الأبيض الشرَفي

الأبيض الشرَفي

الأبيض الشرَفي

 عمان اليوم -

الأبيض الشرَفي

بقلم:أسامة غريب

فى جنوب إفريقيا على زمن الفصل العنصرى كان هناك المواطن الأبيض وله كل الحقوق والإنسان الأسود وليس له أى حقوق، وكانت هناك فئة ثالثة ذات وضع مؤقت وهم الزوار أو الضيوف القادمون من إفريقيا أو آسيا من ذوى البشرة السمراء، وهؤلاء- وخاصة إذا كانوا رؤساء دول أو وزراء أو ذوى حيثيات مهمة- كان يتم منحهم صفة الأبيض الشرفى، أى أنه رغم سمار بشرتهم فإنهم سيلقون معاملة طيبة كما لو كانوا من البِيض!.

وقد قفزت هذه الصفة أو هذا المركز «الأبيض الشرفى» إلى أذهان الجمهور عندما شاهدوا فيلم الطريق إلى الهند للمخرج البريطانى ديفيد لين، وكان بطل الفيلم الطبيب الهندى المتعلم المثقف الذى يجيد الإنجليزية أفضل من البريطانيين ويحوز حب وثقة أبناء دائرته من الهنود، ومع ذلك كان بداخله شعور بالنقص والدونية إزاء الإنجليز دفعه للسعى إلى الاختلاط بهم ومصادقتهم بغية الحصول على اعترافهم ونَيْل محبتهم وحتى يتعاملوا معه كما لو كان واحدًا منهم.

ومع أول احتكاك حقيقى من خلال مشكلة مع طرف إنجليزى يكتشف صاحبنا أنه لا يساوى شيئًا عندهم، وأن الانحياز إلى أبناء شعبه هو ما يجعل له قيمة، أما محاولة الحصول على لقب الأبيض الشرفى فهى حرث فى الماء وجهد ضائع مع أناس عنصريين لا يؤمنون بالمساواة بين البشر، ولو كانوا يؤمنون بها لمَا اخترعوا شيئًا سخيفًا اسمه الأبيض الشرفى ليغروا به المنسحقين من أبناء العالم الثالث. فى الحرب الشعواء التى يشنها الإسرائيليون على غزة وجدنا الغرب بمفهومه الواسع ينحاز تمامًا إلى العدوان الإسرائيلى، ولا يبالى بآلاف الضحايا المدنيين من أطفال فلسطين، وجلهم من النساء والأطفال، ووجدنا اليابان فى مجلس الأمن تصوت ضد وقف القتال، ورغم أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قد صوتت أيضًا لإجهاض صدور القرار، فإن موقف اليابان هو الداعى للدهشة لأنها الدولة الوحيدة التى تعرضت لويلات القنبلة الذرية، وتعرف أن ما يلقاه المدنيون العزل فى غزة شبيه بما لاقوه فى هيروشيما ونجازاكى، والتشبيه هنا ليس مقصودًا به حجم الدمار والخسائر البشرية، وإنما قلة الحيلة إزاء عدو لا يرحم ولا يسمح بدخول الماء والدواء لمَن يعتبرهم حيوانات!.

ومع ذلك فليس الموقف اليابانى وحده المستغرب، ولكن موقف رئيس الوزراء البريطانى السيد ريشى سوناك، الذى ينحدر من أصل هندى، وصحيح نحن نفهم أنه يمثل مصالح بريطانيا، وهى دولة ذات تاريخ استعمارى عتيد، ومن العادى أن تميل إلى إسرائيل باعتبار دورها الأساسى فى إنشاء الدولة العبرية، لكن كل هذا التطرف فى إظهار الولاء للفكرة الصهيونية ووضعه البحرية البريطانية فى خدمة إسرائيل وكل هذا العداء لشعب غزة جعلنا نستدعى فى الأذهان فيلم الطريق إلى الهند، ونترحم على المخرج العبقرى ديفيد لين، الذى لم تمنعه بريطانيته من الانحياز للإنسانية بمفهومها الواسع، كما أن سلوك بعض زعماء العالم من ذوى الأصول الآسيوية والإفريقية استحضر فى أذهاننا مفهوم الأبيض الشرفى، الذى ابتدعته جنوب إفريقيا العنصرية وجعلت البعض يتطلعون للحصول عليه!.

 

omantoday

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هوامش في قمة البحرين: مجلس أم «مقنص»

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الانهيار المخيف

GMT 10:31 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

نكبة مستمرة... وقضية مُختطفة

GMT 10:30 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

نكبة مستمرة... وقضية مُختطفة

GMT 10:29 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

حكومة أخنوش: حصيلة نصف الولاية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأبيض الشرَفي الأبيض الشرَفي



النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ عمان اليوم

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 17:12 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 21:10 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 04:28 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab