القضية الفلسطينية ودول الجوار العربى

القضية الفلسطينية ودول الجوار العربى

القضية الفلسطينية ودول الجوار العربى

 عمان اليوم -

القضية الفلسطينية ودول الجوار العربى

بقلم:مصطفى الفقي

كشفت الأحداث الأخيرة بين إسرائيل والفلسطينيين عن نتائج خطيرة خصوصًا مع محرقة غزة والهولوكوست الفلسطينى الذى لم نشهد له مثيلًا فى التاريخ الحديث، وقد توقفت كثيرًا أمام مواقف دول الجوار العربى وخصوصًا الجارتين المسلمتين تركيا وايران إذ حاولت تركيا كعادتها أن تعطى التصريحات القوية وتحرك الإعلام الرسمى استجابة لضغوط الرأى العام الداخلى الذى ينظر للمذبحة من منظور إنسانى وإسلامى، ولا بد أن أعترف أن خطب أردوغان فى هذا الشأن كانت قوية وواضحة ومؤثرة وهى تأتى من منطلق إسلامى يتقرب به إلى مشاعر الأتراك الذين خرجوا فى مظاهرات حاشدة دعمًا للفلسطينيين، وعلى الجانب الآخر فإن إيران دولة معروفة التوجه ولها ذراع مباشر‪ة‬ فى جنوب لبنان تحت سيطرة حزب الله الذى وقف موقفًا متأرجحًا من العمليات العسكرية فى غزة، ويرى البعض أن الخلاف المذهبى له تأثير مباشر، وإن كنت لا أوافق، لأن حسابات طهران تدفعها إلى الحذر فى تلك المرحلة التى تركز فيها على البناء الداخلى والتخصيب النووى، ولقد كانت مشاركة رئيس إيران فى القمة الإسلامية بالسعودية تعبيرًا عن ذلك التضامن الصامت، ولكنه يضع فى حساباته تطورات العلاقات بين طهران وواشنطن، لذلك فإننى أظن أن دولتى الجوار الكبيرتين إيران وتركيا حرصتا على التعاطف العالمى والدعم النظرى دون الانخراط فى أى عمل عسكرى خصوصًا وأن كلا منهما لديه ما يكفيه، فتركيا تستهدف الأكراد فى سوريا والعراق، بينما تسعى إيران إلى المضى فى مفاوضات برنامجها النووى الذى بدأت تشعر أن الأنظار قد ابتعدت عنه للتركيز على عملية حماس الكبرى فى غزة بدءًا من السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ والتى شدت الأنظار وغيرت إلى حد كبير قواعد اللعبة على المسرح السياسى الإقليمى مع الحرص على عدم توسيع نطاق الحرب وهو حرص تشترك فيه مع إيران الولايات المتحدة الأمريكية أيضًا التى تخشى التورط فى حرب شاملة فى الشرق الأوسط والتى قد يكون من نتائجها تغيير الأوضاع الدولية بالكامل خصوصًا فى ظل الحرب الروسية الأوكرانية التى تستحوذ على قدر كبير من الاهتمام الأمريكى بل والغربى عمومًا، وهنا نقف أمام هذه الأحداث وتأثير ما جرى من خلال الملاحظات التالية:

أولًا: لقد كشفت حرب غزة عن تفاوت واضح فى مواقف الدول العربية، فهناك حد أدنى تحدثت به تلك الدول جميعًا ولكن التفاوت فى حدة الحديث ودرجته يعكس أحيانًا دفء العلاقات بين تلك الدول ودولة إسرائيل.. نعم إن كل العرب يتحدثون عن تطور خطير ولكنهم لا يشيرون مباشرة إلى دعم المقاومة الفلسطينية بشكل مطلق كما أنهم لا يتجاوبون مع ما أقدمت عليه حماس فى السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ بشكل مباشر أو واضح ويلجأون إلى شعار حل الدولتين بعد أن تحدثت به واشنطن والرئاسة الفرنسية وغيرهما، إن الموقف العربى أصبح مختلفًا وليس كما كان من قبل بل أضحى ينظر إلى الموقف بدعم حذر وتأييد إنسانى أكثر منه سياسيًا.

ثانيًا: لقد أصابتنى شخصيًا الدهشة من التحولات الواضحة فى مواقف بعض الدول التى كانت متعاطفة مع الشعب الفلسطينى ومعاناته الطويلة وأذكر هنا مثالين فرنسا فى أوروبا والهند فى آسيا، فقد كانت هاتان الدولتان فى مراحل معينة من تاريخهما متعاطفة مع الشعب الفلسطينى وها هى هذه المرة تدعم بشكل مطلق إسرائيل وإجراءاتها العدوانية وإسرافها الشديد فى استخدام القوة فى ذبح الشعب الفلسطينى فى غزة وغيرها من الأراضى الفلسطينية، ونعزو هذا التحول إلى براعة الإعلام الصهيونى فى تصوير الأمور على النحو الذى أدى إلى تحولات فى المواقف الرسمية لبعض الدول وإن ظلت المواقف الشعبية على تعاطفها بشكل ملموس حيث خرجت مظاهرات كبيرة تندد بالحرب الإسرائيلية على المدنيين فى غزة.

ثالثًا: لقد اتخذت موسكو موقفًا متعاطفا مع الشعب الفلسطينى ولكن فى حدود معينة مع العلم بأن الرئيس الأوكرانى وحكومته قد عبروا بشكل واضح عن دعمهم الشديد لإسرائيل والتعاطف مع كل ما تفعله من إجراءات غير مسبوقة وعدوان على المستشفيات والمدارس وقتل الأطفال وسفك الدماء، ولكن يبقى هناك ما يصل الحبل السرى بين اليهود فى روسيا الاتحادية وشرق أوروبا عمومًا فى ناحية والدولة العبرية المدعومة منهم فى ناحية أخرى وتلك قضية معقدة يدرك أبعادها كل من درس التاريخ الحديث لليهود فى أوروبا الشرقية والغربية.

رابعًا: إن مستقبل القضية الفلسطينية حاليًا أصبح يحتاج إلى مراجعة شديدة من أطراف كثيرة إقليمية ودولية والكل يعيد حساباته لأن القضية بعد مذبحة غزة وأسلوب المقاومة الفلسطينية الجديد الذى ظهر فى السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ سوف يضع الأمر برمته فى وضع مختلف لم نكن ندرك أبعاده من قبل، لذلك فإننى أتوقع صحوة للقضية وتعاطفًا دوليًا معها نتيجة المذابح التى جرت ضد الأطفال، كما أتصور أن دول الجوار الإقليمى سوف تعيد حساباتها فى أسلوب دعمها للشعب الفلسطينى الذى عانى أكثر من أى شعب آخر فى عالمنا الحاضر، وسوف تنعكس أحداث غزة على مستقبل العلاقات بين كل من إيران وتركيا وعلاقة كل منهما بالمقاومة الفلسطينية والسعى نحو مستقبل عادل للقضية، خصوصًا أن الإدارة الأمريكية ذاتها أدركت ذلك وعبرت عنه على استحياء فى أكثر من مناسبة. هذه قراءة عاجلة للوضع الإقليمى ودول الجوار العربى بعد الأحداث الخطيرة التى تجعلنا نقر بأن أوضاع الصراع العربى الإسرائيلى بعد أحداث غزة الأخيرة سوف تختلف بالضرورة عن الأوضاع قبلها.

 

omantoday

GMT 23:31 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

أموال وأصوات في بلاد العم سام

GMT 23:30 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

البناء والإصلاح اليمنى

GMT 23:28 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

بأي حال كنت ياعيد..!

GMT 23:27 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

أحمد فتحي شاعر مظلوم

GMT 23:22 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

حملة مطاردة السوريين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القضية الفلسطينية ودول الجوار العربى القضية الفلسطينية ودول الجوار العربى



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

مسقط - عمان اليوم

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 20:50 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 08:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الثور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab