تجاهل القوى الإقليمية في سورية

تجاهل القوى الإقليمية في سورية

تجاهل القوى الإقليمية في سورية

 عمان اليوم -

تجاهل القوى الإقليمية في سورية

وليد شقير

اللعب بالنار على الحدود التركية السورية بعد إسقاط المقاتلة الروسية كشف عن التعقيدات الكبرى التي تواجه الحل السياسي للأزمة السورية، بقدر ما كشف عن خطورة الوضع العسكري في الميدان السوري بعد التدخل الروسي وجريمة «داعش» الهمجية ضد الطائرة المدنية الروسية فوق سيناء، والوحشية ضد المدنيين في برج البراجنة في لبنان، والخارجة عن أي تصور إجرامي في قتل المدنيين في باريس.

ومع أن جرائم «داعش» أيقظت الشعور بالحاجة إلى التعاون الدولي من أجل القضاء على هذا الوحش الفالت، فإن إسقاط الأتراك المقاتلة الروسية أيقظ هذه الدول على خطورة آثار استمرار المحرقة السورية على علاقات الدول بعضها مع بعض وعلى تناقض مصالحها وتعارض أهدافها. ولعل هذا الجانب الموضوعي من تداعيات الحادث هو الذي دفع أنقرة وموسكو إلى احتواء تلك التداعيات تفادياً للمواجهة بينهما.

ومن دون استبعاد نية موسكو الرد بهذه الطريقة أو تلك على ما سماه فلاديمير بوتين «الطعنة في الظهر»، ضمن حدود عدم إشعال حرب، فإن التجرؤ التركي على القيصر الروسي كشف عن أن دور القوى الإقليمية في أزمة بلغت ذروة عالية من التدويل مثل الأزمة السورية، يصعب تجاهله، أو الاستخفاف به، فالسعي إلى نظام تعددي بدل الأحادية التي تبوأتها الولايات المتحدة، وإلى نظام القطبين في إدارة أزمات العالم، يواجه عقبات إذا كانت الدول الأقدر تنوي الإبقاء على التعامل بمنطق القوة مع الدول الأقل قوة.

في الأشهر الماضية كثرت الأمثلة عن «تمرد» القوى الإقليمية على خطط وبرامج الدولتين العظميين أو إحداهما، فالسعودية قررت خوض الحرب في اليمن دفاعاً عن أمنها القومي بصرف النظر عن موافقة واشنطن وموسكو المسبقة على ذلك، واكتفت بإبلاغهما بـ «عاصفة الحزم» ووضعتهما أمام الأمر الواقع، ولخطواتها الأمنية في دول الخليج وقع يخالف الموقف الأميركي في كثير من الأحيان. وللرياض سياستها المستقلة في دعم المعارضة السورية وقيام تشكيلاتها العسكرية، سواء بالتنافس مع تركيا أو بمواجهة الدور الإيراني، بصرف النظر عن السياستين الأميركية والروسية. وإيران خاضت الحرب بالواسطة في اليمن من دون التنسيق مع حليفها الروسي، وواصلت التدخل الميداني في سورية بعد الدخول الروسي في الحرب في أيلول (سبتمبر) الماضي، في سياق خطط ومعارك لا تندرج في السياق الروسي بل في إطار تثبيت النفوذ الإيراني لتثميره في الحل السياسي إذا نجحت جهوده (عبر انتشار قواتها وحلفائها في محيط دمشق). وهي جاهرت باختلافها مع موسكو حين بدا أن الأخيرة تترك مجالاً للبحث في مصير بشار الأسد. وتركيا لم تتوقف عن تدخلها في سورية بمعزل عن الأولويات الأميركية والروسية، لمواجهة الأكراد وحماية التركمان وإضعاف القوات الموالية لبشار الأسد والحؤول دون نجاح استعادة إيران وروسيا السيطرة على الشمال ومحيط حلب، وسعيها إلى تحقيق مشروعها بقيام المنطقة الآمنة لتكريس نفوذها الحيوي هناك. وإسرائيل أخذت لنفسها حق إقامة منطقتها الآمنة داخل سورية على الأرض بالرقابة المستمرة على الحدود المحاذية للجولان المحتل، وفي الأجواء عبر قصفها المتواصل لما تدعي أنه قوافل أسلحة تنقل لـ «حزب الله»...

أخذت الدول الإقليمية أدوارها نتيجة ما يسمى «انكفاء» واشنطن المحسوب، إلى درجة أن سياسة باراك أوباما دعت الحلفاء إلى أن يقلّعوا شوكهم يأيديهم وأن يملأوا الفراغ الذي تركه هو أو خلّفه اعتمادهم المفرط عليه. المواربة الأميركية عبر عقيدة «القيادة من الخلف» نشّطت سعي القوى الإقليمية لتعزيز نفوذها.

وفي وقت أقنع بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف الأميركيين في أيلول (سبتمبر) الماضي بالعمل سوية للحل السياسي في سورية، على أن يأتيا لاحقاً بالدول الإقليمية لتساعد في إنجازه، فإن موسكو أخذت لنفسها حيزاً من حرية الحركة، بموازاة تجاوب دول الإقليم مع دورها المستجد، في شكل يخالف حرصها على إشراك بعضها، فهي عقدت اتفاقات مع كل من دول التحالف وإسرائيل والأردن والعراق المحاذية حدوده للمجال الجوي السوري، حول تحليق الطيران في الأجواء السورية منعاً للتصادم، لكنها استثنت غيرها.

وإذا كان استثناؤها لبنان من هذه الاتفاقات مفهوماً، فإن الإنذار الذي وجهته إلى سلطات الملاحة فيه حين كانت تنوي إجراء مناورات بحرية، فُهم على أنه جموح في التصرف بأجواء المنطقة، فما بالك باستثنائها تركيا من تلك الاتفاقات، بحيث أخذت اختراقات الحدود من الشمال السوري ترمز إلى الإعراض عن أخذ مصالح تركيا (الحدودية) ونفوذها في الشمال السوري في الاعتبار، في وقت تسعى إلى إرضاء إيران البعيدة جغرافياً، إزاء اعتراضاتها؟

المدى الذي بلغته الحرب في سورية، يصعب معه الاستخفاف بدول الإقليم المنغمسة فيها.

omantoday

GMT 20:15 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

GMT 20:12 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لا تعزية حيث لا عزاء

GMT 20:11 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حطب الخرائط ووليمة التفاوض

GMT 20:10 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

خرافات العوامّ... أمس واليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لماذا فشلت أوسلو ويفشل وقف إطلاق النار؟

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

الخصوصية اللبنانية وتدوير الطروحات المستهلكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجاهل القوى الإقليمية في سورية تجاهل القوى الإقليمية في سورية



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 09:26 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج العقرب

GMT 23:46 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 21:30 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 04:43 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العقرب الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 09:07 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج العذراء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:24 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon