الأحزاب المصرية الأزمة والحل

الأحزاب المصرية.. الأزمة والحل!

الأحزاب المصرية.. الأزمة والحل!

 عمان اليوم -

الأحزاب المصرية الأزمة والحل

بقلم:مصطفى الفقي

دأب بعض زملائنا من الطلاب العرب على مداعبتنا فى أثناء فترة الدراسة الجامعية فى ستينيات القرن الماضى قائلين: إنه ليست لديكم أحزاب سياسية.. والتاريخ الحديث يوضح أن حزب الوفد وحده هو الذى ينطبق عليه تمامًا صفة الحزب السياسى من حيث النشأة والشعبية وميلاده فى غمار ثورة عام 1919.. أما الأحزاب الأخرى فهى تجمعات فوقية ذات صبغة كرتونية لا تمت للحزب السياسى بصلة، وكان زملاؤنا يستكملون الحديث قائلين: إن لديكم حزبين كبيرين هما الأهلى والزمالك، ويستكملون ما يقولون بالإشارة إلى أن مصر هى أول بلد عربى ظهرت فيه الأحزاب السياسية منذ ميلاد الحزب الوطنى الأول وارتباطه بعد ذلك بحركة العرابيين والثورة ضد العنصر الأجنبى فى الجيش المصرى فى عهد الخديو توفيق المتآمر على شعبه، ولا شك فى أن ما عبر عنه زملاؤنا من الوافدين العرب فى العصر الناصرى كان ينطبق إلى حد كبير على الواقع فى ظل تنظيم سياسى واحد مع غياب التعددية وانعدام صيغة الحزب السياسية بمفهومه المعاصر، ولقد مضى الأمر كذلك حتى بدأ الرئيس المصرى الراحل أنور السادات فى تبنى مفهوم خاص للتعددية يقوم على فكرة المنابر السياسية التى تحولت إلى أحزاب بعد ذلك ولكن ظلت كالعهد بها أحزابًا فوقية تنشأ بقرار جماعى أو إرادة مرحلية وافتقدت فى معظمها روح الحزب السياسى الحقيقى الذى لا يولد من رحم السلطة ولكن ينشأ من صفوف الجماهير، ولنا حاليًا ملاحظات على التركيبة الحزبية فى الساحة السياسية المصرية يمكن تلخيصها فى النقاط التالية:

أولًا: إن الأصل فى مفهوم الحزب السياسى أنه مدرسة لتدريب الكوادر السياسية على العمل الجماهيرى وكيفية الاندماج فى الحياة السياسية العامة، لذلك فإن التربية السياسية الغائبة فى الإطار الحزبى المعاصر على الساحة المصرية يشير إلى استيفاء الشكل دون المضمون بحيث يصعب التنبؤ بميلاد حزب سياسى حقيقى فى ظل المفهوم المسطح لمعنى الحزب خلافًا لما درج عليه الشراح فى القانون الدستورى حول معنى الحزب السياسي، وهى دراسات تقدمت وكان فى طليعتها آراء الأستاذ الفرنسى (موريس دوفرجيه) وهو ما يعطى الحزب السياسى المعاصر دلالة التدريب السياسى والتثقيف الوطنى فى شئون إدارة الحكم وإبداء الرأى فى ظل ديمقراطية حقيقية تقوم على الأحزاب السياسية المتكافئة نسبيًا، والتى تبدو على صف واحد من الندية فى كل الأحوال.

ثانيًا: إن الحزب السياسى هو غالبًا ابن شرعى لتجمع سابق حول محور فكرى محدد مثل الحركة الفابية التى تمخض عنها ميلاد حزب بريطاني، أو التيار الديجولى فى فرنسا الذى تفرعت منه أحزاب سياسية تراوحت بين الاندماج الكامل فيه أو الابتعاد عنه، بل إن حزب الوفد المصرى هو ابن شرعى لحركة الأمة المصرية فى تفويض سعد زغلول ورفاقه عند المطالبة بحقوق المصريين خصوصًا فى مسألتى الجلاء والدستور، ولا نكاد نجد مثيلًا لذلك فى التاريخ المصرى القريب إلا توقيعات حركة تمرد فى يونيو عام 2013 والتى اندفعت بعدها جماهير الشعب فى تلقائية كاملة دعمًا لحركة التغيير التى قادها عبد الفتاح السيسى وأسقط بها تفرد الإخوان بالحكم فى سابقة لا نظير لها، ولذلك فإن الأحزاب الحقيقية يمكن أن تولد فى ظل ظروف الميلاد الطبيعى للحزب السياسى كما حدث فى كثير من المناسبات الوطنية والدولية التى ينتج عنها مسرح سياسى مختلف ورؤية جديدة بلا رتوش لأنها نابعة من أعماق الجماهير، فعندما ظهر بناء فوقى قام به إسماعيل صدقى باشا فى مطلع ثلاثينيات القرن الماضى كان ذلك نموذجًا للعبث الحزبى الذى لا يستمر طويلًا بل ينتهى به المطاف إلى نهاية مؤكدة بينما الأحزاب المتجذرة فى أعماق التربة المصرية هى تلك التى تظل دائمًا فى وجدان الجماهير وترصع ذكريات العمل الوطنى من خلال تاريخ النشاط الحزبي.

ثالثًا: إن الحزب السياسى يقوم على مجموعة من الرواد يجمعهم فكر مشترك ورؤية متقاربة من خلال نظرة موضوعية للمستقبل ومفهوم موحد تجاه القضايا الرئيسية التى تشغل أمة من الأمم فى واحدة من مراحل تطورها، لذلك فإن الأصل فى العمل الحزبى أنه إضافة إيجابية للعمل العام ودعم له وليس عبئًا عليه، ولعل المشهد الحزبى المصرى المعاصر يوحى بضرورة تفعيل دور الأحزاب السياسية خصوصًا أننى أعترف صراحة بأننى من دعاة الجمهورية البرلمانية أكثر من حماسى للجمهورية الرئاسية ولكن الأمر يقتضى لتحقيق ذلك أن تكون لدينا أحزاب سياسية فاعلة قادرة على إدارة الحوار الوطنى وتحريكه نحو غايات الأمة وإعطاء دفعة من الحيوية لحركة نهضوية تقود البلاد والعباد إلى الأفضل.

هذه نظرة عاجلة، وسياحة سريعة فى أمر له أهميته فى بلادنا خصوصًا فى هذه الظروف التى ندعو فيها إلى تكثيف الجهود وتلاقى الأفكار لدفع مصر إلى الأمام رغم كل التحديات والمعوقات الدولية والإقليمية.

 

omantoday

GMT 09:43 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

كيف يفكر نتانياهو؟

GMT 04:55 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

«ساق البامبو» في سوق التحف

GMT 04:53 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

المنطقة و«اللمسات الأخيرة»

GMT 04:52 2024 الأربعاء ,01 أيار / مايو

بقاء الفلسطيني... وأزمة الانتماء

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأحزاب المصرية الأزمة والحل الأحزاب المصرية الأزمة والحل



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

مسقط - عمان اليوم

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 20:52 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 04:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تتهرب من تحمل المسؤولية

GMT 20:50 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab