أنصار الله والخطة البديلة لليمن

"أنصار الله" والخطة البديلة لليمن

"أنصار الله" والخطة البديلة لليمن

 عمان اليوم -

أنصار الله والخطة البديلة لليمن

خيرالله خيرالله

ليس مستبعدا أن يكون لدى الحوثيين، أي “ أنصار الله ”، في اليمن خطة بديلة في حال لم يتمكّنوا من متابعة تمددهم في اتجاه الوسط والجنوب. هؤلاء، في ضوء ما شهدناه من تصرفات يعرفون جيدا ماذا يريدون، كما أنّ خطواتهم مدروسة بدقة متناهية، أقلّه إلى الآن.

الدليل على ذلك ما حقّقوه على الأرض في الأشهر الثلاثة الأخيرة، أي منذ سيطرتهم على مدينة عمران الإستراتيجية مطلع تمّوز- يوليو الماضي، وهزيمة اللواء 310 الذي كان يرمز إلى قوّة الإخوان المسلمين، وإلى النفوذ الذي يمتلكه اللواء علي محسن صالح الأحمر في أوساط القوات المسلّحة اليمنية.

في الواقع، كان تقدّم “أنصار الله” في كلّ الاتجاهات نتيجة إدراك لمعنى الانقلاب الذي تعرّض له الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، والنتائج التي ستترتب على هذا الانقلاب الذي وقف وراءه الإخوان المسلمون، وسمّي وقتذاك “ثورة شعبية”.

حقيقة الأمر أنّه كان هناك بالفعل من يؤمن بهذه الثورة. هناك شبان يمنيون من كل الأوساط والطبقات والمناطق كانوا يمتلكون كلّ النيات الحسنة. كانت لهؤلاء اعتراضاتهم المشروعة على نظام علي عبدالله صالح، وعلى الفساد الذي ساد لفترة طويلة في اليمن. نعم كانت هناك أخطاء معيّنة، يختلف كل طرف في تقويمها، ارتكبها علي عبدالله صالح الذي بدأ يحيط نفسه في السنوات العشر الأخيرة من حكمه بمجموعة من الأشخاص من الذين لا يحسنون سوى قول كلمة نعم.

كلّ هذا لا ينفي أن علي عبدالله صالح اتخذ وحيدا قرارات كبيرة من بينها السير في الوحدة وترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية. كان الرجل، الذي يصعب التكهن الدقيق بطبيعة علاقته بالحوثيين في الوقت الحاضر، وما إذا كانت من النوع التكتيكي المبني على المصالح المتبادلة القصيرة المدى ليس إلا، أكثر يمني يعرف اليمن. كان مستعدا، متى دعت الحاجة، إلى مراجعة الذات وتصحيح بعض الأخطاء وليس كلّها. كانت تلك شجاعة افتقدها كثيرون غيره.

هذا لا يعني، في أي شكل، أن الذين ثاروا عليه من الشبّان المؤمنين بالمثاليات، كانوا يعرفون ماذا يفعلون. فهؤلاء، من شدّة سذاجتهم، لم يثوروا على المنظومة التي تحكّمت باليمن والتي كان آل الأحمر، زعماء حاشد، وعلي محسن صالح وآخرون شركاء فيها. لم يدرك هؤلاء، ربّما بسبب الطيبة وقلّة الخبرة في السياسة، أنّهم استُخدموا واجهة في الانقلاب الكبير الذي استهدف علي عبدالله صالح، لكنّه لم يستهدف التخلص من نظام بالغ التعقيد لم يكن هناك سوى شخص واحد يستطيع إدارته.

كان هذا النظام البالغ التعقيد كناية عن شبكة من المصالح لا تقتصر على رجال علي عبدالله صالح وحدهم، بل كان هناك شركاء آخرون في اللعبة الدائرة. على رأس هؤلاء الإخوان المسلمون الذين باتوا يسيطرون، كليا، على حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي كان ذا طبيعة مختلفة في أيّام الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي توفّي في أواخر العام 2007.

فهم “أنصار الله”، الذين على رأسهم شاب طموح هو عبدالملك بدر الدين الحوثي، ماذا يعني انهيار الصيغة التي كانت تدير اليمن من صنعاء. فهموا معنى انهيارها ومعنى انتقال الصراع إلى داخل أسوار صنعاء. أهمّ ما في الأمر أن اللاعب الإقليمي، الذي اسمه إيران، استغلّ هذا التطوّر ووظّفه في مصلحته، فيما كان آخرون يتفرّجون.

جديد اليمن بعد سيطرة “أنصار الله” على صنعاء والتمدد في اتجاه الوسط الشافعي يتلخّص بسؤال: هل بدأ هؤلاء، ومن خلفهم إيران فقدان البوصلة؟

لاشكّ أن هناك عاملين يمكن أن يلعبا ضدّ الحوثيين بكلّ ما يمثلونه، على الرغم من استفادتهم إلى حد كبير من الظلم التاريخي الذي لحق بمناطقهم، خصوصا في محافظة صعدة التي ينتمون إليها والتي تعرّضت لعمليات اختراق من الإخوان المسلمين والسلفيين. هذا الظلم التاريخي مكّن الحوثيين من أن تكون لهم عصبية قوية في منطقتهم وحتّى في المناطق الزيدية الأخرى وبين مختلف القبائل…

العامل الأوّل الذي يمكن أن يلعب ضد “أنصار الله” هو أن الكلام عن “الدولة العادلة” شيء، وحكم اليمن شيء آخر. سيطر الحوثيون على مؤسسات الدولة اليمنية. لكنّ لا خبرات ولا خبراء لديهم في مواجهة المشاكل الضخمة لليمن، على الرغم من الدعم الإيراني الذي يحظون به مباشرة أو غير مباشرة.

الكلام عن “الدولة العادلة” شعار برّاق ومغر. ولكن في الواقع، لا وجود لدولة عادلة إلّا لدى الذين يحاولون بيع الناس الأوهام. ماذا سيفعل الحوثيون بالحقائب الوزارية التي سيتسلمونها في حكومة خالد البحاح في حال سمحوا أخيرا بتشكيلها؟ هل يكون أداؤهم أفضل من أداء الوزراء الذين كانوا ينتمون إلى الإخوان المسلمين الذين أثبتوا في معظمهم، من خلال الفشل الذريع لحكومة محمّد سالم باسندوة، أنّ لا حلول لديهم لأي مشكلة يمنية؟

العامل الثاني هو العامل المذهبي. صحيح أنّ “أنصار الله” حققوا اختراقات في الوسط الشافعي وفي بعض المحافظات الجنوبية. لكنّ، الصحيح أيضا أنّه عندما وصلت الأمور إلى حد تكريس وجودهم العسكري في الحديدة والبيضاء وإب، وحتّى ذمار، ظهر ذلك الحاجز المذهبي الذي سيكون من الصعب عليهم اختراقه.

هذا الحاجز المذهبي يشبه إلى حدّ كبير ما حصل في العراق حيث وجَد تنظيم إرهابي متخلّف ومتوحّش مثل “داعش” بيئة سنّية حاضنة في ظلّ الممارسات المشينة ذات الطابع المذهبي لحكومة نوري المالكي، السعيدة الذكر.

الأكيد أن الشوافع في اليمن، أكانوا في الوسط أو الجنوب أو المنطقة الساحلية المطلة على البحر الأحمر، ليسوا من “القاعدة”. لكنّهم لن يقبلوا بمستعمر جديد يأتيهم بشعارات من نوع ما يسمّى “الصرخة”، أي “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”. هذه مناطق يمنية كانت بعيدة دائما عن الطائفية والمذهبية وعن إيران. بالنسبة إلى هذه المناطق، عرف علي عبدالله صالح، من خلال معرفته بالبلد كيفية التعاطي معها بوسائله الخاصة وأسلوبه الذي يغلب عليه أحيانا طابع التلقائية والارتجال والبساطة. هذا لا يعني تجاهل أن ضباطا من المحسوبين عليه وعلى منطقته وعلى الإخوان لم يخلقوا مشاكل مع الجنوبيين، خصوصا عندما لجأوا إلى الاستيلاء على أراض ومنازل عائدة إلى مواطنين عاديين…

قد لا تطول نزهة الحوثيين في اليمن. ولكن لا يمكن الاستهانة بقدرتهم على التكيّف مع الواقع وتبدل الظروف. وفي كلّ الأحوال ومهما اختلفت المعطيات، سيكونون قادرين على إبقاء مناطق شمالية معيّنة تحت سيطرتهم في حال فشل مخططهم في الوسط وفي الجنوب.

يعني ذلك أن لدى الحوثيين الذين جربّوا حظهم في الوسط والجنوب الخطة ب. تقوم هذه الخطة البديلة على الاحتفاظ بجزء من اليمن، أي شمال الشمال. يمتلك هذا الجزء ميناء بحريا وآخر جويا وحدودا طويلة مع المملكة العربية السعودية.

سيعتمد هذا الكيان على المساعدات الإيرانية، وسيطور أجهزته الأمنية وميليشياته على غرار “حماس” في غزة، و“حزب الله” في لبنان.

ألم يعش اليمن الجنوبي سنوات طويلة عندما كان دولة مستقلة على الدعم السوفياتي وعلى دعم الدول التي كانت في المنظومة الاشتراكية مثل ألمانيا الشرقية؟

من الباكر التكهن بما ستؤول إليه الأوضاع في اليمن، خصوصا أن “أنصار الله” لم يتلقوا بعد هزيمة عسكرية كبيرة يمكن أن تجعلهم يعيدون النظر في حساباتهم. من الواضح أنّهم ما زالوا يتحسسون الأرض التي يسيطرون عليها لمعرفة إلى أي مدى يستطيعون الذهاب بعيدا والسباحة في الرمال المتحركة اليمنية…

omantoday

GMT 09:36 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

العدوُّ الأول

GMT 09:35 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

حديث استقرار على ضفاف النيل

GMT 09:34 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أدبُ الحجّ وحولَ الحجّ

GMT 09:33 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

«أولاد رزق... القاضية»... عندما تتحدث الأرقام

GMT 09:32 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

تحالف فرنسى جديد

GMT 09:30 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أخبرنى أحدُ العارفين: طفلُكِ اختاركِ!

GMT 09:29 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عندما تضعها إلى جوار بعضها

GMT 09:28 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أميركا والهرب من السؤال الإيراني الصعب…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنصار الله والخطة البديلة لليمن أنصار الله والخطة البديلة لليمن



الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان - عمان اليوم

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab