليوم

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 20:50 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 16:53 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 16:52 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 17:12 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab