الرئيس الإصلاحي

الرئيس الإصلاحي

الرئيس الإصلاحي

 عمان اليوم -

الرئيس الإصلاحي

سحر الجعارة
بقلم - سحر الجعارة

تأمل مشهد الانتخابات الرئاسية التى انتهت للمصريين فى الخارج لتبدأ يوم 10 ديسمبر الحالى فى الداخل، سوف تجد ثلاثة رؤساء أحزاب ينافسون الرئيس «عبدالفتاح السيسى» على منصب الرئاسة، وقد أتيحت لهم جميعاً فرصة التعبير عن أنفسهم من خلال وسائل الإعلام «المملوكة للدولة»، بل والكتابة فى هذه الجريدة نفسها.

هذا المشهد معناه أن المناخ السياسى قد تغير وأصبح أكثر ديمقراطية، وأن الرئيس يعمل على تكريس آليات الديمقراطية وأولها التداول السلمى للسلطة (أقول الرئيس، لأن معظم قرارات الإصلاح تأتى من القيادة السياسية).

أيضاً هذه الانتخابات تم عقدها فى المرة الأخيرة، التى يُسمح فيها بإشراف قضائى كامل، حسب نص الدستور، وبالمناسبة كانت هذه إحدى توصيات «الحوار الوطنى»، الذى دعا خلاله الرئيس إلى مشاركة كل القوى السياسية فى رسم ملامح سياسات المرحلة المقبلة.

«الحوار الوطنى» ليس مكلمة لتفريغ شُحنة مكبوتة لدى البعض، إنه بالفعل «الفرصة الأخيرة» ليصبح لمصر مستقبل أفضل فى الحريات وحقوق الإنسان.. فى تكريس «دولة المؤسسات» الحاكمة، دولة الدستور والقانون.. وهى فرصة لن تتكرّر، لأنها مرهونة بوجود «رئيس إصلاحى»، راهن على شعبيته ليُحقق الإصلاح الاقتصادى، والآن يحتضن المعارضة ليُحقّق الإصلاح السياسى الذى يغيّر مسيرة الغد.. إنها استراتيجية طويلة المدى ليُسلم الرئيس مصر وهو مطمئن تماماً لسلامتها بعد أن يُتم مُدد رئاسته.

لقد بدأ الرئيس «السيسى» عهده بالتدخّل أكثر من مرة للكشف عن قاتل «شيماء الصباغ»، الذى اتضح فى ما بعد أنه ضابط شرطة ملثم.. وأصر على أن يأخذ عقابه بالقانون، فى إشارة إلى أنه لن يقبل باستغلال السلطة والنفوذ، وأن العدل فوق الجميع، وحقوق الإنسان مصونة.. ثم دارت عجلة الإصلاح السياسى بـ«لجنة العفو الرئاسى» عن المحبوسين بسبب قضايا رأى.. صحيح أننا نحتاج إلى «ثورة تشريعية» لتنقية القوانين السالبة للحريات، مثل قانون «الحبس الاحتياطى»، لكن كانت لجنة العفو «إجراءً سريعاً» لحل المشكلة.

ولم يقبل «السيسى» إطلاقاً المصالحة على الدم مع الإخوان أو اعتبارهم «فصيلاً سياسياً»، لأنهم جماعة إرهابية وليسوا فصيلاً وطنياً.. قطعاً لا يزال أمام مصر مشوار طويل على طريق الديمقراطية، لكن البداية مشرّفة وواعدة.

وحده «السيسى» يسعى لتجفيف منابع الإرهاب بـ«الإصلاح الدينى»، وحده ينادى ولا يمل، المؤسسات الدينية، المثقفين، المبدعين.. يطالبهم بـ«إعادة فهم المعتقد» ونشر «الوعى الدينى».. وفى كل مناسبة سياسية أو اقتصادية يطل علينا الرئيس «عبدالفتاح السيسى» محذّراً: (التطرف مبنى على التمييز والاستعلاء، ولو قدرنا فى المدارس والجامعات والمعاهد والدراما نتكلم عن التنوع والاختلاف.. ولو جينا هنا هتلاقوا مفيش شكل زى التانى، لأن ده الطبيعى). وما إن ينصرف عنا وينتهى البث المباشر نعود إلى الممارسات اللاإنسانية نفسها، التى تؤكد عدم فهمنا لحقيقة الدين ورسالته ومراد الله عز وجل «الذى يحاول أن يحتكره البعض».

لا تتصور أن الرئيس الذى تابع فوضى قانون «الأحوال الشخصية» ولا يزال يصر على إيجاد حل لمشكلة «الطلاق الشفهى»، التى تُدمر البيوت المصرية، لا تتصور أنه لا يتابع الصراع الدموى حول «أفكار ورؤى وتراث» من الطبيعى أن تثير «الجدل الصحى»، لا أن تثير معارك «التصفية المعنوية».

يتوهّم البعض أن الرئيس -القادم من خلفية استخباراتية- لم يسمع عن مشكلات قانون ازدراء الأديان (المادة 98 من قانون العقوبات)، ولا عن معارك الحجاب الصاخبة ولا مآسى التبنى.. أتصور أن الرئيس أيقن أن الفتنة لم تعد «مسيحى ومسلم»، بل أصحبت (صوفى وسلفى وعلمانى وإسلام سياسى... إلخ الأطياف الفكرية).. وإن كنا لم نتقدم كثيراً حتى الآن على صعيد «الإصلاح الدينى» فهذا لتقصير منا وعناد من هيئات بعينها تتصور أنها تحكم مصر من الباطن. إن شئنا أن نتصارح فلنُنهِ «إسلام المصالح».. ولنقل بوضوح إن لدينا حالة «استعلاء فقهى» من المشايخ أنفسهم على تيار الاستنارة وعلى الشعب وعلى النظام.. بزعم أنهم «ظل الله على الأرض»!

ورغم ذلك نجح الرئيس فى تحقيق «المصالحة الوطنية» بتحقيق «العدل والمساواة»: (قُل مواطناً مصرياً.. ولا تقل مسلماً ومسيحياً.. هذه المرحلة تجاوزناها).. هذه رؤية الرئيس لدولة المواطنة التى تسمو بالإنسان إلى أعلى مراتب الإنسانية: (الدين شخصى).. لقد تسلَّم الرئيس الوطن والكنائس تُحرق، والقساوسة يتعرّضون للاغتيال الممنهج، و«داعش» تطرد المسيحيين من بيوتهم فى العريش.. فتجاوز حتى مفهوم المواطنة: (قبل عدة سنوات تعهد الرئيس بحماية حرية العبادة حتى للادينى).. ولم يكتفِ بافتتاح كنيسة الميلاد بالعاصمة الإدارية الجديدة إلى جوار مسجد الفتاح العليم.. بل وجّه وزير الإسكان الدكتور عاصم الجزار، بألا يُبنى فى أى مشروع سكنى مسجد إلا وأمامه كنيسة (حتى لو كانت لشعائر عبادة 150 فرداً).

لا تزال بعض الملفات التى ذكرتها مفتوحة للعمل الجاد، ولا يزال ملف «الإصلاح الاقتصادى» وسعر الدولار والسلع التموينية والفساد هى الهم الأكبر للمواطن.. فقط قِس ما تعانيه مقابل ما تحقّق من إنجازات ومشروعات عملاقة وشبكة حماية اجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً.. يدرك الرئيس أن القوة الحقيقية لمصر لا بد أن تكون «اقتصادية»، وأن المكانة السياسية والسمعة الدولية لا مصداقية لها إن كانت الدولة عاجزة.. وليس تعويم الجنيه إلا خطوة على الجمر من أجل الوصول إلى هذه اللحظة، لقد كانت مرحلة مزدحمة بكوارث لم يتحسّب لها أحد (جائحة كورونا، الحرب فى أوكرانيا، الحرب على غزة.. إلخ).

«صوتى للسيسى» بالبنط العريض: لأن البديل هو الفوضى وسقوط كل المشروعات العملاقة التى تمّت فى مجال التنمية المستدامة، فلن نرى استثماراً ولا سياحة، لن يذهب أحد إلى العلمين، وقد تصبح «العاصمة الإدارية الجديدة» مقراً لمرشد الإخوان وتصدير الإرهاب للعالم.. ولن يتبقّى للمواطن إلا «الديون والفوضى».

omantoday

GMT 22:25 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

حل الدولتين؟

GMT 22:23 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

شكراً إيران

GMT 22:22 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

عودة إلى «حرب الظل» بين إسرائيل وإيران!

GMT 22:21 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

«منبر جدة» والتوافق السوداني المفقود

GMT 22:19 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأردن من أيلول الأسود لليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيس الإصلاحي الرئيس الإصلاحي



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

مسقط - عمان اليوم

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 16:43 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 22:03 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 21:30 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab