فرنسا تسيء إلى نفسها وليس إلى المغرب

فرنسا تسيء إلى نفسها... وليس إلى المغرب

فرنسا تسيء إلى نفسها... وليس إلى المغرب

 عمان اليوم -

فرنسا تسيء إلى نفسها وليس إلى المغرب

بقلم - خير الله خير الله

هل هي هفوة فرنسية تعود إلى خطأ ذي طابع إداري أم جزء من السياسة الفرنسيّة المتذبذبة تجاه المملكة المغربيّة؟

ما قامت به فضائيّة «فرانس 24»، عبر قناتها الناطقة بالإسبانيّة حديثاً، يكشف عن جهل، قبل أيّ شيء آخر.

تفرض نظرية الجهل نفسها قبل التساؤل هل ما حصل كان خطأ إدارياً وسوء تقدير أو جزءاً من حملة فرنسيّة مستمرّة يؤكّدها وجود أوساط فرنسية تعمل في كلّ وقت وكلّ مكان، بما في ذلك البرلمان الأوروبي، للإساءة إلى المغرب؟

قبل أيّام، بثت «فرانس 24»، الممولّة من جهة رسميّة فرنسية والتي لديها أيضا قنواتها الفرنسيّة والإنكليزية والعربية، تقريراً بالإسبانيّة عن الصحراء المغربيّة.

تميّز التقرير، في اطار برنامج «في خمس دقائق»، بانحياز كامل إلى «جبهة بوليساريو» التي ليست سوى أداة جزائريّة.

لم يكن التقرير سوى سلسلة من المغالطات بدءاً بتجاهل طبيعة قضيّة الصحراء، وهي قضيّة بين المغرب والجزائر الساعية إلى أن تكون لها دويلة تدور في فلكها تعطيها منفذاً على المحيط الأطلسي.

بكلام أوضح يريد النظام في الجزائر اثبات أنّه قوة إقليمية مهيمنة تمتلك منفذاً على المحيط الأطلسي وليس على البحر المتوسط فقط. ترفض الجزائر منذ العام 1975، تاريخ استرجاع المغرب اقاليمه الصحراويّة من الاستعمار الإسباني، الاعتراف بأنّها تستطيع الحصول على ممرّ إلى المحيط الأطلسي عبر الصحراء المغربيّة.... بالتفاهم مع المغرب الذي يمتلك حقّاً تاريخياً، تثبته الوثائق، في السيادة على تلك الأرض.

تشمل المغالطات الواردة في التقرير التلفزيوني الموجه من فرنسا إلى الدول الناطقة بالإسبانية ودول اميركا اللاتينية تزويراً مكشوفاً للحقائق.

إنّه تزوير مبني على فكرتين، تقوم الفكرة الأولى على أن المغرب يستغل ثروات الصحراء بغية «تمويل استعماره لها». وتقوم الفكرة الأخرى على أنّ الدول التي أيدت الموقف المغربي تمتلك مصالح في الصحراء.

يأتي التقرير على ذكر اسبانيا وألمانيا وفرنسا. حسناً، هناك تحوّل في الموقفين الألماني والإسباني من موضوع الصحراء، لكنّ فرنسا ترفض، إلى الآن، ان تتزحزح قيد انملة عن موقفها المتشنج، الرافض للتعاطي مع الواقع والاعتراف به، خشية إغضاب النظام الجزائري.

هل ادّى الموقف الغريب لفرنسا إلى ما يسيء إلى مصالحها في المغرب عموماً، بما في ذلك اقاليمه الصحراويّة خصوصا؟ الجواب أن لفرنسا مصالحها في كلّ المغرب ولم تتعرض شركاتها ومصالحها واستثماراتها لأي مضايقات من أي نوع.

ذهب التقرير إلى الربط بين التحول في الموقف الإسباني ووقف تدفق المهاجرين من المغرب عبر جيبي سبتة ومليلة الإسبانيين الموجودين في الأراضي المغربيّة.

مثل هذا الكلام يتعلّق بالترويج لأوهام بعيداً عن كلّ ما له علاقة بالواقع. كلّ ما في الأمر أن اسبانيا بدأت في عهد حكومة الاشتراكي بدرو سانشيز تعيد النظر في سياستها تجاه المغرب من منطلق وجود مصالح مشتركة بين البلدين.

نعم، هناك مصالح مشتركة، لكنّ الأهمّ من تلك المصالح اقتناع الجانب الإسباني بأنّ لا فائدة من تجاوز الواقع والمضي في استخدام ورقة الصحراء لابتزاز المغرب.

تصالحت اسبانيا مع الواقع ورفضت كلّ المحاولات الجزائرية لابتزازها. شملت تلك المحاولات وقف ضخ الغاز عبر خط الأنابيب الذي يمرّ في الأراضي المغربيّة.

تبيّن بكل بساطة أن الجزائر لا تحترم الاتفاقات التي تعقدها مع دول أوروبيّة في أي مجال من المجالات وأن العقدة المغربيّة التي يعاني منها تتحكّم بسياساتها وتصرفاتها.

ليس سرّاً أن الرئيس ايمانويل ماكرون يعرف جيداً وبدقة مَن يحكم الجزائر وكيف يعتاش النظام «العسكري - المدني» من إثارة ريع الحقد التاريخي، على مرحلة الاستعمار الفرنسي.

عبّر عن ذلك، قبل نحو عامين، في لقاء مع مجموعة من أبناء «الحركيين»، أي أبناء الجزائريين الذين طردهم النظام من الجزائر بعد الاستقلال في العام 1962.

من الواضح أن العقدة الجزائرية تتحكّم بالرئيس الفرنسي... مثلما تتحكم العقدة المغربيّة بالنظام الجزائري.

لا تبرّر العقدة الجزائرية تجاهل وجود مشروع الحكم الذاتي الموسّع للأقاليم الصحراوية الذي طرحه المغرب منذ سنوات عدّة.

كلّ ما هو مطلوب، قبل السعي إلى الإساءة إلى المغرب، باللغة الإسبانيّة أو بأي لغة أخرى، التصالح مع الواقع على الأرض... أي مع الحقيقة كما هي من دون لفّ ودوران ومحاولة التحايل عليها.

يقول الواقع إنّ سكان الأقاليم الصحراوية يعيشون في وضع مريح وكرامة مثلهم مثل أي مواطن مغربي. يتمتعون بكل حقوقهم بعيداً عن حياة البؤس في مخيمات تندوف التي أقامها النظام الجزائري بغية المتاجرة بالصحراويين.

لو كان لدى تلك المرأة التي تحدثت عن الصحراويين في برنامج «فرانس 24»، بعض الموضوعية، لكانت زارت الداخلة أو العيون أو أي منطقة في الأقاليم الصحراوية المغربيّة للتأكد من أن «عذابات الصحراويين» في المغرب لا وجود لها.

لا وجود لهذه العذابات سوى في مخيمات تندوف التي يجري فيها تدريب أطفال على حمل السلاح، تماماً كما يفعل الحوثيون في مناطق سيطرتهم في شمال اليمن !

ثمة ما هو ابعد من برنامج تلفزيوني بثته قناة رسميّة فرنسيّة. اساءت فرنسا إلى نفسها قبل أن تسيء إلى المغرب الذي استطاع في السنوات العشرين الأخيرة تحقيق قفزات كبيرة إلى الامام في مجال تطوير بنيته التحتيّة وتكريس مغربيّة الصحراء فضلاً عن تحوله إلى جسر بين أوروبا وافريقيا.

اكثر من ذلك، لم يعد سرّاً تحوّل المغرب إلى شريك أساسي للولايات المتحدة في شمال افريقيا. لا تكتفي اميركا بإجراء مناورات مشتركة مع القوات المسلّحة المغربية من أجل مكافحة الإرهاب في المنطقة وتكريس الاستقرار فيها، بل يوجد مشروع أميركي يستهدف إقامة قاعدة صناعات عسكرية في المغرب...

لا حاجة فرنسيّة إلى ابتزاز المغرب عن طريق الصغائر، من نوع البرنامج الذي بثته «فرانس 24». الحاجة إلى شجاعة فرنسيّة تستهدف اتخاذ موقف واضح من مغربيّة الصحراء لا اكثر، وهي قضيّة تحرير سكانها من البؤس والفقر والإرهاب... بدل بقاء هؤلاء في اسر النظام الجزائري وعلاقاته الروسيّة والإيرانيّة المتشعّبة !


 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرنسا تسيء إلى نفسها وليس إلى المغرب فرنسا تسيء إلى نفسها وليس إلى المغرب



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:26 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج العقرب

GMT 04:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 04:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 19:31 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 04:52 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجدي الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 23:29 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

عبارات مثيرة قوليها لزوجكِ خلال العلاقة

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 19:12 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon