لو غاب «الطوفان» ما حضر العماد عون

لو غاب «الطوفان» ما حضر العماد عون

لو غاب «الطوفان» ما حضر العماد عون

 عمان اليوم -

لو غاب «الطوفان» ما حضر العماد عون

بقلم: سليمان جودة

في كلمات قليلة تستطيع أن تقول الآتي: لو لم يكن السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ما كان التاسع من يناير (كانون الثاني) 2025.

أما التاريخ الأول، فلا يوجد أحد في العالم لا يعرفه؛ لأنه يشبه البحر الذي فاضت أمواجه حتى غطت كل ما اعترض طريقها على الشاطئ. ومن المفارقات أن «كتائب عز الدين القسام» التي قررت ما قررت في ذلك اليوم، قد أطلقت عليه «طوفان الأقصى»، فكأن ما جرى ولا يزال إلى لحظة كتابة هذه السطور قد كان له من اسمه نصيب. أو كأنه يشبه طوفان نوح (عليه السلام)، وهو يحمل الناجين على ظهر السفينة.

أما التاريخ الآخر، فهو الذي جاء فيه العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية في لبنان، بعد أن بقي قصر بعبدا الرئاسي خالياً على مدى عامين وشهرين وتسعة أيام.

وإذا كان نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، قد دعا إلى انتخاب الرئيس في اليوم التاسع من هذا الشهر، فإن هذه لم تكن المرة الأولى التي يدعو فيها الرجل إلى مثل هذا الانعقاد، لكنها كانت المرة الثالثة عشرة، ورغم أنه كان قد دعا إليها قبل أسابيع، ورغم أن الظروف التي أحاطت بها كانت غير كل المرات السابقة، فإن الذين سمعوا بها قد ترقبوها في خوف وإشفاق.

ترقبوها في خوف من ألا تكون المرة الأخيرة، فيبقى لبنان معُلَّقاً في انتظار مرة أخرى مقبلة، وتبقى أبواب بعبدا موصدة في انتظار الفرج السياسي. وترقبوها في إشفاق على بري نفسه، الذي بدا المرة بعد المرة وكأنه متفرغ لإحصاء المرات التي لا تريد أن تنقضي، والتي صارت تتوالد من بعضها بعضاً بغير نهاية قريبة طوال أكثر من سنتين.

وما دام الحديث حديث عدّ وإحصاء، فإنني أستطيع أن أحصي لك الكثير جداً مما خلّفه «الطوفان» وراءه؛ لأنه إذا كان قد خرج من قطاع غزة الذي لا يتجاوز طوله الأربعين كيلومتراً بالكاد، فامتداداته وألسنة اللهب فيه قد طالت المنطقة عن آخرها، وكانت وهي تطولها تغير وتبدل في ملامحها كما لم يحدث على مدى سنين.

أستطيع أن أحصي وأن أعدّد، لكن الحدث اللبناني يبدو مختلفاً عن كل ما خلّفه «الطوفان» وراءه، ويبدو نسيجَ وحده، ويبدو نقطة بيضاء في ثوب ممتلئ بالسواد في المنطقة من حوله، ويبدو وكأنه قمر يبزغ في السماء البعيدة بعد طول اختفاء وراء الغمام.

وبالطبع، فإن بري وهو يدعو في المرة الأخيرة كان يعرف أنها مختلفة، وكان يرى أمامه أن متغيراً واحداً على وجه التحديد قد طرأ على المشهد، وأن كونه متغيراً واحداً فقط، لا ينفي قدرته على أن يجعل المرة الثالثة عشرة مختلفة عن كل ما سبقتها من المرات.

هذا المتغير هو «حزب الله» وما أصابه من جراء «الطوفان»، ففي كل مرة سابقة بخلاف المرة الأخيرة كان الحزب هو العقبة الكبرى، وكان مجلس النواب كلما التأم انفض انعقاده بلا حصيلة، وكانت هناك أسباب متنوعة لذلك، لكن السبب الأول كان هو «حزب الله»، الذي لو لانَ موقفه قليلاً في أي مرة سابقة لكان الرئيس اللبناني المرتقب وقتها قد جاء. لكن الحزب كان يتصرف بمنطق «فيها لاخفيها» وهي عبارة تعني في أي لعبة سياسية، أن طرفاً يتمسك برأيه ويريد أن يفرضه، وإلا، عادت اللعبة إلى مربعها الأول. وهذا بحذافيره هو ما كان يجري في 12 مرة انعقد فيها مجلس النواب.

بخلاف المرة الأخيرة، كان للحزب مرشح رئاسي في كل المرات، وكان لبقية القوى السياسية في لبنان مرشح في المقابل، وكان الطبيعي أن يمر مرشح بقية القوى السياسية، لكن الحزب كان يتغطرس ويعطّل تمريره، ولم يكن يفعل ذلك سراً، لكنه كان يفعله في العلن. كان يمارس الأمر نفسه مراراً ولسان حاله يقول: إما مرشحي وإما لا مرشح!

أتذكر هنا ما كانت صحف حزب «الوفد» في مصر تكتبه عن حزب «الأحرار الدستوريين» المنافس لـ«الوفد» في انتخابات برلمان ما قبل 1952. ففي إحدى المرات استحوذ «الوفد» على غالبية مقاعد البرلمان، وخرج حزب «الأحرار الدستوريين» خالي الوفاض، فكتبت صحف «الوفد» مانشيتاً عريضاً وشهيراً عن الحزب الخاسر وصحيفته، ثم راحت تكرره وتقول: «كان ها هنا حزب وكانت ها هنا صحيفة»!

هذا تقريباً هو حال «حزب الله» بعد «الطوفان»؛ ولهذا، فإن ترشيح جوزيف عون مرّ سريعاً، وبدا للعيان أنه لو لم يكن «الطوفان» ما كان التاسع من هذا الشهر. فـ«الطوفان» مقدمة ومجيء جوزيف عون نتيجة، وعلم المنطق يقول إنه لا نتائج بغير مقدمات.

 

omantoday

GMT 20:15 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

GMT 20:12 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لا تعزية حيث لا عزاء

GMT 20:11 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حطب الخرائط ووليمة التفاوض

GMT 20:10 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

خرافات العوامّ... أمس واليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لماذا فشلت أوسلو ويفشل وقف إطلاق النار؟

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

الخصوصية اللبنانية وتدوير الطروحات المستهلكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لو غاب «الطوفان» ما حضر العماد عون لو غاب «الطوفان» ما حضر العماد عون



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 19:24 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:37 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الحمل

GMT 04:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:47 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

يتناغم الجميع معك في بداية هذا الشهر

GMT 20:41 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 16:43 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدّاً وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 21:50 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 20:35 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon