نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

 عمان اليوم -

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير

بقلم : فهد سليمان الشقيران

 

مع ذروات الأحداث والحروب تتفجّر معها مجموعة من المفاهيم والأفكار التعبوية، منذ الثورة الإيرانية، وأحداث الحرم بقيادة جهيمان، وليس انتهاءً بحرب تحرير الكويت، ثم أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، إلى ضرب بغداد وأفغانستان في 2003، ثم جاءت موجة الربيع العربي، وبعدها خاضت إسرائيل خمس حروب ضد «حماس»، ومع كل حدثٍ يحاول الثوريون تأجيج الخطاب المتطرف وإعادة بعث النفَس الثوري.

والتطرف يحيا ويقتات ويتغذى على التوترات، ويطرب للأزمات، منها يستمد طاقة مدد هائلة تمكنه من الانتعاش، والآن بعد حرب غزة تحاول منصات «إخوانية» أن تعيد الوهج للربيع العربي الذي فشل في تونس ومصر وعددٍ من البلدان، وارتدّ التنظيم المتطرف للعمل تحت الأرض، وهو يتحسّر على ضياع الفرص التي أتته من أجل إسقاط الدول، والعدوان على مفهوم الدولة، والذي حدث بالأردن يمثّل أكبر مثالٍ على إرادة الانبعاث من جديد، وإعادة بعث أفكار وأساليب التخريب التي حدثت قبل ثلاثة عشر عاماً.

هذا انتبه إليه الوعاة من الكتاب والمفكّرين، ومنهم الأستاذ عبد الله بن بجاد العتيبي في مقالةٍ له، وسبق أن ألف كتاباً بعنوان: «ضد الربيع العربي». يرى بن بجاد في مقاربته الجديدة أن «الأخطر من غزة هو استغلالها لحرق العالم العربي، من عدوٍّ خارجي وعدوٍّ داخليٍ، فنحن أمام إرهاصات ربيع عربي جديد تتم صناعته بنفس الأدوات وذات الداعمين وعين الفاعلين، ولئن كانت الأولويات في الربيع العربي المدمَّر قبل أكثر من عقدٍ من الزمان تقودها (جماعات الإسلام السياسي) وإيران وأوباما، ولكن تحت غطاء رقيق من مفاهيم حديثة مثل (الديمقراطية) و(الحقوق)، لم تلبث أن تلاشت ورجع الأصل حينذاك، فإن الأولويات اليوم تتعلق بمحور المقاومة وجماعات الإسلام السياسي، ولكن تحت غطاء (القضية الفلسطينية)، هذه المرة من منظور جماعات الإسلام السياسي وحركة (حماس)، لا من منظور الشعب الفلسطيني ودولته والدول والشعوب العربية، ولن تلبث أن تتلاشى ويعود التوجه صراحة لتخريب الدول العربية».ويستدل على إرادة بعث الربيع العربي من قبل تيارات «الإخوان» واليسار وما تفرّع عنها بـ«خطاب قائد (حماس) من طهران، يوجه خطابه للشعوب العربية بشكل مباشر محرضاً إياها على صناعة الفوضى داخل بلدانها، بالتصعيد والتهييج والتخريب، ويخطب حسن نصرالله اللبناني قائد (حزب الله) من مكانٍ مجهولٍ يمجّد إيران ومحور المقاومة، واتحاد علماء المسلمين (الإخواني) الذي صنع تحديداً لهدم كل المؤسسات الدينية في العالم العربي يُصدر بياناً يدعو إلى (الجهاد الشامل)، ويحرض الشعوب ضد حكوماتها، ويدعو للمظاهرات والمسيرات والاعتصامات في (جمعة الغضب)، كما سماها، وهذه تحركات تطابق بشكلٍ كبيرٍ ما جرى قبل عقدٍ ونيفٍ في الربيع العربي الأسود».والتطرّف يعيد تشكيل نفسه، وليست القصّة في موضوعات أو حروبٍ أو سجالاتٍ سياسية، وإنما في توظيف الحدث السياسي من أجل بثّ مفاهيم مثل الأمة بوجه الوطن، أو الثورة بوجه الدولة، أو الديمقراطية ضد التنمية، وهكذا يحاولون النفاذ، البعض يرى في هذه الأفكار رأياً آخر، ويطالب باحترام هذا الرأي الآخر، ولكن لا يمكن اعتبار الإرهاب رأياً آخر، وإنما هو عمل إجرامي يجب أن يواجه بسلاح الدولة التي لديها الحق في «احتكار العنف»، كما هي نظريّة ماكس فيبر، الموضوع لا يتعلق بالثورة والمطالبة بالحقّ، وإنما بآيديولوجيا راسخة مؤسسة ولها أصول في كتيبات التنظيمات ومجلاتها ومنصاتها العديدة.

والآيديولوجيا كما يقول أستاذنا الراحل محمد سبيلا: «هي مجموعة الأفكار والآراء والتمثُّلات والتصوُّرات التي تتَّخذ إلى حدٍّ ما طابعاً متناسقاً، والتي تعبِّر عن وضعيَّة وطموح مجموعة اجتماعية ما (مهنية أو سياسية أو عرقية، أو طبقية، أو غيرها)، وتقدِّم لهذه الجماعة تصوّرات تدعم وحدتها وهويتها وربما رسالتها، كما تكون بالنسبة إلى هذه الجماعة بمثابة مخزون من الأفكار الموجِّهة للفعل والمزوَّدة بالمعنى والغايات، والمقدمة إمّا تفسيرات ملائمة لوضعيتها وإما تبريرات لمواقفها وتوجُّهاتها. فالآيديولوجيا في ارتباطها بمجموعة اجتماعية ما هي أفكار غير محايدة أي مرتبطة بهذه الجماعة ومتحيِّزة لها، بحيث يمكن أن تكون أداة تعبئة وتحشيد لصالح هذه الجماعة. والآيديولوجيات السياسية التي تتبناها أحزاب أو هيئات أو حتى دول هي المثال الواضح لهذه الأدوار المتعدِّدة للآيديولوجيا».

أتفق أيضاً مع ابن بجاد حين سبّب هذا التحليل للحدث الحالي، وكتب أن «في أكثر من بلدٍ عربي تتمّ تحركاتٌ وتمهيدٌ لصناعة الفوضى من جديد، عبر خطبٍ وفتاوى وبياناتٍ وجمع تبرعاتٍ، وعبر كل منصات (السوشيال ميديا) المختلفة، ويتم تسخين الأوضاع وإعادة صناعة السخط والإحباط، وتنظيمات الإرهاب تتحرك في روسيا وفي المنطقة، والميليشيات الطائفية تتأهب، والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان وعناصر الجماعة في الغرب تنشط وتتحرك، وجماعات الإسلام السياسي تزيد من تحركاتها في الدول التي لم تصنفها إرهابية؛ كالكويت والبحرين والأردن والمغرب، ويعيدون ترتيب صفوفهم بقوة في السودان في ظل الحرب الأهلية والفوضى».الخلاصة أن تركيز دول الإقليم على الخطر الثوري المحيط المتغطي بقضايا ومظالم معينة لا بد أن يكون عالياً، لقد كانت الأحداث المؤلمة أيام ما عرف بالربيع العربي محدقة، وقد نجت منها دول عديدة استطاعت أن تتعامل مع المشروع التثويري الكارثي، والآن ثمة من يحاول استخدام القضايا العادلة من أجل تثوير ممارسات جائرة، وهذا المشروع من تدبير الإخوان ومحور المقاومة ومن يدور في فلكهما، فالحذر من هذه التطوّرات المتسارعة؛ لئلا يسبق السيف العذل.

omantoday

GMT 08:42 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

عبودية لطيفة

GMT 08:40 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

تحديات القمة العربية في البحرين

GMT 08:39 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

أهكَذا «البدرُ» تُخفِي نورَهُ الحُفَرُ؟!

GMT 08:38 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

عن «الرجل الأبيض»!

GMT 08:36 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

عن «الرجل الأبيض»!

GMT 08:33 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

حافظوا على المقابر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير نيران المنطقة ومحاولة بعث التثوير



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

مسقط - عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 17:00 2020 الجمعة ,28 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:25 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 21:47 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

يتناغم الجميع معك في بداية هذا الشهر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab