عبير الكتب الفتنة وهشام جعيط

عبير الكتب: الفتنة وهشام جعيط

عبير الكتب: الفتنة وهشام جعيط

 عمان اليوم -

عبير الكتب الفتنة وهشام جعيط

بقلم:مشاري الذايدي

تحدثنا عن مسألة «الفتنة الكبرى» بالأمس، أي الحرب الأهلية التي اندلعت في العقود الأولى من التاريخ الإسلامي في المدينة ثم في العراق والشام ومصر، وهي الحقبة التي اصطلح المؤرخون المسلمون والفقهاء أيضاً على نعتها بالفتنة.

وأشرنا إلى كتاب الدكتور طه حسين بجزأيه عن هذه الحقبة، وأضيف، اليوم، القول إن من المؤخذات على كتاب طه حسين النغمة الأدبية أكثر من العلمية فيه، رغم ما فيه من علم ونقد وجرأة «مبكرة».

اليوم، نذهب لمدى أرحب ونقد أوثق صلة بالنهج العلمي المتعدد التراكيب بين تراثي وحديث، عن مسألة الفتنة الكبرى.

كتاب «الفتنة-جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكّر» للمؤرخ والمفكر التونسي الراحل هشام جعيّط، صدرت طبعته العربية عن دار الطليعة ببيروت 1991، وكانت نسخته الأصلية، بالفرنسية، صدرت عام 1989.

هذا كتاب من أعمدة مؤلفات هذا العالِم التونسي الكبير، إضافة لكتابه عن الكوفة وسلسلته عن الوحي والنبوة. لكن هذا الكتاب كان أثيراً لديه، قال عنه: «من بين جميع كتبي، يظلّ (الفتنة) الأكثر مقروئية؛ ربما لأن المسلمين يحسون أنهم في حالة فتنة دائمة».

ينتمي هشام جعيط، المولود بتونس العاصمة في السادس من شهر ديسمبر (كانون الأول) 1936، إلى عائلة من البورجوازية المحافظة. وكان والده من كبار شيوخ جامع الزيتونة، وفيه درّس الفقه وعلوم اللغة. وقد اختار الشيخ الوالد أن يدخل ابنه وهو في الخامسة من عمره إلى المدرسة العصرية المتمثلة في «المدرسة الصادقية»، راغباً في أن يتعلم اللغة الفرنسية، مثلما كانت حال أبناء البورجوازية في تلك الفترة. كما كتب عنه حسونة المصباحي.

تأتي أهمية كتاب «الفتنة»، كما لاحظ أحد الباحثين، من خلال التشديد على الجدلية التي يجعل منها جعيّط عنواناً فرعياً لكتابه: الدين والسياسة وتداخلهما منذ نشأة الإسلام، التجاذبات بينهما منذ لحظة النبوة، مروراً بفتح مكة، وقيام نواة الإمبراطورية واصطفاف العرب، حضراً وبدواً، وراء مشروع الأمة الموحدة، وصولاً إلى حقبة التفكك والهدم التي يتناولها الكتاب بالسرد والتحليل: الفتنة.

يرى جعيط أن لحظة الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر، كانت هي اللحظة التأسيسية الخاصة، فـ«الثلاثة كلهم كانوا قد أسسوا التاريخية الجديدة، وبالتالي كانوا يرتفعون فوق الحالة البشرية العادية... مع عثمان ـ وبينما كان كل شيء قد شُيّد ـ دخل الإنسان العادي في اللعبة. إنها نهاية الحالة الاستثنائية المتعالية فوق القيم العادية لقرابة، وللمصالح، ولرغبة السلطة»، كما جاء في كتاب «الفتنة» لجعيط.

كان مفكرنا التونسي دقيقاً وجديداً في كشط طبقات التاريخ عن جوهر أو جواهر محركات الفتنة، بعيداً عن القراءات الدينية والعقائدية، شيعية كانت أم سُنية، معيداً قراءة النصوص التاريخية وفق منهج جديد، وعدم الإحجام عن الولوج إلى مغارات الفتنة المظلمة وتوجيه المصابيح النقدية التحليلية في جوفها. منهج جعيط، كما قال هو في المدخل: القراءة السياسية الخالصة للتاريخ، بعيداً عن القراءة الدينية. لقد كانت مهمة كبرى في حياة المفكر التاريخيّ الكبير هشام جعيط، قال عنها هو نصاً: «إن إحياء جانب من التاريخ الإسلامي في حقيقته وكثافته إنما هو جزء من مسيرتي الوجودية الطويلة».

هكذا يكون إحياء التاريخ وبعثه من مرقده على النحو الصحيح، ولك أن توافق أو تختلف، لكن بنفس روحية وشروط المؤلف المنهجية، وليس انقياداً للأهواء الطائفية أو القراءة الإسقاطية التوظيفية الحديثة، كما يصنع بعض العروبيين أو اليساريين في عسف حركة التاريخ عسفاً.

 

omantoday

GMT 20:15 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

GMT 20:12 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لا تعزية حيث لا عزاء

GMT 20:11 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حطب الخرائط ووليمة التفاوض

GMT 20:10 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

خرافات العوامّ... أمس واليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لماذا فشلت أوسلو ويفشل وقف إطلاق النار؟

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

الخصوصية اللبنانية وتدوير الطروحات المستهلكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبير الكتب الفتنة وهشام جعيط عبير الكتب الفتنة وهشام جعيط



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 23:29 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

عبارات مثيرة قوليها لزوجكِ خلال العلاقة

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon