التهجير هدرٌ للدم المصرى والعربى

التهجير... هدرٌ للدم المصرى والعربى

التهجير... هدرٌ للدم المصرى والعربى

 عمان اليوم -

التهجير هدرٌ للدم المصرى والعربى

بقلم: فاطمة ناعوت

«الوطنُ» ليس بقعةَ أرضٍ وإحداثياتٍ على خريطةٍ، بل هو جِذرُ الروحِ، وإشراقاتُ الذاكرة، والحنينُ حين تُصافحُ العيونُ وجهَ الغربة، والمأوى حين نتيهُ فى صقيعِ العالم. «الوطنُ» وجدانٌ، لا حقيبةَ سفرٍ نحملُها ثم نُلقى بها على أرصفة القطارات والمطارات. والمُهجَّرُ المُجتثُّ من أرضه قسرًا، يشبه شجرةً تُقتلعُ من دفء تربتِها، أنّى لها أن تُثمرَ! التهجيرُ جريمةٌ، لا لأنه ينتهكُ حقَّ الإنسانِ فى السكن والأمان وحسب، بل لأنه يُفرغُ الجغرافيا من التاريخِ، ويقتلُ ذاكرةَ المكان. تُرى، ماذا يبقى من شارعٍ كان يضجُّ بالحياةِ حين يُفرَّغُ من سكانِه؟! ماذا يبقى من مدرسةٍ بلا تلاميذ، ومسجدٍ بلا ساجدين وكنيسةٍ بلا مُصلّين؟! ما تفعله إسرائيلُ من جرائمَ فى حق شعب غزّة، بل فى حق الإنسانية، ليست تداعيات احتلالٍ غشوم ولا إرهاصاتٍ لحربٍ تلوح بوادرُها فى الأفق إن لم يستيقظ ضميرُ العالم، ولن أقول: «ضمير إسرائيل» لأن الضمير لم يجد طريقه إليها، إنما هو من خوالد جرائم التاريخ الكبرى التى لن يمررها الزمانُ، ولن تصفحُ عنها الأجيالُ القادمة، ولن يخفُت سوادُ مِدادها مهما تقادم كتابُ التاريخ.

هذا المقالُ موجّهٌ إلى «الطيبين» من أبناء الشعب المصرى الذين يظنون أن الحلَّ يكمنُ فى فتح مصر معابرها لأبناء غزة، وتنتهى الكارثةُ بجرّة مِصراع باب! غافلين عن كونهم يقولون: «آمين» للمخطط الصهيو- أمريكى فى محو كلمة «فلسطين» من الوجود! من العار أن نجعل من أنفسنا «سيفًا» فى يد عدوّنا نقدمُه له طوعًا لكى ينحر به أعناقنا!! أىُّ غفلةٍ وأىُّ عبثٍ وأىُّ سذاجة؟! كَبُرَ مقتًا عند الله أن نُسكنَ العذابَ فى جوف الرحمة، وأن نُلبسَ الظلمَ ثوبَ الإنسانية! كلُّ مواطنٍ مصرىٍّ يقطرُ قلبُه دمًا على ما يحدث لشقيقه الفلسطينى منذ انفجار ٧ أكتوبر، والشهداءُ فى غزة يتساقطون على مدار الساعة حتى تجاوز عددهم خمسين ألف شهيد، بينهم أطفالٌ ونساءٌ ومسنّون، ونصف هذا العدد مصابون ومفقودون تحت الأنقاض، وقرابة الـ٩٠٪ من المتبقين من سكّان غزة نزحوا من ديارهم هربًا من القصف الغاشم الذى دمّر أحياءهم بالكامل، يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائى، مع وجود قرابة الـ٤٠٠٠ طفل معرضين لخطر الموت بسبب سوء التغذية. ومصر لم تقف يومًا مغلولة اليد عن مساعدة أشقائنا الفلسطينيين فهو واجبها وحقهم. لكن الحل ليس فى فتح المعابر لكى نقدّم «فلسطين» على طبق من فضّة لإسرائيل وأمريكا، وهو الحلم الصهيونى الخالد الذى حال دون حدوثه دماءُ المصريين التى تُراقُ منذ عام ٤٨ وحتى حرب ٧٣. الموافقة الغافلة على التهجير القسرى لأبناء غزة ليس سوى تفريغ كامل للقضية الفلسطينية من مضمونها، ذاك أن أرضًا بلا شعب يعنى أن تتبدّل هُوية هذى الأرض لتنسرب من يد أصحابها إلى يد المحتل. هذا التهجيرُ المقيت الذى ترومه أمريكا وبنو صهيون ليس وحسب شطبًا لقضية فلسطين من الوجود، بل هو هدرٌ ظالمٌ لدماء شهداء مصر الذين قضوا دفاعًا عن حق فلسطين فى الوجود. وفى كل بيتٍ مصرىٍّ صورةُ شهيدٍ معلّقة على جدار، فكيف ننظرُ فى عيونهم الشاخصة ونحن نهدرُ دماءهم تحقيقًا لمطامع إسرائيل التى لا تشبع؟! تُريد أمريكا ومعها آلةُ القهرِ الصهيونيةُ أن تقتلعَ الفلسطينى من أرضِه، لتُعيدَ فصولَ نكبةٍ جديدةٍ، تُشبهُ جُرحَ ٤٨، بل أشدُّ قسوةً وأعمقُ نزفًا. فكيف نجحت الآلةُ الإعلامية الأمريكية الكذوبُ فى استمالة قلوب الغافلين من المصريين لتجنيدهم فى مخططها الفاشى؟!

الحديثُ عن تهجير الشعبِ الفلسطينى ليس شائعةً عابرة، ولا كابوسًا مُتخيّلًا. بل هو مخطَّطٌ يُرسمُ على طاولاتِ الساسةِ فى عواصمَ بعيدةٍ، تُديرُها أيدٍ لم تعرفْ يومًا معنى الوطنِ، لأنها لم تُجربْ فقدَه. يريدونَ أن يُفرغوا غزةَ من أهلِها، ويحوّلوها إلى صحراءَ بلا نبض، كى يُكملوا احتلالَ فلسطينَ بأكملِها، ويُنهوا ما بدأوه منذ عقود. إن تهجيرَ الفلسطينيين ليس شأنًا فلسطينيًّا فحسب، بل هو شأنٌ مصرىٌّ وعربىٌّ وإنسانىٌّ. لأنّ اقتلاعَ الفلسطينى من أرضِه هو فى جوهرِه هدمٌ لأمنِ مصرَ القومى، واستباحةٌ لكرامةِ العربِ جميعًا. من يُفرِّطُ فى فلسطينَ اليوم، يُفرِّطُ فى أرضِه غدًا، ومن يظنُّ أنَّ النارَ ستقفُ عند حدودِ غزةَ، فهو لم يقرأ التاريخَ جيدًا. مصرُ لن تكونَ بوابةً لتمريرِ هذا المخطَّط، ولن تكونَ شاهدَ زورٍ على نكبةٍ جديدة. فسيناءُ مصريةٌ، لا مَنفًى للفلسطينيين، وأهلُ غزةَ لهم وطنٌ اسمه فلسطين، لن تُمحى ملامحُه ولو اجتمعتْ قوى الأرضِ على طمسِها. الفلسطينىُّ لن يتركَ أرضَه، مهما تجبّرت آلة الغشم الصهيو- أمريكى. فهو ابنُ الترابِ الذى ارتوى بدماءِ شهدائه. لن يُلدغَ العربىُّ من الجُحرِ ذاته مرتين، ولن يُسمحَ بأن تتحوَّلَ غزةُ إلى نكبةٍ جديدة، ولا أن تُبادَ فلسطينُ تحتَ سمعِ العالمِ وبصرِه. وإن كان الغربُ لا يرى، فنحنُ نرى. وإن كانوا لا يسمعون، فالتاريخُ لا يصمُت. شكرًا للقيادة المصرية الواعية التى تحمى فلسطين مثلما تحمى مصر.

 

omantoday

GMT 20:15 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

GMT 20:12 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لا تعزية حيث لا عزاء

GMT 20:11 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حطب الخرائط ووليمة التفاوض

GMT 20:10 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

خرافات العوامّ... أمس واليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لماذا فشلت أوسلو ويفشل وقف إطلاق النار؟

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

الخصوصية اللبنانية وتدوير الطروحات المستهلكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التهجير هدرٌ للدم المصرى والعربى التهجير هدرٌ للدم المصرى والعربى



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 21:21 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 18:09 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 17:31 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

يولد بعض الجدل مع أحد الزملاء أو أحد المقربين

GMT 17:00 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 19:12 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 23:46 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تمرّ بيوم من الأحداث المهمة التي تضطرك إلى الصبر

GMT 04:28 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:30 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 19:31 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 16:52 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

تستفيد ماديّاً واجتماعيّاً من بعض التطوّرات

GMT 04:32 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:26 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 09:21 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الميزان

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تواجهك عراقيل لكن الحظ حليفك وتتخطاها بالصبر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon