اعترافات ومراجعات 20 26 أغسطس 1977

اعترافات ومراجعات (20).. (26 أغسطس 1977)

اعترافات ومراجعات (20).. (26 أغسطس 1977)

 عمان اليوم -

اعترافات ومراجعات 20 26 أغسطس 1977

بقلم:مصطفى الفقي

أنهيت دراستى الجامعية الأولى بتخرجى فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى شهر مايو عام 1966، وكنت منخرطًا فى الأنشطة الطلابية والشبابية على مستوى الوطن، ثم عُيّنت عضوًا باللجنة المركزية لمنظمة الشباب العربى الاشتراكى مسؤولًا عن التثقيف فى محافظة القاهرة، وزرت الجزائر موفدًا من المنظمة لتمثيل الشباب المصرى فى احتفالات عيد الاستقلال ونقل رفات الأمير عبدالقادر الجزائرى من سوريا إلى الجزائر فى احتفال مهيب حضره زعماء ووزراء ومسؤولون كبار من مختلف الدول العربية والأجنبية، وكان ذلك فى شهر يونيو بعد تخرجى بأسابيع قليلة.

وعدت لأنتظم فى دروس السنة الإعدادية للماجستير بقسم العلوم السياسية، وانتهيت منها لأسجل رسالة الماجستير مع أستاذ راحل هو الدكتور إبراهيم صقر، وكان موضوعها عن (أزمة السويس بين السياسة الإقليمية والقانون الدولي)، ثم صدر قرار مفاجئ بتعيينى فى وزارة الخارجية ملحقًا دبلوماسيًا فى 8 ديسمبر عام 1966.. وأمضيت عامين فى معهد الدراسات الدبلوماسية.

أبليت خلالهما بلاءً حسنًا، واقتربت كثيرًا من شخصية تأثرت بها وأعنى بها السفير الراحل الدكتور أسامة الباز، وجرى نقلى إلى لندن بطلب من السيد كمال رفعت السفير الجديد الذى جرى تعيينه هناك بعد رحيل الرئيس عبدالناصر مباشرة، وبدأت أفكر فى استكمال دراستى العليا فى مقر عملى الجديد بلندن، والتقيت بزملائى الكبار، وعلى رأسهم أحد المعيدين البارزين والذى كان يدرس دكتوراه الاقتصاد فى جامعة أكسفورد؛ وأعنى به زميلى الكبير سمير رضوان، الذى تبادلت معه الرأى فى مناقشات طويلة حول الطريق الذى أسلكه.

فنصحنى بالدراسة تحت إشراف البروفيسور فاتيكيوتس؛ لأنه الأكثر شهرة؛ ولأنه خريج جامعة إنديانا الأمريكية، فلديه ميزة التعليم البريطانى والأمريكى معًا، فضلًا عن أنه يعرف مصر جيدًا، بسبب أصوله اليونانية وزواجه من مصرية يهودية من عائلة (سورناجه)، فشرحت لأخى سمير أننى ذهبت إلى كينجز كوليدج لألتحق بقسم الدراسات الاستراتيجية هناك، ونصحنى زميل بأن أحمل معى هدية للسيدة المسؤولة عن القبول هناك واسمها على ما أتذكر (مسز سمثر)، وأخذت بنصيحته وقدمت لها الهدية عندما قابلتها فغضبت غضبًا شديدًا وقالت لى: هذه بداية سيئة تعودتم عليها فى بلادكم، فقلت لها: إنها ليست رشوة إنها هدية، ولكنها اعتذرت وأغلقت الباب أمامى تمامًا عن عمد بسبب ذلك التصرف الساذج الذى قمت به.

وقد أخذت بنصيحة د. سمير رضوان وقابلت البروفيسور فاتيكيوتس بوساطة من شخصية مصرية فذة هى السفير تحسين بشير، الذى كان صديقًا لعدد كبير من كبار المثقفين فى كثير من الدوائر الأكاديمية والدبلوماسية، وطلب منى فاتيكيوتس أن أوافيه بخطابيّ تزكية من أستاذين جامعيين درست معهما، فوقع اختيارى على أستاذىّ «بطرس غالى» و«عبدالملك عودة»، وكان هناك فى لندن حينذاك شخصية متميزة تقوم بالتدريس فى جامعتى أكسفورد ولندن؛ وأعنى به الراحل الكبير (د. رؤوف كحيل)، وهو مصرى من أصول شامية يتمتع بسمعة طيبة فى الدوائر العلمية.

وقد تطوع وأرفق بالخطابين خطابًا ثالثًا بتوصية منه بعد أن التقى بى عدة مرات قبل ذلك، وبدأت فى الانتظام بالدراسة محاولًا اختيار موضوع بعدما طلبت منى إدارة الجامعة هناك استكمال دروس المناطق الجغرافية عن الشرق الأوسط بدبلوم يستغرق عامًا واحدًا وقد فعلت، ثم بدأت أعمال التحضير فى اختيار موضوع ماجستير الفلسفة للعلوم السياسية والذى يتحول تلقائيًا إلى أعمال تحضيرية للدكتوراة بعد عامين من البدء فيه، إذ قال لى أستاذى فاتيكيوتس: إننا نسعى لاستكمال مكتبة العلوم السياسية بشخصيات تنقصنا الكتابة عنها.

وقد سبقتك زميلتك منى أبوالفضل - رحمها الله وهى ابنة الدكتورة فاطمة عابدين وخالتها هى الدكتورة الشهيرة زهيرة عابدين - وقد كتبت مُنى عن إسماعيل صدقى ونحن نريد شخصية مصرية ذات وزن تكون موضوعًا للكتابة فى تاريخ الشأن المصرى الداخلى، خصوصًا فى الفترة بين ثورتى 1919 و1952.. وكانت أحداث الزاوية الحمراء والخانكة توحى بمخطط طائفى مزعج يبدو غريبًا على جيلى حينذاك بعد سنوات طويلة من الصمت الطائفى تحت حكم الرئيس الراحل عبدالناصر، فاخترت اسم مكرم عبيد باشا لكى يكون موضوعًا لرسالتى أعالج فيه العلاقة بين المسلمين والأقباط فى مصر.

خصوصًا فى المجال السياسى بالدرجة الأولى، وقد فعلت وانخرطت فى جمع المعلومات من أرشيف المتحف البريطانى وأرشيف مركز الوثائق فى لندن، فضلًا عن المصادر المصرية من مختلف الاتجاها.. حتى اجتمعت لى ذخيرة ضخمة تفرغت بها لإعداد الرسالة التى كتبتها باللغة الإنجليزية واستعنت فى مراجعتها بالمتخصصين فى صياغة الرسائل والأسلوب الفنى لإعدادها.. وفى صبيحة 26 أغسطس عام 1977 ارتفع العلم المصرى على باب القسم، ودخلت فى هدوء لأقف أمام الأساتذة الكبار، يتقدمهم البروفسور الشهير روجر أوين من جامعة هارفارد الأمريكية.

وفاتيكيوتس من جامعة لندن، وعضو ثالث متخصص فى تاريخ الشرق الأوسط جاء من جامعة أكسفورد، ودامت المناقشة ساعتين أو أكثر، ولم يحضرها إلا الممتحنون والطالب، ثم خرجت وتركتهم نصف ساعة وعُدت لأسمع فاتيكيوتس يصيح باللغة العربية لأول مرة - التى لم يتحدث بها معى خلال السنوات الخمس الماضية رغم أنه يجيدها- وهو يقول لى: «اتصل بزوجتك وقل لها إنك أصبحت تحمل درجة الدكتوراة فى فلسفة العلوم السياسية من جامعة لندن».. وكان ذلك واحدًا من أعظم أيام حياتى على الإطلاق!.

 

omantoday

GMT 09:43 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

كيف يفكر نتانياهو؟

GMT 04:55 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

«ساق البامبو» في سوق التحف

GMT 04:53 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المنطقة و«اللمسات الأخيرة»

GMT 04:52 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

بقاء الفلسطيني... وأزمة الانتماء

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 20 26 أغسطس 1977 اعترافات ومراجعات 20 26 أغسطس 1977



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

مسقط - عمان اليوم

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 20:52 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 04:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 20:50 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab