أخلاق مُفترى عليها

'أخلاق مُفترى عليها'

'أخلاق مُفترى عليها'

 عمان اليوم -

أخلاق مُفترى عليها

د. وحيد عبدالمجيد
بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

ينطوى الحديث المتكرر عن نضوب أخلاق هذا الشعب أو ذاك على إغفال اثنين من أهم المداخل التى لا يتيسر فهم حالة أى مجتمع دون إدراكها والإلمام بأبعادها. الأخلاق ليست مجرد سلوك فردى، ولا تُحسَّنها المواعظ والإرشادات، ولا ترتبط بالتبصير بالفضائل، والنهى عن الرذائل. الأخلاق حالة مجتمعية تتأثر بأنماط التفاعلات بين الأفراد، والجماعات، والفئات الاجتماعية المختلفة.

والمدخل الأول لفهم التغيرات التى تحدث فى أخلاق الناس هو فهم السياق الذى تحدث فيه، عبر تحليل التفاعلات الاقتصادية والاجتماعية بينهم. وكلما ازدادت الفرص التى يُوفَّرها النظام الاقتصادى للعمل وتحقيق الذات وكسب الرزق، وفق قواعد موضوعية واضحة تتيح تنافسًا يعتمد على الكفاءة والمعرفة والموهبة، دون تمييز أو إساءة استخدام نفوذ، إلى جانب حماية الأقل قدرة على خوض غمار هذا التنافس عبر شبكات رعاية اجتماعية، تتحسن حالة الأخلاق فى الأغلب الأعم. فى مثل هذه الحالة، يزداد الميل إلى التعاون، ويقل الاتجاه إلى التناحر والتشاحن، وتتنامى الثقة بين الأفراد والجماعات، وتصبح التفاعلات بين الناس أكثر سلاسة ويُسرا، أو أقل تعقيدًا وخشونة.

وفى مثل هذا السياق، لا يدوس الناس بعضهم على بعض لاغتنام فرص قليلة، ويقل الاعتماد على النفوذ والقوة لحجز أفضل هذه الفرص بغض النظر عن المعايير الموضوعية.

ويسعى كثير من الأفراد، فى سياق مثل هذا، إلى تنمية إمكاناتهم ومعارفهم لتحسين أوضاعهم ومراكزهم، ويكونون أكثر استعدادًا للتعاون، ويكتسب الآخر معنى إيجابيًا، أو على الأقل غير سلمى، بدلا من أن يسعى كل منهم إلى الانقضاض على الآخر الذى يبدو خصمًا أو عدوًا لابد من التغلب عليه.

أما المدخل الثانى المُحدَّد لأخلاق الناس فى أى مجتمع فيرتبط بالمنظومة العمومية، والأسس التى تقوم عليها، والمعايير المعتمدة فيها للتمييز بين الصواب والخطأ، ومن ثم القواعد القانونية التى تُنظَّم التفاعلات، سواء بين الأفراد، أو بينهم وبين المؤسسات.

والمهم فى مثل هذه المنظومة أن يُحترم الإنسان، بمقدار ما يسهم فى تحقيق الخير العام، وأن يحترمها الكبار والأقوياء والأثرياء فى المقام الأول، لتوفير الثقة فى أن الجميع مشمولون بها دون تمييز على أساس الانتماء الطبقى أو مستوى النفوذ. وعندئذ ينتشر الشعور فى المجتمع بأن القانون فوق الجميع، وأن مصلحة كل فرد فى احترامه لأنه الذى يُنصفه إذا لم يحصل على حق له، أو يتعرض لما يراه ظُلمًا وقع عليه.

وما أخلاق هذا الفرد أو ذاك، إذن، إلا محصلة السياق الذى تحدث فيه التفاعلات فى المجتمع. وعلى من يرى أن أخلاق هذا الشعب أو ذاك تحتاج إصلاحًا أن يراجع هذا السياق، قبل أن يرتدى ثوب الوعظ والإرشاد.

omantoday

GMT 23:31 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

أموال وأصوات في بلاد العم سام

GMT 23:30 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

البناء والإصلاح اليمنى

GMT 23:28 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

بأي حال كنت ياعيد..!

GMT 23:27 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

أحمد فتحي شاعر مظلوم

GMT 23:22 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

حملة مطاردة السوريين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخلاق مُفترى عليها أخلاق مُفترى عليها



بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

مسقط - عمان اليوم

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 21:10 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab