وبعد الإقصاء

وبعد الإقصاء

وبعد الإقصاء

 عمان اليوم -

وبعد الإقصاء

عمرو الشوبكي

صادم ما يكرره الكثيرون فى مصر حين يبدأون حديثهم معك بالقول: لماذا يقود هذا التحالف السياسى عمرو موسى، بعد أن تجاوز عمره السبعين عاما؟ أو يقول لك آخر: كيف يمكن أن تقبلوا رئيس وزراء كفئاً مثل كمال الجنزورى، رغم أنه تجاوز السبعين؟ أو يقول لك ثالث: كيف تقبلون أن يكون للأستاذ هيكل رأى فى أمور البلد وقد تجاوز التسعين عاما؟ وكيف لفلان أن يترشح للبرلمان وقد تجاوز الستين أو شوهد فى برلمان سابق، أو جلس مع الحزب الوطنى أو جماعة الإخوان المسلمين.. المهم البحث فى أسباب غير وجيهة لإقصاء الناس دون بذل أى مجهود فى بناء بديل لهذا الشخص أو الرمز أو الحزب أو المؤسسة، إنما فقط التفنن فى الإقصاء المجانى.
يصدمك البعض حين يهاجم الأستاذ هيكل الذى ترك أى موقع تنفيذى منذ 40 عاما، ويعاقبه على إنتاجه الصحفى المميز، وربما الاستثنائى فى تاريخ الصحافة المصرية والعالمية، وآرائه السياسية التى لا تمتلك أى سلطة إجباراً على تطبيق حرف واحد مما يقول إلا إذا اقتنع به الناس، لأن بسلامته فاشل ولا ينتج أى شىء، فتكون المواجهة ليست فى قراءة ما يكتبه الأستاذ، (لأن القراءة صعبة عليه) ونقدها والخلاف معها، إنما اتخاذ الخيار الأسهل بالقول: كيف يمكن لرجل فى سنه أن يتكلم؟ ومتى ستفسحون المجال للأجيال القادمة؟ وكأن الأجيال القادمة مشكلتها فى اختفاء الأجيال السابقة، وليس فى بناء نفسها وقدرتها حتى ولو بالاشتباك مع الأجيال القديمة.
المدهش أن تجارب الدنيا كلها تجد فيها فريق عمل من كل الأجيال، فقد يكون رئيسه فى الأربعين ونائبه فى الستين كما جرى مع أوباما ونائبه أو بيل كلينتون (كان فى الأربعينيات) ووزيرة خارجيته أولبرايت (فى الستينيات) أو العكس، وستجد فى كل المؤسسات والأحزاب الكبرى فى العالم شراكة بين كل الأجيال إلا فى مصر التى يتفنن فيها البعض بإصدار أحكام بالإعدام على أجيال مازالت قادرة على العطاء لمجرد أنها تجاوزت سناً معينة.
فى مصر مكارثية بشعة وصادمة وحالة هستيريا إقصائية مرعبة، فالكبار يجب أن يختفوا من الحياة والشباب شوية عيال ومراهقين وضيعوا البلد، وهى حالة مرضية لا تبنى طوبة واحدة ولا ترسى قيمة إيجابية واحدة.
صحيح أن مشكلة الأجيال فى مصر ممتدة منذ العهد الأسبق حين عرفت مصر استبعادا جيليا مورس على كثير من الشباب قبل ثورة يناير، بعد أن بقى نظام مبارك يحكم تقريبا بنفس الوجوه 30 عاما، وهو ما دفع بعض هؤلاء إلى ممارسة إقصاء جيلى بعد الثورة، والبحث عن بناء تنظيمات سياسية أو جماعات احتجاجية «نقية» وغير «ملوثة» بأجيال أخرى غير جيل الشباب، فنظروا إلى جيل الوسط (40 إلى 50 عاما) بعين الريبة والتوجس، ونظروا باستغراب لأن الأجيال الأكبر (50 إلى 80) مازالت على قيد الحياة.
والحقيقة أن مصر ليست بحاجة إلى إقصاء أو استعلاء جيلى من أى نوع، إنما شراكة جيلية حقيقية تبنى على معيار الكفاءة والقدرة على العطاء، بصرف النظر عن السن والجيل، ومسألة الشباب و«العواجيز».
فالانتماء للشباب ليس عملاً أو مهنة فى ذاتها، فهناك شباب يتعلم كل يوم وقادر على الاحتجاج والبناء فى نفس الوقت، وهناك شباب يناضل بشراسة على الفيس بوك ولا يعرف عملاً إلا التفنن فى إقصاء الجميع، فى حين أنه غير قادر على إدارة كشك سجائر خلف بيتهم.
الجميع مطالب بأن يتنافس مع الآخرين خارج ثقافة الإقصاء، لأنه إذا تنافس فسيطور من مهاراته وإمكانياته، أما إذا تصورنا أنه أقصى كل من لا يرضى عنهم من «العواجيز» فهل يتوقع أنه قادر على تقديم أى بديل ناجح إذا كان لم يمتلك إلا ثقافة الإقصاء؟ الإجابة بالقطع لا.

 

omantoday

GMT 20:15 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

ثلاثة مسارات كبرى تقرّر مستقبل الشّرق الأوسط

GMT 20:12 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لا تعزية حيث لا عزاء

GMT 20:11 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

حطب الخرائط ووليمة التفاوض

GMT 20:10 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

خرافات العوامّ... أمس واليوم

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

لماذا فشلت أوسلو ويفشل وقف إطلاق النار؟

GMT 20:08 2025 الإثنين ,14 إبريل / نيسان

الخصوصية اللبنانية وتدوير الطروحات المستهلكة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وبعد الإقصاء وبعد الإقصاء



تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 05:08 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

برج الثور عليك أن تعمل بدقة وجدية لتحمي نفسك

GMT 16:24 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 17:11 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

تتخلص هذا اليوم من بعض القلق

GMT 09:26 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج العقرب

GMT 05:12 2023 الخميس ,21 كانون الأول / ديسمبر

القمر في منزلك الثامن يدفعك لتحقق مكاسب وفوائد

GMT 23:29 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

عبارات مثيرة قوليها لزوجكِ خلال العلاقة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday

Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh, Beirut- Lebanon.

Beirut Beirut Lebanon