الرهان على النظام السوري رهان على داعش

الرهان على النظام السوري.. رهان على "داعش"

الرهان على النظام السوري.. رهان على "داعش"

 عمان اليوم -

الرهان على النظام السوري رهان على داعش

خيرالله خيرالله

من يراهن على أن بشّار الأسد “جزء من الحل”، كما يقول مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، إنّما يراهن على بقاء “داعش”، لا لشيء سوى لأنّ “داعش” والنظام السوري وجهان لعملة واحدة. كل منهما يعمل في خدمة الآخر.

من هذا المنطلق، يفترض بدي ميستورا توضيح كلامه نظرا إلى النظام السوري علّة وجود “داعش”، هو والذين يدعمونه في موسكو وطهران. مثل هذا الدعم هو الذي يوفّر الحاضنة التي مكّنت “داعش” من التمدّد في سوريا والعراق، في ظلّ فراغ كبير اسمه السياسة التي تتبعها إدارة باراك أوباما. هذه الإدارة التي يبدو أنّها تعمل كلّ شيء من أجل تفتيت الشرق الأوسط وإعادة رسم خريطته من منطلقات جديدة.

يمكن لإدارة أوباما، التي تعرف قبل غيرها أن لا مستقبل لـ”داعش”، استغلال وجود هذا التنظيم إلى أبعد حدود. ولذلك نراها تضع خطة مدّتها ثلاث سنوات للانتهاء من “داعش”، في حين أنه في الإمكان محوه من الوجود في حال وجود نيّة حقيقية لذلك.

في النهاية، يمكن لتنظيمات من نوع “داعش” أن تتمدّد لبعض الوقت ولكن لا يمكن أن تتمدّد إلى ما لا نهاية. هناك مخلوقات غير طبيعية لا مكان لها في هذا العالم مهما حاولت وفعلت، ومهما تطاولت على الواقع والحقائق التي لا مجال لتجاوزها.

يمكن لـ“داعش” الاستفادة إلى حدّ كبير من النظام السوري والدعم الإيراني والسياسة الأميركية المضحكة المبكية لإدارة أوباما. لكن لا مكان مستقبلا لمثل هذه المخلوقات التي تشبه الإرتكابات أكثر من أيّ شيء آخر.

ليس “داعش” سوى ارتكاب. معروف من بدأ الارتكاب، ومعروف من دعمه، ومعروف من المستفيد منه. من شجّع “داعش” في البداية كان النظام العراقي أيّام صدّام حسين. وقتذاك، لم يكن هناك “داعش” أو غير “داعش”. كانت هناك “القاعدة” وما هو متفرّع عن “القاعدة”. كان صدّام، الذي وقف على رأس نظام عائلي بعثي، يعتقد أن في استطاعته مقاومة الأميركيين عند دخولهم العراق، وأنّ تنظيمات إسلامية متطرّفة ستمكّنه من الصمود. لم تكن هذه التنظيمات سوى أدوات. لم يكن “أبو مصعب الزرقاوي”، الذي هو في أساس “داعش”، سوى أداة موروثة استخدمها النظامان السوري والإيراني في مرحلة ما بعد الغزو الأميركي للعراق قبل ما يزيد على عشر سنوات. كان مطلوبا بعد دخول الأميركيين بغداد والمناطق الأخرى العمل على إخراجهم من العراق والانتهاء من وجودهم العسكري والسياسي في البلد. كان ذلك عائدا إلى سببين الأوّل سوري والثاني إيراني.

كان النظام السوري يخشى، بعد 2003، من أن يتحوّل العراق بلدا طبيعيا يمكن أن يكون نموذجا لما ستكون عليه دول المنطقة. فشل الأميركيون فشلا ذريعا في مشروعهم العراقي. بات المواطنون العراقيون اليوم يترّحمون على نظام صدّام حسين الذي لم يكن لديه ما يقدّمه لهم سوى مزيد من العذابات والبؤس والحروب والمعارك التي لا أفق لها من نوع مغامرة الكويت التي ارتدت عليه.

لكنّ نظام صدّام كان على الأقلّ ضامنا لحد أدنى من الأمن والأمان لمواطن ترتّب عليه قبول حياة الذلّ التي فرضها عليه. الآن، هناك ما هو أسوأ من حياة الذلّ في العراق في ظلّ خروج الغرائز المذهبية من عقالها، وما رافق هذا الخروج من انتشار للميليشيات المذهبية التي لا همّ لها سوى القيام بعمليات تطهير عرقي، في هذه المنطقة أو تلك، خدمة للسياسة الإيرانية القائمة على الاستثمار في المذهبية.

كان الخوف السوري من انتقال الديمقراطية من العراق إلى سائر دول المنطقة. لذلك كان على بشّار الأسد العمل بكلّ الوسائل من أجل إفشال المشروع الأميركي الأصلي الذي سقط بسبب جهل إدارة بوش الابن للواقع العراقي، وما يمثّله هذا البلد على صعيد التوازن الإقليمي. لم يكن الفشل صعبا في ظلّ وجود منظمات إرهابية في العراق، في حاجة إلى من يغذّيها ويدعمها انطلاقا من سوريا، وفي ظلّ وجود إدارة أميركية أوكلت أمور العراق إلى شخصيات من نوع بول بريمر. لم يدرك بريمر معنى قانون “اجتثاث البعث” والنتائج التي ستترتّب عليه، أو معنى حل الجيش العراقي وما سيجلبه من كوارث أوصلت إلى إيجاد حاضنة لـ”داعش” في المناطق السنّية.

كان مفهوما أن يكون لدى النظام السوري هواجسه. فهذا النظام عاش على الاستثمار في غباء البعث العراقي، وغباء صدّام تحديدا. استطاع حافظ الأسد استغلال هذا الغباء إلى أبعد حدود، خصوصا في علاقاته مع دول الخليج، على رأسها المملكة العربية السعودية.

كانت لدى إيران حساباتها التي تتجاوز النظام السوري. كان لدى الإيرانيين همّ السيطرة على العراق. إنّها سياسة إيرانية بعيدة المدى تقوم على استغلال الحرب الأميركية على العراق إلى أبعد حدود.

ما نشهده اليوم يتجاوز السياستين السورية والإيرانية. قلبت “داعش” الطاولة، لكنّها لم تدرك أن لا مكان لها على خريطة الشرق الأوسط. كلّ ما تستطيع “داعش” أن تفعله، بفضل السياسة التي تتبعها إدارة باراك أوباما هو إطالة عمر النظام السوري.

هذا يعني في طبيعة الحال العمل على تفتيت سوريا. هل من عاقل ما زال يظنّ أن في الإمكان إعادة تأهيل نظام أقلّوي شرّد نصف الشعب السوري؟ هل في استطاعة دي ميستورا والذين يقفون خلفه استيعاب هذه المعادلة التي تعني، أوّل ما تعني، أنّ الحل في سوريا يبدأ بخروج بشّار الأسد من السلطة لأنّ ذلك سيؤدي إلى إضعاف “داعش” وكلّ من سار في خط هذا التنظيم الإرهابي.

عاجلا أم آجلا، سيؤدي “داعش” المهمة المطلوبة التي ستقود إلى الانتهاء من سوريا. هذه مهمّة مطلوبة من النظامين السوري والإيراني، ومن إدارة أميركية لا تعرف شيئا عن المنطقة، خصوصا عن سوريا. سيكون هناك تركيز أميركي، أكثر فأكثر، على “الدولة الإسلامية” وما تشكله من مخاطر.

ولكن ماذا بعد؟ ماذا عن مستقبل سوريا؟ هل من مستقبل للسياسة الإيرانية في سوريا؟ هذا النوع من الأسئلة هو الذي تتجنّبه إدارة أوباما التي ترفض، هي ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، الذهاب إلى حدّ التساؤل: لماذا كانت “داعش” ولماذا شجّع النظامان في سوريا وإيران مثل هذا النوع من التنظيمات؟

ولكن من قال أنّ إدارة أوباما تريد حلّا في سوريا؟ من قال أنّ دي ميستورا مهتمّ، فعلا، بمستقبل سوريا والسوريين وملايين المشردين وبالبراميل المتفجّرة التي تقتل يوميا العشرات؟ أين المشكلة بالنسبة إليه ما دام النظام السوري يعيش على حساب “داعش”، فيما “داعش” تتمدّد بفضل الحاضنة التي تؤمنها سياسات تقوم على الاستثمار الإيراني في الغرائز المذهبية؟

omantoday

GMT 20:15 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

GMT 20:12 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لا تعزية حيث لا عزاء

GMT 20:11 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حطب الخرائط ووليمة التفاوض

GMT 20:10 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

خرافات العوامّ... أمس واليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لماذا فشلت أوسلو ويفشل وقف إطلاق النار؟

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

الخصوصية اللبنانية وتدوير الطروحات المستهلكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرهان على النظام السوري رهان على داعش الرهان على النظام السوري رهان على داعش



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 04:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:16 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 21:12 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تكن لجوجاً في بعض الأمور

GMT 21:47 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

يتناغم الجميع معك في بداية هذا الشهر

GMT 19:34 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 19:40 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 23:29 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

عبارات مثيرة قوليها لزوجكِ خلال العلاقة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon