بمناسبة السودان هل يستحيل فصل الاقتصاد عن السياسة

بمناسبة السودان: هل يستحيل فصل الاقتصاد عن السياسة؟

بمناسبة السودان: هل يستحيل فصل الاقتصاد عن السياسة؟

 عمان اليوم -

بمناسبة السودان هل يستحيل فصل الاقتصاد عن السياسة

مشاري الذايدي
بقلم- مشاري الذايدي

لمّا رأيتُ بني الزمان وما بهم خِلٌّ وفيٌّ للشدائدِ أصطفِي
أيقنتُ أنَّ المستحيلَ ثلاثة الغولُ والعنقاءُ والخلُّ الوفِي!
لهجت بهاذين البيتين، هذه الأيام، للشاعر صفيّ الدين الحلّي، المبدع أيضاً رائعتَه الأخرى: سل الرماح العوالي عن معالينا.
أما علّة لهَجي ببديع كلم الشاعر الطائي العراقي الذي عاش في العهد المملوكي، فهي تأمّلي في شبه استحالة الفصل بين السياسة والاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، كما هو وصفها في المعاجم الغربية، أو ديار العرب والمسلمين، كما نقول نحن.
ثمة من ينادي وبإلحاح، من رجالات الاقتصاد والتنمية، بوجوب الكفّ عن «إدمان» السياسة والحكي في السياسة وممارسة السياسة عملاً أو مراقبةً أو تحليلاً لها، وأن هذا الإدمان العربي هو أصل الداء الوبيل المقيم الذي يعاني منه الإنسان العربي والمسلم اليوم والأمس.
طيّب... والحلّ؟
يُقال لك كفُّوا عن السياسة وانشغلوا بالتنمية والاقتصاد، فإذا حسُن الحال، فكل شيءٍ سيزدهر ويثمر، والأرض تهتزُّ وتنبت من كل زوج بهيج... فقط أقلعوا عن إدمان السياسة والانشغال بها.
كلام لذيذ، لكن ربَّما هو من مستحيلات الصفي الحلّي. لو أرادت مصر اليوم، إن شئت أن تضرب المثالَ بها، الانهماك في ملحمة التنمية وخلق اقتصاد حقيقي يستند إلى مزايا مصر الجغرافية والجغراسياسية والديموغرافية، وغير ذلك من المزايا، فهل يمكنها ذلك مع اشتعال الحرائق على كل حدودها البريّة تقريباً؟
غرب مصر لديها الحرائق الليبية، وجنوبها لديها النيران السودانية، وشرقها وشمالها الشرقي لديها «القاعدة» وغزة و«حماس» وربما إسرائيل، وكل ما يعنيه هذا من صداع أمني وسياسي ممضّ مقيم ومقعد وطارد للنوم.
دعنا في السودان، بما أنَّ حرائقه اليوم هي أحدث الحرائق العربية وأكثرها توهجاً، تخيّل - لا سمح الله - لو أفلت زمام الأمور في السودان كليّة، ولات حين مندم، ودخل الحابل في النابل، وصارت الأمور كلها «حيص بيص»، وتحلّلت الدولة، وخاض السوداني حربه ضد السوداني الآخر، أين الدولة حينها؟ أين قوامها؟ أين شرطتها وأمنها وحرس حدودها وجيشها وقانونها ومحاكمها وكل معاني الدولة العصرية؟
اليوم ينادي أحد قادة «القاعدة» في شمال سوريا، وهو سوداني الجنسية، باستغلال الوضع القائم في السودان اليوم، لتكديس السلاح، وتنظيم العمل، استغلالاً لحالة التوهان من الدولة السودانية.
إذن، فلا يمكن حقيقة فصل المسارات عن بعضها، والتركيز على التنمية والاقتصاد والتعامل مع السياسة على طريقة الحدّ الأدنى وفقه الضرورات، فكل شيء يُفضي لكل شيء في المنازل العربية ذات الأبواب والشبابيك الكثيرة. لاحظ أنَّنا لم نتحدث عن المسار الفكري التربوي الثقافي، وهل يمكن فصله عن المسار التنموي الاقتصادي؛ أعني أيضاً ترديد نغمة: انشغلوا بالاقتصاد ودعوا الجدل الفكري عن قضايا مثل: الإسلام السياسي، والهوية الوطنية... فذلك حديث لا يخدم الاقتصاد والتنمية... كما زعموا.
مع الأسف... لا يمكن فعل ذلك؛ لأنه من المستحيلات، وربما يضاف لثلاثية الشاعر الحلّي: الغول والعنقاء والخلّ الوفيّ!

omantoday

GMT 01:51 2023 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

الذكاء الاصطناعي بين التسيير والتخيير

GMT 02:58 2023 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

الأيام الصعبة

GMT 02:52 2023 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

«بحب السيما» وبحب جورج إسحاق

GMT 02:51 2023 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

فرق توقيت

GMT 02:49 2023 الثلاثاء ,13 حزيران / يونيو

السعودية الجديدة... الإثارة متواصلة ومستمرة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بمناسبة السودان هل يستحيل فصل الاقتصاد عن السياسة بمناسبة السودان هل يستحيل فصل الاقتصاد عن السياسة



الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

مسقط - عمان اليوم

GMT 11:35 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

توقعات الأبراج اليوم الأحد 18 يونيو/ حزيران 2023

GMT 13:44 2023 السبت ,30 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 30 سبتمبر/أيلول 2023

GMT 02:47 2023 الإثنين ,31 تموز / يوليو

توقعات الأبراج اليوم الأثنين 31 يوليو/ تموز 2023

GMT 11:29 2023 الجمعة ,29 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم الجمعة 29 سبتمبر / أيلول 2023

GMT 02:24 2023 الإثنين ,11 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم الإثنين 11 سبتمبر ​/ أيلول 2023

GMT 12:35 2023 الأحد ,25 حزيران / يونيو

توقعات الأبراج اليوم الأحد 25 يونيو/ حزيران 2023

GMT 02:51 2023 الإثنين ,21 آب / أغسطس

توقعات الأبراج اليوم الاثنين 21 أغسطس /آب 2023
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab